البيولوجيا والدين والنساء – أيمن الخطيب – الأردن
العالم الآن – الشروحات الييولوجية الاخيرة قدمت حقائقا تفيد تفوق المرأة على الرجل- بيولوجيا – ؛
فالمرأة أكثر مناعة والانبناء الوراثي أكثر متانة والرصيد العصبي الدماغي الذي تولد فيه المرأة لا يقل ابدا عن نفس الرصيد الذي يولد فيه الرجل .
هذه الحقائق لا تقيم سندا طبيعيا مع ما يتم فهمه في علم الاجتماع والنوع الاجتماعي ” الجندر ” في دول العالم الثالث
بل على العكس اذ جرى تاريخيا ولا يزال يجري الى اليوم
تنميطا ممنهجا للمرأة واستلابا سياسيا اقتصاديا عقائديا وجنسيا ،
ضمن سياسة تشريط مسبقة تحدد دورها في المجتمع وفي أفضل الحالات ” مثلنة ” ايجابية تساهم هي الاخيرة في طمس المرأة وتذوبيها داخل محاليل المفاهيم الاجتماعية المؤدلجة ؛
فالمرأة للإنجاب والمصاهرة و ” رمزا للعار ” يتحدد وجودها بمقدار سلامة غشاء بكارتها وهي فسحة للتفريغ يجري عليها كل انواع الاضطهاد والاحتقان الذي يتعرض له الرجل جراء اعتباط الطبيعة والسلطة معا مقابل توازن وهمي للغاية .
وفي افضل حالاتها هي الأم الحنون ” الارض ” التي تُحرث حسب المرويات الدينية
وبهذا يصادر أيضا خياراتها في كل ما يخصها
فهي ” عامة ” وملك الجميع – ملك الذكورة ومجتمعها وسلطتها الابوية – .
لم تساهم الأديان السماوية او الوضعية او حتى بعض الميثولوجيا السابقة ” باستثناء الاشوريين والسومريين –
في تعديل وضع المرأة او ابراز مكانتها الحقيقية داخل البناء الإجتماعي؛
انما ما حدث هو قطعا هدرها تماما و تكريس تبعيتها للرجل
واعتبارها كيانا ناقصا يجب ان يظل لاحقا ،
حدث ذلك بعد الانتقال من المجتمعات المترياركية الامومية الى المجتمعات البترياركية الابوية فيما عرف ب
– لحظة الانكسار التاريخي للمرأة –
والتغير الذي طرأ في شكل عناصر الانتاج والتحول الى العصر الزراعي ثم الاقطاعي ،
اذ كانت المرأة هي التي تقود المجتمع وهي المسؤولة عن عناصر الانتاج ،
وحتى يتخلص الرجل من سلطة المرأة بعد كل هذا التحول كان لزاما عليه أن يأتي بالأديان و تقديمها كأجوبة للخلاص
وعقيدة لا يجوز تجاوزها
فتم تذكير ” الاله ” وجاءت النصوص الدينية ذكورية بالمطلق تحاكي واقعا جديدا وتخدمه كان قد بدأت ملامحه تظهر على شكل التجمعات السياسية الاجتماعية الناشئة آنذاك.
بقي أن نقول
ان المجتمع الأبوي شكل حجر الأساس للمجتمع الرأسمالي
الذي يهيمن على كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية
ولأن الاديان جاءت وفق نفس رأسمالي كبير سيما فيما يتعلق بالحقوق الفردية والتوزيع الانتاجي
يشهد العالم العربي الذي غرف من خزانات دينية متعددة
يشهد واقعا بائسا تجاه موقع النساء والموقف منهّن
ولا يزال الى اليوم يجترح نصوصا وامثالا وافكارا وأغاني واحاديث يراد لها أن تعزز عجز النساء وضعفهن
هدرهنّ في كل المستويات.
أخيرا وليس آخرا ،
ان الحاجة الملحة اليوم في اعادة تفسير وفهم النوع الاجتماعي ” الجندر ” ليس ترفا ثقافيا او فكريا او تخمة في البحث فائضة عن القيمة ،
انما ضرورة لاستعادة المكانة الحقيقية للمجتمعات بشكل يضمن لها حضورا حضاريا وقويا مقابل المجتمعات التي انجزت تقدمها وتداوت من جرح الرجل النرجسي ضد المرأة وتحررت من كل عقدها الايدولوجية والتاريخية والدينية.
…
أيمن الخطيب ” أ.خ ”
الحكيم