اختطاف..أم إحداث بلبلة وزعزعة أمن واختلاف – د. رائد صبري
العالم الآن – طفى في الآونة الأخيرة على السطح العديد من الرسائل والمقالات، التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات، والتي تطرقت لحوادث الاختطاف والتي بثت الخوف والذعر في أواسط الشعب الأردني ابان حادثة اختطاف الطفلة نيبال ـ رحمها الله ـ واصبح هذا التخوف حديث الشارع لا تخلو منه المجالس، وحتى بين الصغار في الفصول داخل المدارس.
فيا ترى من له مصلحة في نشر ودب الرعب بين صفوف المواطنين.
وماذا يراد منه؟
وهل هناك جهات تسعى لتقويض وزعزعة ثقة المواطن بجهازه الأمني؟
وهل هذا الانتشار الواسع لتلك المقالات ـ والتي ما انزل بها من سلطان ـ يؤكد ويعزز الأرضية الخصبة للإشاعة في بلادنا؟
نعم انها الاشاعة، وما أدراك ما الاشاعة؟ فالإشاعة خطرها عظيم، وأثرها جسيم .
فكم سببت من مصائب ومشكلات، وكم فككت من علاقات وصداقات.
وكم أشعلت من حروب طاحنات ، وكم ساهمت في نشر الفوضى والاضطرابات، واضعاف الثقة بين الافراد والمجتمعات، وكم أوغرت من غل وحقد في الصدور، وكم خربت من بيوت، وكم أقلقت الاشاعة من أبرياء، وكم حطمت الاشاعة من عظماء.
الخطير في الأمر أن الإشاعة تنتشر هذه الأيام بسهولة، ليس لتنامي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فقط، وإنما لأن الأحداث والتطورات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة من حولنا تجعل من الأكاذيب بيئة خصبة للنمو والتكاثر أيضا.
فوجب علينا بيان حقيقة الإشاعات مع كيفية محاربتها حماية للأمة من التفرق ومن التشرذم، ووقاية لها من الضعف أمام أعدائها.
ومنذ فجر التاريخ البشري، وإلى أن يرث الله الارض ومن عليها، والأشرار حريصون كل الحرص على نشر الاشاعات الكاذبة لإيذاء الاخيار، ولإلحاق الضرر بهم وللتهوين من شأنهم ولعل أكثر الناس تعرضا للإشاعات الكاذبة والأراجيف الباطلة، هم الانبياء الكرام الذين أرسلهم الله تعالى لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولدعوتهم إلى اخلاص العبادة لخالقهم الواحد القهار، ولحضهم على التحلي بمكارم الاخلاق
فهذا المسيح عليه السلام تشكك الشائعات المغرضة فيه وفي أمة الصديقة المبرأة الطاهرة: ( يٰأُ أخت هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً) ويوسف عليه السلام نموذج من نماذج الطهر والنقاء تعرض للشائعات مغرضة تمس العرض والشرف، قال تعالى: (كَذالِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء وَٱلْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) [يوسف:24].
أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد رُميت دعوته المباركة بالشائعات منذ بزوغها، فرُمي بالسحر والجنون والكذب والكهانة، وتفنن الكفار والمنافقون الذين مردوا على النفاق في صنع الأراجيف الكاذبة، والاتهامات الباطلة ضد دعوته ، ولعل من أشهرها قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهرة، وتتعرّض لعرض أكرم الخلق على الله ، وعرض الصديق والصديقة رضي الله عنهم أجمعين، ولا زالت الألسنة الخبيثة تلوك هذه الشائعة إلى اليوم .
رائد صبري أبو علفه