مجلس النواب وفرص النهوض والإصلاح – عامر غزلان – الأردن
العالم الآن – “تفيد اللقاءات مع أعضاء الكتل النيابية في مختلف المناسبات، بوجود حالة من عدم الرضى لدى النواب عن بيئة العمل النيابي حولهم، هناك نداءات أكثر صراحة يوماً عن يوم، تعبر عن عدم الرضى عن مساحة العمل النيابي التي تحددها مواد الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب،وهناك حالة من النقد الصريح من أعضاء المجلس لطبيعة العلاقة التي تربط النواب ببعضهم، وهنا لا يكون النقد موجهاً للعلاقة بين الاعضاء من الكتل النيابية المختلفة، بل للعلاقة بين أعضاء الكتلة الواحدة انفسهم، التي يفترض بهم التحرك والعمل كجسم مؤسسي واحد يجمع أعضاءه داخل المجلس، ما يجمع أعضاء الحزب الواحد خارج المجلس، البرنامج المشترك، أو التوجه المتقارب على الأقل، لكن هذا لن يكون، طالما أن أعضاء المجلس أنفسهم لم يأتو للمجلس على هذا الأساس.
وفي هذا الجانب بالتحديد أعتقد أنه ليس مناسباً توجيه اللوم للنواب وحدهم على هذه الحالة، لأن النواب ليسو هم وحدهم من رسم الشكل الحالي للعمل السياسي، بل الحكومات التي قدمت مشاريع قوانين الإنتخاب، وقوانين الأحزاب وانظمة تمويلها اللاتقدمية أيضاً، لم تفسح هي المجال امام العمل الحزبي المنظم، المبني على المبادرة والتكاتف المؤسسي، بل حولته بفضل هذه القوانين والأنظمة المشوهة، إلى عمل تهافتي على ال50 ألف والجاهات والوجاهات والدعوات للاحتفالات واللقاءات، الحكومات لم تكفل خوض الانتخابات النيابية على أسس حزبية أو برامجية أيضاً، حتى يصبح لدينا مجلس نيابي مشكل على هذا الأساس، حتى نحمله كامل المسؤولية،وإن كان ذلك لا يعفي النواب من موقعهم الدستوري من مسؤولية إصلاح هذا الشكل بحالته المتردية، إلا انه من غير المنطقي الإنجرار نحو تحميلهم كل المسؤولية، بدون تقديم حلول بامكانهم تنفيذها عقابيل كل هذا التقصير الحكومي.
إن النقلة النوعية بالعمل النيابي لا بد لها أن تمر بقناتين مهمتين، في القناة الأولى، يجب إحداث تغيير في تكوين الكتل النيابية، لتقوم على أسس حزبية، وذلك يتوقف على إصلاح قانوني الإنتخاب والأحزاب، بما يكفل خوض الإنتخابات وفق نظام القوائم الحزبية النسبية على مستوى المملكة، حتى يصبح الرابط بين اعضاء الكتل النيابية “برامجياً” “مؤسسياً”، يؤسس لخلق شكل حديث للعمل النيابي، بعيداً عن العمل المبني على العلاقات الشخصية والمناطقية التي تربط أعضاء المجلس ببعضهم وأعضاء الكتلة النيابية الحالية بالتالي.
في القناة الثانية، المجلس بحاجة إجراء إصلاحات في النظام الداخلي، وهناك بصيص أمل، يُظهر أن هناك اهتمام نيابياً في هذا الاتجاه، بعد عدة لقاءات جمعت رؤساء وممثلي الكتل النيابية ومركز القدس للدراسات السياسية، وجهت الكتل النيابية الثمانية في الأسابيع القليلة الماضية مذكرة إلى رئيس المجلس، قدمت فيها مقترحاتها لمأسسة عمل الكتل النيابية، أكدت فيها أنه لا بد من إجراء إصلاحات للجوانب التي بينت بالممارسة العملية انها بحاجة للتطوير في مواد النظام الداخلي للمجلس، عبر تكريس مبدأ التمثيل النسبي الملزم للكتل في اللجان الدائمة للمجلس، حيث يكون للكتلة النيابية نسبتها من مقاعد اللجان بقدر نسبتها من عضوية المجلس، حتى تتمكن الكتلة من تطبيق برامجها عبر مناقشات اللجان المختصة، بالإضافة لإجراء تعديل يسمح لأي حزب سياسي لديه خمسة نواب فأكثر من تشكيل كتلة نيابية، حتى تتسنى الفرصة امام الأحزاب للتعبير عن نفسها في صورة العمل النيابي، ذلك بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي اللازم لتمكين الكتل من القيام بمهامها.
وأمس الأربعاء وتحت رعاية رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة، إلتقت الكتل النيابية ومركز القدس مجددا لمراجعة مواد النظام الداخلي، لدراسة مجموعة مقترحات جديدة، والتوافق على أكثرها أولوية، حتى تمر هذه المقترحات لاحقاً بقناتها الدستورية عبر المجلس. على حجم التفاؤل التي تظهره هذه الجهود، إلا أن القدرة على ترجمتها إلى واقع جديد، هو رهنٌ بيد النواب أنفسهم، إما التحديث والاستمرار، نحو مجلس نواب أردني أقوى، أو بقاء الحال على حاله.”