لا تراهن – سهير جرادات – الأردن

0 463

العالم الآن – لا تراهن على شعب نفد صبره ، وأعياه القهر من طغيان الفساد ، وسلبته الواسطة حقوقه ، ودمرت المحسوبية أحلامه ، واستنزف الغلاء الفاحش دخله، وأرهقته الضرائب التي تتضاعف باستمرار؛ فعجز عن مجابهة أعباء الحياة المتزايدة بعد أن نفد ما في جيبه ، حتى تفاقت تكلفة المعيشة المرتفعة أصلا، فأثقلت كاهله ، ولم تعد تتاسب مع ما يكسبه بجهده وحبات العرق التي تتصبب من جبينه.

لا تراهن على من أعياه التعب واللهاث خلف رغيف الخبز الدائري الشكل ، مما يكسبه القدرة على الدوران ، وما على المواطن سوى اللحاق به ، خاصة بعد أن وصل إلى أعلى مستويات الاسعار ، فوصل إلى القمة التي لا يليها سوى منحدر المطالبة بالاصلاح والصلاح حتى لا نهوي جميعا إلى الهاوية
لا تراهن على شعب يجوع ،بعد أن نهب خيرات بلاده 100 شخص يتمتعون بخيرات الوطن ومقدراته ، وما عليه سوى الوقوف متفرجا صامتا وهو يدفع الضرائب لسد العجز في خزينة الدولة المترتبة من فسادهم ، فلم يعد يحرز تقدما بعد أن تراجع وضعه المالي ، وقلت فرصه في الحصول على أبسط حقوقه في العيش الكريم ، فتحول إلى شعب مقهور بعد أن حصرت المناصب وتداور كراسيها 303 شخصية من أصحاب الحظوة ، منهم من لم يولد في هذه البلد، او ولد فيه وقضى معظم حياته بعيدا عنه ، وحتى لم يتلق علومه فيه ، ولا تربطه أي علاقات مع أبنائه ،ولا ذكريات مخزنة في ذاكرته تجاه أرضه ، وكل ما يميزه أنه من اصحاب ” الولاء النفعي ” .

ولكن راهن على شعب حر ، حريص على الوطن والنظام ، شعب واع جعله التطور التكنولوجي ، ليس بعيدا عن الاحداث ومجرياتها، لسهولة وسرعة وصول المعلومة في زمن انتشار وسائل الإعلام الحديث ، فلم تعد المعلومة تتداول في نطاقات ضيقة ، بعد أن أصبحت متوافرة على مدار الساعة ومن خلال جهاز الخلوي الذي لا يفارقه ، فصار أكثر وعيا بما يدور حوله من قضايا فساد وحيثياتها ، وأكثر اطلاعا على الخراب الذي خلفته الواسطة والمحسوبية.

المرحلة تحتاج إلى “كبر عقل “من الجميع ، فلا يعقل أن يأتي العقل من الشعب، والحكومات لا تحرك ساكنا ، إذ يجب التوقف فورا عن إعادة انتاج أفلام هزيلة السيناريو ، وضعيفة الأداء والتمثيل ، ولا يرتقي اخراجها إلى مستوى الشعب المتلقي ، الذي غلب المنتج في تحليل المضمون ، وعرى كاتب النص والمؤدي لضعف أدائهما.

فالأمور أصبحت بحاجة إلى وقفة جميع الأردنيين الشرفاء، الوطنيين المحبين لوطنهم … وقفة تضم جميع مكونات واطياف الشعب الذي وحدته المواجع والمصير الواحد ، والهم المشترك ، و جمعتهم المحبة لوطن لم يبخل لا على أبنائه ، ولا على من احتاجه بعد أن اجبرته ظروف بلاده اللجوء الى الأردن، الذي اثبت خلال تاريخه انه البلد الوحيد – لطيب أهله – الذي لم يغلق يوما قط بابه في وجه من احتاجه ، لذا يتوجب من الجميع من الشرق والغرب ، والشمال والجنوب ، والموحدين من اهل الجمعة ، وأهل الكتاب ، أن يتنادوا لعقد مؤتمر وطني لانقاذ الوطن من الفاسدين والمفسدين ، والوقوف على واقع الوطن لحمايته من الخطر المقبل ، وصولا إلى اصلاح حقيقي، لا وعود هزيلة من الحكومات .

وهذا يتطلب من رجالات البلد العقلاء ، أن يكونوا قوى ضاغطة من خلال مجموعة تعمل على تحديد المشكلات ، وتطرح الحلول ، تنضوي داخلها جماعات من الشعب، يلتقون جميعهم في تحليل واقع الحال ، وما آلت اليها الأمور ، ووضع الخطط والحلول ، في وقت بدأ يشعر الجميع بالخوف على الوطن بعد أن اتسعت رقعة الفساد ، وبيعت مقدرات البلد جراء سياسات خاطئة مورست سابقا .

لا تراهن .. لا تراهن .. لا تراهن .. إلا على حب الأردني لأردنه ، وحرصه على وطنه وحمايته ، لانه يعرف تماما لذة طعم الوطن وعزته ، فقدره واحترمه وحافظ عليه، مترجما ذلك على ارض الواقع بالاخلاص والحب لكل ذرة من ترابه.

[email protected]

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد