حلول فلسطينية على الطريقة البلجيكية – د. غالب سعد – الأردن
العالم الآن – يطلق الفلسطينيون على أنفسهم أحياناً، البلجيكيين، وتقول الرواية، أنهم في بدايات الثورة حصلوا على صفقة أسلحة فردية بلجيكية، فكان من الأسلم والأقل حساسية، الحديث عن بلجيكي، كناية عن الفلسطيني في الظروف الملتبسة، حضرتني هذه القصة عندما قضيت أربع سنوات في بعثة الجامعة العربية في بروكسل، وتعايشت مع التركيبة البلجيكية المعقدة، وكيف يديرون اختلافاتهم العرقية والثقافية والجغرافية، بفعالية ونجاح، من خلال نظام سياسي لا مركزي، يساير الواقع بكل مرونة وذكاء، هناك تذكرت صراع الفلسطينيين المستعصى مع الإحتلال والمستوطنين، والتداخل الجغرافي والديمغرافي، بين حدود التقسيم وحدود النكبة 48، حدود نكسة 67 وحدود اوسلو ومناطق أ، ب ، ج، وضع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر والفلسطينيين في القدس بعد عزلها وضمها من قبل اسرائيل، ولاحقا أضيف الى كل هذه التقسيمات والتداخلات، الشرخ الجغرافي والسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، على خلفية الصراع بين حركتي فتح وحماس، والصراع داخل فتح نفسها، بين مركزية رام الله وتيار الاصلاح، بقيادة محمد دحلان.
المقاربة البلجيكية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، موضوع هام، ربما نعود اليه بشكل مستقل ومفصل، وأكتفي اليوم بدعوة الإخوة الفلسطينيين، للنظر في معالجة الإنقسام بين الضفة والقطاع على الطريقة البلجيكية، وهو نموذج من اللامركزية الإدارية الموسعة، لا تتوقف عند لامركزية المؤسسات والأنشطة الرسمية، بل تتعداها الى “لامركزية تنظيمية” أيضاً،على مستوى الأحزاب والمنظمات والقوى الفاعلة، فعلى سبيل المثال، أن يتوحد أبناء فتح في القطاع، في تنظيم واحد، ينتمون لنفس المنبع الفكري، ويعيشون نفس الظروف، ولهم نفس الإهتمامات والبرامج، ويمكنهم التواصل فيما بينهم، بدون عوائق جغرافية وغيرها، اليس هذا أنفع لهم ولمجتمعهم ولقضيتهم، اليس هذا منبع قوة لهم جميعا، في إطار الشراكة مع القوى الأخرى، والعمل على تحسين إدارة القطاع والتنمية الشاملة فيه، أليس في ذلك قيمة مضافة حتى لزملائهم في تنظيم فتح في الضفة، وأفضل بكثير من وضع التشرذم الحالي، وعلى نفس النسق يمكن ان يعمل تنظيم حماس في الضفة، وغيرة من التنظيمات، بحيث يركز الجميع على ما يسطيع عملة بأقل تكلفة وأفضل عائد ممكن في المناطق التي يستطيعون التحرك فيها، دون تضييع للوقت والجهد، في مناكفات عابرة للحواجز، لم تعد تنتج شيئا،،،
على كل حال هكذا تعمل الأحزاب والتنظيمات والمنظمات البلجيكية، بين المناطق المتفق عليها دستوريا، فرنسية وفلمنكية، وبروكسل العاصمة.
[email protected]