“كومستير” المرأة عدوة نفسها – شادن صالح – الأردن

0 2٬918

 

العالم الآن – يقول مصطفى حجازي، في كتابه “التخلف الاجتماعي. سيكولوجية الإنسان المقهور”:قهر المرأة يبدأ من خلال استلابها عقائدياً. ويتحقق هذا الاستلاب حين تتبنى المرأة اعتقادات الرجل تجاهها، بدونيتها وضرورة تبعيتها له بحكم تفوقه عليها وبأن جسدها عورة، فتتعايش مع هذا القهر وترضى به لدرجة تطمس إمكانات الوعي لديها وتجعل من الرغبة في التغيير والتحرر صعبة التحقق. وهنا تصير المرأة عدوة نفسها والمتواطئة الأولى ضد نفسها. والتغيير الاجتماعي الحقيقي لن يتحقق إلا بكسر هذا الرضوخ الكامل للرجل وكسر التابوهات والمسكوت عنه في ما يخص وضع المرأة وعلاقتها بالرجل نجد لنموذج هذه المرأة المستميتة في الدفاع عن الرجل نسخة في أغلب المجتمعات، لا سيما المجتمعات العربية. وقد وصفت إحدى النسويات هذا التصرف الموالي للرجل محقا كان أو مخطئا بنوع من خيانة النساء لبنات جنسهن وسبب من أسباب تدهور حقوق النساء. فنحن لا نجد في الأغلب نموذجا مماثلا بين الرجال، مستميتا في عدم انحيازه لابناء جنسه وتبنيه لحقوق المرأة، مقارنة بما تفعله النساء ببعضهن البعض.

حسناً ..سنبدأ من حيث أولويات واهتمامات المرأة فنجد أن من أكثر المواضيع تداولاً على صفحات المجلات النسائية نجد عنوان ” كيف تنجبين ذكراً ” فمجرد علم المرأة بحملها تنتشر الهواجس في كل زاوية من زوايا عقل المرأة وكيف ستنجب ذكراً حتى ينقل لقب العائلة الى الأجيال القادمة.

لكن السؤال هل ينقل الذكر لقب عائلة الام المستميتة لإنجابه. قطعاً لا …فتتمنى المرأة بطريقة ما إنجاب الذكر .. ويعتليها الشعور بالمقت إن علمت أنها حامل بأنثى ويزداد هذا المقت إن تكرر إنجاب الإناث لديها ..

من الأمثلة على عداوة المرأة لنفسها أن نجد الفكرة التي تقول من الممكن والوارد جداً أن يتزوج الشاب من فتاة تكبره بعدة اعوام فتثور الأمهات ويظهرن الرفض التام وربما المطلق لهذا الزواج …

” المطلقة ” … هذه الكلمة التي تسبب نوعاً من الحساسية لدى النساء قبل الرجال وكأنها صفة تجلب العار للانثى .. مما يشعر الأنثى نفسها بنقص ما من نوع ما أيضاً لا أستطيع شخصياً تفهمه وينعكس لا شعورياً على المجتمع المحيط بها.

أما الرجل ” المطلق ” وإن كان – بتشديد وفتح اللام – فهذا لا يعيبه لشيء وقد يعيد الكرة ويتزوج ببنت عذراء أما إذا عكسنا الموقف فلن تقبل الأم بزواج إبنها المطلق بأخرى مطلقة.

أو تلك التي تحث ابنها على تعنيف زوجته وتكيل السباب للنساء اللائي لا يفهمن الا لغة الضرب.. حتى اذا جاءتها ابنتها وقد عنفها زوجها ، جزعت وحزنت وأقامت الدنيا ولم تقعدها..

من الأشياء التي قرأتها ذات مرة بأنه وبحسب المحلل النفسي سيغموند فرويد، تكمن أصول هذا العداء في كره الفتاة الصغيرة لذاتها الناقصة تحت وطأة مقارنة لاواعية تقوم بها حول اختلاف بنيتها الجسدية عن بنية الذكر، ثم تسقطه (بشكل لا إرادي) على أشباهها من الإناث في الصغر (والنساء في الكبر)، رفقاً بتلك الذات واقتصاداً في شحنة المشاعر السلبية المرافقة لكره للذات الدفين في الاوعي، حسب رأيه.

هو كره تستمر وطأته ثقيلة على مشاعر الإناث حتى في حياتهن الراشدة. لكن الكثير من النساء يبقين مسجونات نسبياً، في طفولتهن. وهي “طفولة” تستقرّ في الرشد وتكاد لا تفارقه، لأنها تلقى تعزيزاً من المنظومة الجندرية الأبوية التي تضع النساء في ذلك الموقع تسهيلاً للتحكم فيهن..

لكن هل يقف الرجل أمام نطيره الرجل إن كان في إطار حقوقه، وأن الرجال المدافعين عن النساء والمنحازين لهم ضد بني جنسهم قلة قليلة مقارنة بما تفعله النساء.. لا يمكن ان تلقى للنساء المستميتات في الدفاع عن الرجال مثيلا بين الذكور، فبعضهن يدن بالولاء التام للرجل ويخدمنه بكل حب و وتفان ويطعن أمره، ظالما أو مظلوما..

أكاد أجزم أن المجتمع بكل تفاصيله وعاداته وجهله أيضاً هو عدو المرأة … ولن يكون عدواً للمرأة الواعية المثقفة ..

المرأة الواعية والمثقفة تحتاج الى رعاية وتربية منذ الصغر لإنشائها على قيم تؤمن بقدراتها وهذا يقع في المقام الأول على عاتق الأم التي تقوم بتهيئة إبنتها للتأقلم مع الواقع الموجود وليس التمرد عليه، فهي مجبولة على مراعاة مصالح ابنائها،  وليست  معنية باحداث ثورات اجتماعية، إلا أن التعليم الصحيح للأبناء والعدل بين الذكور والإناث من شأنهما أن يحدثا فرقا على المدى الطويل.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد