#كومستير .. أردننا إلى أين ؟! – شادن صالح – الأردن

0 2٬054

العالم الآن – يحاول الأردن جاهداً الإبتعاد عن أخذ موقف واضح من النزاعات في المنطقة كونه بموقع يتوسط الشرق الأوسط .. الموقع الذي سيؤثر مباشرة على هذه النزاعات من ناحية.. ومن ناحية أخرى اعتماد الأردن الى حد ما على تمويلات خارجية تجعل إتخاذ هذه المواقف أكثر صعوبة تجاه بلاد الجوار.

فالوقوف مواجهة مع إسرائيل غير ممكن مثلاً والذي يرتبط الأردن معها عبر إتفاقية سلام منذ عام 1994، ومن جهة ثانية هذا سيضع الدولة الأردنية في مأزق مع دول أوروبية وأمريكا صاحبة التمويل الرئيسي للمملكة، ناهيك عن الدول الممولة الأخرى مثل دول الخليج وعلى رأسها السعودية.

الأردن الذي يقدم دوراً محورياً في إستقرار فلسطين وسوريا وعلاقته الجيدة بمصر لن تلعب دورها السابق كوسيط بين السعودية وإسرائيل مجدداً، وذلك بعد تحركات سعودية على الأرض من شأنها جعلت التواصل السعودي مع إسرائيل مباشرة ودون وساطات تذكر،
ما يزيد الأمر صعوبة على الدولة الأردنية هو وضعها الإقتصادي الذي يعاني من شح تراكمي يضعها في موقف التقبل أكثر منه للمعارضة ،
وبذلك فهو أمام خيار تحسين العلاقات مع قطر والكويت ودول أخرى قوية ماليا لضمان موارد بديلة.

كل ذلك يأتي تزامناً مع مؤتمر لندن والتي – على الأقل -برأيي الشخصي فرصة للدول الغربية والأقليمية للعب في مساحة إستغلال ظروف الأردن الإقتصادية وتحويلها الى موقف سياسي يخدم مصالح هذه الدول كون الموقع الجغرافي للدولة الأردنية وامتداده السياسي يخدم هذه المصالح.
كل ما تقدم هو علاقات الأردن الخارجية وتأثير هذه العلاقات ضمن تلك المعطيات علينا، فإذا ما انتقلنا بما يحدث داخلياً في الشارع الأردني، نجد المئات من العاطلين عن العمل أمام الديوان الملكي مطالبين بوظائف تؤمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم في ظل أزمة سياسية ليس بالحديثة أبداً، وسط إحباطات تتزايد تصاعدياً مع زيادة المديونية.

ثم تأتي ظاهرة طبيعية كالأمطار لتخطف ثلاث أرواح أردنية، و لتظهر لنا تخطيطات هندسية لمناهل الشوارع التي تفشل في إحتواء المياه، والذي تذهب الرواية الرسمية فيه الى أن معدلات الأمطار كانت إستثنائية وفوق مقدور الإستيعاب، لكن سؤالي في كل سنة يحصل نفس المشهد تقريباً الدي يسفر في كل مرة عن خسائر مادية وبشرية .. هل هذا التكرار ما زال إستثنائياً ؟! وهنا أركز على كلمة تكرار والتي تفقد رواية إسثنائية الظرف الجوي التي يخرج بها التصريح الرسمي.. يخرجها تماماً عن مصداقيتها ..يأتي ذلك كله تمامً في وقت نتغنى بالبنية التحتية أمام الدول المانحة،

لكن رجال الأمن العام الذي كان وجودهم حاضراً وبقوة في أماكن الخطر، رقباء السير شكلوا دروع إنقاذ بشرية للمواطنين في وسط البلد. كل ذلك يأتي تزامناً مع غضب الأردنيين من حفل تكريم فني برعاية أمانة عمان في وقت ما زالت بيوت عزاء شهداء الأردن مفتوحة، وأيضاً وأيضاً تقوم الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية وسط كل هذا الإحتقان الشعبي

ويأتي هذا الإحتقان  لهشاشة الثقة بين الشعب والحكومة وعدم رؤية واضحة المعالم تنشلنا من تباطؤ النمو الإقتصادي وتدني الخدمات الذي شمل المحافظات والأرياف، هذا الإحتقان الذي طال تقريباً أغلب الطبقات الإجتماعية في الأردن مما سبب تشوهاً مزمناً في شكل الحكومات المتعاقبة التي لم تخفف من عبء البطالة والفقر في البلاد.

الموقف يتطلب جهداً وطنياً عاماً في ظل حكومة قادرة على إنعاش الوضع الإقتصادي تتكاثف جهودها مع القطاع الخاص في إتخاذ قرارات جريئة
الافلات مما نحن فيه من صعوبات يحتاج الى جهد وطني عام ..تقوده الحكومة والقطاع الخاص وهيئاته المختلفة، بحيث يتم تشجيع الاقتصاد الحقيقي صناعيا وزراعيا وسياحيا وخدماتيا وهذه مسؤولية الحكومة باتخاذ قرارات جريئة، من شأنها تخفيف الإحتقان الشعبوي الذي نأمل أن لا يتزايد في الأيام المقبلة.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد