فشة غل – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – الزهق والملل، هما رفقاء ليالي المربعاينة الطويلة ذات البرودة الشديدة، وبدلا من “التفشش” بغزو بقايا صحون الطعام ، وفرض السيطرة على ” ريموت ” التلفزيون ، قررت استثمار وقتي باعادة المشاهدة للمرة الالف مسرحية ” الان فهمتكم ” للمبدعين: الفنان موسى حجازين، والمؤلف الكاتب احمد حسن الزعبي .
فاختلطت دموع الضحك بدموع الحزن على واقع الحال التي وصلنا اليها، بل ما أوصلونا اليها، خاصة عندما وصلت الى المشهد النهائي ، حين أصدر بطل المسرحية ” ابو صقر” البيان رقم ( 1 ) محاولا توضيح موقفه، واسترضاء افراد عائلته ، التي ضاقت ذرعا بتصرفاته وتجبره وحرمانه لها من ابسط سبل العيش الكريم بعد أن سيطر على ارزاقهم ، وتفرد بالصلاحيات ، واصبح يتمتع برغد العيش وحدة ، الا ان محاولاته جميعها باءت بالفشل الذريع .
الا ان جلبة في العمارة شدتني، واستوقفتني، واذا هو صوت جارتنا قد احتدت وتيرة نقاشها مع زوجها، لانها رفض الاستماع لمطالبها في تخصيص مبلغ من المال لشراء مستلزمات الشتاء القارص للاولاد ، والمتمثلة بملابس جديدة حيث ان نمو الابناء السريع جعل ملابسهم صغيرة عليهم، أي ” مقزمطه” .
وفي محاولة من الجار ان يهدىء من ثورة زوجتة الغاضبة والمعترضة ، طرح عليها فكرة ” تقييف ” ملابس الآخ الأكبر ليلبسها الأخ الصغر ، وهكذا مع بقية الابناء ، وقبل ان يكمل طرح فكرته صاحت الزوجة: والكبير، ماذا سيلبس؟! ، فرد زوجها: استعيري من ملابس ابن أختك ” المدلع ” ، وحيد والديه ، فلدية خزانة مليئة بالملابس التي لايستعمل كثيرا منها، واستطرد قائلا : ول ” قرضة ” ! ، ما بدها اختك ، خليها تهدينا اياهم، شو الغلط !؟ عندها ثارت ثأئرة الجارة ، وصرخت بوجه زوجها : عيرة!!!!.. شو ناقصنا حتى نستعير من أختي ملابس ابنها ” المسقع ” لابننا الكبير؟!
وهنا تأججت ثورة غضب الزوجة صارخة: شو عدا ما بدا ! ، في فترة خطوبتنا رفضت حتى الاستماع لفكرة ” استعارة ” فستان العرس من صالون الشعر الموجود في آخر حارة بيت أهلي ، واليوم لا تمانع من استعارة ملابس لابنائنا !.. عجبي!!!
وجاء رد الجار بعصبية وبصوت حاد : الحق عليَّ ، حاولت ان احافظ على منظرك ، وكرامتك وهيبتك امام اهلك ، قبل ان احافظ على كرامتي وهيبتي امامهم ، فقاطعتة الزوجة متسائلة بحدة: واليوم ، أين ذهبت كرامتنا وهيبتنا انا وانت والابناء امام أهلي؟ خاصة بعد ان نستعير ملابس لابننا من ابن اختي ” بارد الوجه ” ؟، ولا بطلت تفرق معك ، يا “سبع البرمبه” ؟! ولا ما عاد النا هيبة بين العيلة !؟
ساد السكوت في العمارة ، وما هي الا دقائق حتى عاد صوت الجار مدويا من جديد ، بقوله : خذي هي الفلوس ، الله لا يشبعك لبس ، لا انت ولا اولادك ، اشتريلهم ملابس وحاولي يكونوا باسعار تفضيلية بس استرينا بين الغُرب قبل القرب ، فضحتينا بالعمارة ، حتى صرنا سيرة على كل لسان ، ومصدر للتندر بين خلق الله!!!
وانتهى الحوار ، بين الطرفين بـ ” فشة غل ” ما منها نفع ..!!!!