الروح عذراء يا حمقى – د. عصمت حوسو – الأردن

0 597

العالم الآن – أغنية الفنانة اللبنانية “كارول سماحة” بكلمات الشاعر اللبناني علي المولى وألحان وتوزيع ميشال فاضل عن المطلقة رائعة جدًا، وتقدم رسالة هامة جدًا للمجتمع الذي يوصم المرأة بشكل عام، والمطلقة بشكل خاص، وينطبق الأمر كذلك على الأرملة وحتى المرأة المتزوجة غير السعيدة والتي لم يسبق لها الزواج كذلك. الفنّ رسالة والكلمة نوع من المقاومة أيضًا، وقد تصنع ما لا تستطيع فعله المؤسسات الرسمية في هذا الواقع المرير..

هذه الأغنية الجريئة جدًا في مجتمع “التابوهات” رغم حداثته، تقدم وصفًا صريحًا وواقعيًا لنظرة المجتمع والرجال على وجه الخصوص للمرأة، ووصمها واستباحتها لا لشيء سوى أنها “مطلقة”، فتحكم عليها محكمة المجتمع بحكم قطعي ب (الوحدة)، وجريمتها لهذا العقاب القاسي كونها مطلّقة، ولا يكتفِ المجتمع ومحاكمه الظالمة بذلك فقط، وإنما يحيك الناس لها من ألسنتهم “مشنقة”، فيمسي لقبها لا باسمها ولا باسم عائلتها ولا حتى بإنجازاتها من الألقاب والرتب المحترمة التي وصلت إليها بباعها وذراعها؛ فيغدو لقبها (المطلقة)، أو (الأرملة)، أو (العانس) للأسف الشديد، ولا يتم وصم الرجل بتلك الألقاب وإن كانت ظروفه مشابهة..

ولا يقف الأمر عند حدّ وصم اللقب، وإنما يتعداه إلى فرض قيود عليها إضافية، فبدلاً من استمتاعها بأن تكون على “قيد الحياة” يصبح هذا قيد مُضاف إلى قيود أخرى تطوّقها وتخنقها وتدفع ثمن بقاءها على قيد الحياة بعد طلاقها باهظًا جدًا. فهي ممنوعة من الخروج والحب والعشق والعيش كغيرها من النساء غير الموصومات، وربما تزيد وصمتها عند الزواج مرة أخرى؛ لأنها تصبح فريسة لكل “عابر سرير”، ويتم اختزالها إلى جهازها التناسلي فقط وللاستعمال السريري، بسبب شهادة الطلاق التي تحملها وتعطيها امتيازًا قبيحًا بالخبرة، ويا للعار على “ثقافة العيب” ذات المعايير المزدوجة..

نظرة المجتمع لها لا تتعدّى اعتبارها (امرأة مستعملة)، وكأنها زورق بأشرعة ممزقة، لا يراها الرجال سوى كوب رغبة يريدون منه ملعقة، وكأنها محطة انتظار يرغب الجميع بزيارتها، ولكن لا يبقى فيها أحد، لماذا؟ لأنها مطلقة أو مستعملة بتعبير المجتمع إن جاز استعمال هذا التعبير المشين..

نعم هناك امرأة مطلقة وأرملة ومهجورة وغير سعيدة ولم تتزوج بعد، ولكنها امرأة حرّة جدًا وجدًا؛ لأنها أبت أن تحكمها (ورقة)، وهي ما زالت صالحة للحبّ وإن لم تكن عذراء؛ لأن روحها عذراء يا حمقى…
رسالة فنية جميلة جدًا وداعمة للمرأة على جميع الصعد، كل الشكر للجرأة لكاتب كلمات هذه الأغنية، والشكر موصول للفنانة المبدعة كارول سماحة على جرأتها في تقديم هذه الرسالة الهادفة، وإبداعها في تمثيلها بلغة جسد قوية تحاكي أوجاع كل امرأة تم وصمها، وتدغدغ مشاعر الحسرة والألم لتلك النساء الحرائر، اللواتي تحمّلن وصم المجتمع القاسي مقابل العيش بكرامة…

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد