بلد الحظوظ لا العقول – سهير جرادات – الأردن

0 568

العالم الآن – كل يوم تتعمق القناعة لدى المواطن ، بأننا نعيش في ظل دولة لا تبحث عن أصحاب العقول عند تنسيبها واختيارها لأغلب مسؤوليها لاشغال المناصب فيها ، بل تبحث عن أصحاب الحظوظ من الأنسباء والأصهار وذوي القربى والأصدقاء .
نعم ، ليس شرطا أن تكون صاحب عقل وفكر حتى يتم تعيينك في منصب،أو
إسناد مهمة لك ،الأكثر أهمية أن تكون محظوظا بـ ” شلليلة ” تربطك بنسب أو بعلاقة شخصية أو جهوية أو مناطقية مع شخص المسؤول أو من هو مسؤول عن تعيين ذلك المسؤول ، حتى يصار إلى فرضك لتكون مسؤولا عن المواطن في الوطن .
أبناء الخالات ، وأبناء العمات ،وأبناء الأخوات حقوقهم محفوظة ، لأن زعل العمات لا يهون ، أما الخالات ؛الله يجيرنا من غضبهن ، كم من ابن أخت وابن أخ دخلوا الحكومات ؛ خوفا من غضب العمات وعتب الخالات فقط.
أما الأخوه ، فحقهم مضمون عند توزيع الحصص ، فنجد الأخ هنا رئيسا للحكومة ، وشقيقه رئيسا لجهاز أمني ، أو شقيقين يتبادلان كرسي رئاسة
الحكومة ، ونرى أخا رئيسا لمجلس النواب وشقيقه رئيسا لجامعة ، وتجد أحد الأخوة وزيرا وشقيقه وزيرا أيضا… الأخ هذا هنا والأخ الآخر هناك ،ليصبح
القول :” انا واخي وابن أخي” ، يترجم حرفيا لدينا .
الأخوات لهن حصتهن المحفوظة أيضا ، إذ يتم إرضاؤهن بتعيين ازواجهن أو
ابنائهن في المناصب الحساسة سعيا لارضائهن فقط ، لذا عليك أيها المواطن البحث عن اسم أم المسؤول؛ لتعرف كيف أصبح مسؤولا .
بالمقابل فإن أحداثا حصلت في الأردن ، تخالف ما ذكرت في طريقة الاختيارعند التعيين ، فقد يقودك حظك فقط لتكون جارا لسفير دولة ما ، وهذا السفيرسيقدمك لدولتك على أنك شخص فذ وصاحب رؤية وتستحق أن تكون بأحد المناصب، وسبق أن حدث ذلك، وبذلك يكون السفير قد فرض سيطرته وبلاده من خلال هذا المنصب وتحكمه بصاحب القرار. ماذا يعني أن يكون الأب رئيسا والابن سفيرا ، وهذا رئيسا وكنته وزيرة ،
والزوج وزيرا والزوجة وزيرة؟! أليس الحظ وحده الذي دفعهم ليكونوا في هذه المناصب ، والحظ أيضا كفل لأربعة أشقاء بأن أصبحوا وزراء ،إلى
جانب تلك العائلة التي كتب لها أن يكون الأب والابن والحفيد رؤساء وزراء في الدولة الاردنية ، وذلك الوزير اصبحا صهراه الاثنان وزرين .
لذا ، عليك أيها المواطن أن تندب حظك ، الذي لم يقدك بأن يكون عديلك
أو صديقك أو صهرك أو أخوك أو ابوك أو جارك في موقع حساس ، مما يوجب عليك أن تختار زوجتك جيدا ، وأن تركز على جيرانك ، وأن تصادق بطريقة ذكية ، وأن ترافق “المسعد ” ، وترسم لمصاهرة جيدة ، ولا تتوقف المنفعة عند هذا الحد، بل تتعدى ذلك لتصل إلى اختيارك للمطعم،بحيث يكون مدروسا ، وملتقى لهؤلاء المحظوظين أملا أن “يتعثروا ” بك ، وتصبح من أصحاب الحظوظ ، وقبل أن تتقن لعب” الشدة” عليك أن ترسم مع من تلعبها،
وتختار “شلتك” من المسؤولين، وتحرص بأن لا تظهر قوتك وشخصيتك لان هذا ليس معيارا إنما المهم الانسجام .
في ظل تغييب مصلحة الوطن ، وتغليب المصالح الشخصية ،واستبعاد أصحاب العقول مقابل افساح المجال أمام أصحاب الحظوظ ، وصلنا إلى ما
وصلنا اليه من تراجع وترهل في مختلف المجالات.
هذا يحدث في الأردن فقط .. حظوظهم هي التي أوصلتهم إلى هذه المناصب، وكما يقول المثل : “خذ حظي وارميني في بحر الحكومات”.
[email protected]

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد