#كومستير …”الإسلاموفوبيا” ..سياسات معدة مسبقاً – شادن صالح – الأردن
العالم الآن – ” الفوبيا ” كمصطلح هي رهاب أو خوف وبمعنى آخر هي نوع من أنواع الأمراض التي تصيب البشر منفردين أو جماعات، لذا قبل البدء بالحديث علينا أن نتفق أن ” معاداة الإسلام ” خارج هذا المنطق من التعريف عن الأمراض ، لأن الإسلاموفوبيا هو ” فعل ” وإستراتيجية مخطط ومعد لها مسبقاً وتقوم على زراعة وغرس مفاهيم خاطئة ومغلوطة عن الإسلام، من خلال أفكار ومشاعر نمطية تقوم على معاداة المسلمين.
ومع بداية القرن العشرين بدأت هذه الأفكار النمطية بالإنتشار حتى وصلت ذروتها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لندرك أن الخوف من الإسلام ليس بظاهرة وليدة اللحظة او الموقف بل تكررت في الخطابات السياسية والشعبوية في الغرب على مدار الأعوام الأخيرة لتثبيت هذا المفهوم المعادي للإسلام في الفكر والذهن حتى وصل إلى إنشاء منظمات يتم فيها التبرع بالأموال الضحمة من أجل خلق أصوات تدعم هذه الفكرة وتعادي المسلمين والأقليات، وبدعم شعبوي وإعلامي وسياسي يبلور فكرة الرهاب من الإسلام.
ثم فجأة هكذا ومثل الكثير من المرات يأتي يميني متطرف إرهابي يرفض دينهم فيدخل دور عبادتهم وهم ركع سجداً فيفتح النار عليهم وهم عزل ويصور ذلك بصور ومقاطع فيديو ينشرها عبر مواقع التواصل، ليظهر جلياً أن الإسلام الذي يعتبر الساسة الغربيون إنتشاره خطراً على بلادهم برئ مما يدعون. وأن من يربط الدين بالإرهاب ما هو إلا معتوه آخر يثبت أن الآلة الإعلامية نجحت عبر السنوات الماضية في التحريض على المسلمين من خلال تسخيرها كل خطابات الكراهية والعنصرية والتطرف.
وفي مجزرة مسجدي نيوزيلندا الأخيرة والتي راح ضحيتها خمسون شهيداً كانوا يصلون بين يدي الله مشهداً يفسر مدى العنف والكراهية التي تبثه وسائل التواصل عبر كبرى الشركات التكنولوجية الأمريكية في إعلاناتها وتطبيقاتها وألعابها الإلكترونية التي تقوم على العنف والقتل والتي ما فتأت تنشر محتوى مقلق وصور مروعة في كل أنحاء العالم، والدليل أن الإرهابي وعلى مدى 48 ساعة من قيامه بعمله المشين ينشر روابط تضج بالكراهية على مرأى من العالم أجمع. وقبيل الهجوم بعشرين دقيقة تقريباً نشر أحدهم على موقع يميني متطرف رابط لصفحة منفذ المجزرة يعلن فيه أن بثاً حياً ومباشراً سيكون بعد دقائق على صفحته مع كم هائل من مصطلحات وعبارات عدائية .
وحتى بعد الهجوم فقد حول منفذ المجزرة فعله المشين إلى فيديو تناقله المستخدمون بأعداد فلكية.
نخلص إلى أن تزايد تيار اليمين المتطرف بات مقلقاً خاصة في الآونة الأخيرة والذي ذهب ويذهب ضحيته الكثير من الأبرياء الذين تلقوا عبارات التعاطف والدعاء لكن… ما هي النتيجة الملموسة التي تعود لهؤلاء الضحايا وذويهم؟! بإعتقادي أن الأمر يحتاج ألى ما هو أكثر من الدعاء والمشاعر لأن تلك المشاعر لن تحقن دماء المسلمين في الوقت الذي تشير فيه أفعال السياسين والإعلام الى عكس ذلك تلك التي ما انفكت تشيطن الناس المعتنقين للإسلام.
نيوزيلندا بلد آمن بعيد عن مركز إتخاذ القرار، ولم نشهد لها ردود أفعال كثيرة حيال القضايا العالمية ومع ذلك ضرب الإرهاب خاصرتها ضربة موجعة.
هذا يقودنا إلى أن العالم قد طفح يكم هائل من الكراهية والعدوان ضد المسلمين حتى وصل إلى أكثر مدن العالم هدوءً وبالتالي هذا يعني قطعاً أن البلدان الأخرى وصلت إلى مستويات متقدمة في الأيدولوجيات المتطرفة التي حتما ستنعكس على سياسياتها ونتائج إنتخاباتها السياسية في المستقبل .
بالمقابل فأن الفوضى الإعلامية المنظمة حول الإسلاموفوبيا – كما يسمونها – وإزدياد أعداد اللاجئين هو ما أفرز نخبة أخرى تتحدث عن الحملات الصليبية وخطاباتهم اليومية وهي التي حولت الإرهاب إلى قضية دينية بحتة عملت على إنتاج هيستيريا مضادة ضخمت من المشكلات على محدوديتها الى أيدولوجيات مغروزة في أدمغة السذج اللذين يتحولون إلى إرهابيين تباعاً.
أقولها وكلي أسف بأن مذبحة نيوزلندا بداية لإنهيار منظومة الأخلاق العالمية وجر الجميع الى حرب ضد الجميع أيضاً كل جهة منها تحمل شعارات هشة وغبية وعنصرية وأكثر تطرفاً.