إعادة هيكلة الدول – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – من المؤكد ان هناك تبعات واستحقاقات سيتم فرضها على الدول العربية بعد ما صدر عن الإدارة الأميركية من قرارات – بعيدا عن مدى قانونيتها – تمخضت عن اعتراف الرئيس الامريكي ” ترامب “، بالقدس عاصمة لإسرائيل ، والبدء ببناء سفارة أمريكية جديدة في القدس ، واغلاق السفارة الفلسطينية في واشنطن ، وإغلاق السفارة الامريكية في القدس الشرقية ، وتوقيعه على وثقية رسمية – قبل تصويت الكونجرس – أثناء زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ” نتنياهو ” للبيت الأبيض، تقضي بضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل.
هذه الاستحقاقات باتت قريبة ومثيرة للمخاوف ،خاصة بعد زيارة ملك البلاد إلى امريكا، وعدم التأييد لإعلان القدس عاصمة لاسرائيل ، وما ترتب عليها من اشكالات تتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ، إلى جانب ما ينتظرنا من افرازات للانتخابات المبكرة للكنسيت ، خاصة بعد الدعم الاميركي لرئيس الحكومة الاسرائيلية ” نتنياهو ” في الانتخابات ، باستقباله في البيت الابيض قبل أيام تفصله عن الانتخابات ، ومنحه الجولان ” هدية ” للنجاح المرتقب في الانتخابات، التي تم تقديم موعدها من شهر تشرين الثاني 2019 ، الى التاسع من نيسان المقبل.
إن اعلان ” ترامب ” القدس عاصمة لاسرائيل ، والطروحات لتنفيذ بنود اتفاقية ” صفقة القرن ” ،ومنها اعتبار ” الوصاية على الاماكن المقدسة في القدس للهاشميين والسيادة للاسرائيليين ” ،يعني أن مفهوم الوصاية الهاشمية تغير من وصاية على مقدسات “محتلة” ، إلى وصاية على مقدسات ” منحلة ” من الاحتلال ، كما أنه يضع الهاشميين في معضلة خطيرة ، لأن الوصاية تشكل مصدر شرعيتهم وعنوانها ، في حين الاستمرار في الوصاية وقبولها بهذه الصيغة ، يعد اقرارا بالسيادة الاسرائيلية الكاملة على القدس، أي إعطاء الشرعية للاحتلال.
الوصاية الهاشمية وحماية المقدسات ورعايتها في القدس،تعود إلى ما بعد تأسيس إمارة شرقي الأردن ، إذ كانت الوصاية للهاشميين على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس منذ عام 1924 ،وهذا يعني أنها مسؤولية تاريخية، واستثنيت هذه الوصاية من قرار فك الارتباط عام 88 ، وعززت هذه الوصاية في بيان صدر عام 1994 ، وكلها تؤكد موقف الأردن التاريخي بالوضاية على الأماكن المقدسة ، وصولا إلى توقيع اتفاقية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في عام 2013.
واستدراكا من الأردن ، واستشعارا بخطورة المقبل ، كان على الأردن تعزيز دوره بالبحث عن تكتلات وتحالفات جديدة ،حيث اتجه لعقد قمة ثلاثية ” أردنية – مصرية – عراقية ” ، لبحث الشقين السياسي و الأمني للدول المشاركة ، ترجمتها مشاركة مديري أجهزة المخابرات في الدول الثلاث ، مما يعطي مؤشرا الى أن المرحلة المقبلة– وإن كانت غير واضحة المعالم – ذات طابع أمني بامتياز .
إن ما يجمع الدول الثلاث المتحالفة هو مواجهة المصير ذاته – مع بعض الاختلافات – حيث تواجه مصر والعراق خطر التقسيم ، خاصة بعد أن استهدفت المخططات الخارجية العراق وسوريا واليمن وليبيا تحت مسمى ” ثورات الربيع العربي “، بافتعال أحداث دامية “اثنية ومذهبية ” ، تهدف إلى التقسيم والتسريع به ، وبالتالي سيتم تقسيم مصر إلى ثلاثة دول: ( عربية ، قبطية ، نوبية ) ، كما العراق سيتم تقسيمه إلى ثلاثة دول: ( كردية ، سنية ، شيعية ) ، فيما الأردن يواجه ” التعزيز ” عبر زيادة رقعة المساحة الخاصة به من خلال طرح ضم الضفة الغربية ، وبذلك يكون تم تنفيذ بند من بنود اتفاقية ” صفقة القرن “،ضمن ترتيبات جديدة تعيد الهيكلة لبعض الدول وبالذات الدول التي تشكل خطرا على اسرائيل.
الاردن اليوم ، لا يواجه خطر تبعات “اعلان القدس “من الوصاية والاعتراف بالسيادة ، ومشكلة اللاجئين ، بعد وقف الدعم الاميركي عن الأونروا فحسب ، إنما المشكلة الأكبر التي يواجهها على الصعيد الأمني الداخلي ، هي اخضاع المواطن إلى ” الافقار ” المدروس ، وما يتبعه من قرارات وقف الدعم والمساعدات عن الأردن ، إلى جانب الحرص على إثارة ” الفوضى المنظمة ” على الساحة الداخلية ، عن طريق رفع وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات ، وتجاوز شعارات المحتجين ، والتعليقات عبر وسائل الاتصال الحديث كل الخطوط الحمر!!!! .
[email protected]