أربعة ملفات على رأسها صفقة القرن في محادثات ترامب والسيسي
العالم الآن – وسط أحاديث متصاعدة عن قرب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروع التسوية للصراع العربي- الإسرائيلي، المعروف إعلاميا بـ”صفقة القرن”، يلتقي الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الثلاثاء في واشنطن، نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، لاجراء مباحثات تحتل فيها القضايا الإقليمية مكانة أكبر من العلاقات الثنائية.
ووفق أكاديمي مصري متخصص في العلاقات الدولية ستشهد الزيارة “مراجعة أخيرة” لمشروع التسوية الأمريكي للقضية الفلسطينية.
وأعلن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منتصف فبراير/ شباط الماضي، أن واشنطن ستقدم خطتها للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية (9 أبريل/ نيسان الجاري)، و”سيتعين على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تقديم التنازلات”.
بخلاف “صفقة القرن”، تشمل زيارة السيسي ثلاثة ملفات رئيسية، هي: استكمال تأسيس حلف “الناتو العربي” ضد إيران، ومكافحة الإرهاب، والمصالح المشتركة بين البلدين، بحسب أكاديمي مصري ثانٍ، فيما يتوقع مراقبون غياب الملفات الخاصة بحقوق الإنسان في مصر عن القمة المصرية الامريكية.
وتوصف العلاقات المصرية- الأمريكية بـ”الوثيقة والاستراتيجية”، خاصة على المستوى العسكري، حيث تقدم واشنطن للقاهرة نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، عام 1979.
وزيارة السيسي لواشنطن هي الثانية، إذ زارها في أبريل/نيسان 2017، بعد أشهر من تولي ترامب الرئاسة، وعقد قمة مع ترامب في البيت الأبيض.
** توقيت خطير
الأكاديمي المصري طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، قال للأناضول إن “توقيت الزيارة خطير وله دلالته، وستكون القضايا الإقليمية أهم من الثنائية”.
وحول هذه القضايا الإقليمية، أوضح أن “القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، بما فيها مشروع التسوية الأمريكي للشرق الأوسط، على رأس الملفات التي ستُطرح”.
وتوقع أن تشهد الزيارة “شد وجذب حول الأفكار المطروحة بشأن صفقة القرن”.
و”صفقة القرن” هي خطة سلام تُعدها إدارة ترامب، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين.
وقال فهمي إن الزيارة “ستشهد مراجعة أخيرة لعملية التسوية الأمريكية في المنطقة”.
وتابع أن “تحسين وتعديل وتغيير بعض بنود الخطة هو ما كانت تفعله الإدارة الأمريكية خلال جولات مبعوثيها الثلاثة إلى الشرق الأوسط، وهم مستشار ترامب، جاريد كوشنر، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، بحيث تُقبل الخطة عربيا”.
** تباين وتجاذب
فهمي ذهب إلى وجود “تباين وتجاذب بين القاهرة وواشنطن في ثلاث نقاط بملف الصراع العربي الإسرائيلي”.
وتابع: “فمصر ترى أن خيار حل الدولتين هو الأنسب، بينما تؤيد الولايات المتحدة دولة واحدة ثنائية القومية ومتعددة الأقطاب والأطياف.. دولة تتسع للجميع”.
وأردف: “النقطة الثانية هي إعلان (ترامب) القدس عاصمة لإسرائيل (في 6 ديسمبر/ كانون أول 2017)، والثالثة هي الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان (25 مارس/آذار الماضي)”.
ومضى قائلا إنه “يوجد بعض التباين في الرؤى، لكنه لا يصل إلى درجة الخلاف، فهو تباين مقبول من الطرفين”.
بعيدا عن “صفقة القرن”، قال فهمي إنه “توجد مساحات توافق كبيرة بين القاهرة وواشنطن في القضايا الإقليمية، منها الملفان السوري والليبي، اللذان بدأت تظهر فيهما واشنطن، وأمن الخليج وحلف الناتو العربي والترتيبات الأمنية في الخليج، فهناك مساحات كبيرة تستطيع مصر المناورة بها”.
** العلاقات الثنائية
حول القضايا الثنائية بين القاهرة وواشنطن، رأى فهمي أن “عنوان الزيارة إقليمي، أما العلاقات بين البلدين فمستقرة وثابتة وجيدة”.
وأضاف أن السيسي سيتحدث عن أهمية دعم الحوار الاستراتيجي بين البلدين على كافة المسارات والقضايا.
وتابع: واشنطن ستتساءل عن تنويع مصادر السلاح في مصر خصوصا من روسيا حيث تنظر إلى صفقات السلاح الروسية لمصر بعدم الرضا، وقد تطلب القاهرة في المقابل صفقات أسلحة أمريكية ودعم لمكافحة الإرهاب في سيناء (شمال شرق).
** لا ضغوط متوقعة
وحول إمكانية ممارسة ترامب ضغوطا على السيسي، قال فهمي إن “هذا تهويل، فواشنطن لن تطلب المستحيل، ولن يحدث صدام، وبالعكس سيكون هناك ترحيب بالسيسي من جانب الدوائر الأمريكية، فمصر ركيزة رئيسة للاستقرار بالمنطقة”.
ورأى أن ما يتردد حول وجود سيناء ضمن المشروع التسوية الأمريكي “لن يكون ضمن المناقشات، وهو أمر مرفوض من أيام (الرئيس المصري الأسبق حسني) مبارك (1981: 2011)”.
** مطالب أمريكية
رجح فهمي أن تطلب واشنطن من القاهرة تسهيلات في قطاع غزة، عبارة عن فتح معبر رفح (الحدودي) بين مصر والقطاع الفلسطيني (بشكل دائم)، وسلام اقتصادي، ومنطقة تجارية وصناعية ومحطة كهرباء، وتنسيق مع المبعوث الأممي للشرق الأوسط، نيكولاى ملادينوف، وهي أمور لا مشكلة فيها من جانب القاهرة، لكن المرفوض هو فرض أي خيارات”.
وأردف أن “القاهرة ستقدم التسهيلات، ضمن مصالح مشتركة، كما أن العلاقة مع غزة جيدة، ويوجد تنسيق لتأمين الحدود بين الجانبين”.
** 4 ملفات
المحلل والأكاديمي المصري، سعيد صادق، قال إنه توجد ثلاثة ملفات رئيسية، إضافة إلى ملف “صفقة القرن”، وهي: استكمال تأسيس حلف “الناتو العربي” ضد إيران، ومكافحة الإرهاب، والمصالح المشتركة للبلدين.
ومنذ فترة، تعمل إدارة ترامب على إنشاء تحالف أمني من الدول الخليجية ومصر والأردن، يعرف بشكل غير رسمي باسم “الناتو العربي”، كما يحمل أسماء مثل “ميسا” و”تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”.
ويهدف التحالف إلى “التصدي للعدوان الإيراني والإرهاب والتطرف، وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط”، وفق تصريحات لمسؤولين أمريكيين، فيما تتحدث تقارير إعلامية غربية عن عدم تحمس القاهرة لهذا الحلف.
وأضاف صادق أن “مشاكل صفقة القرن كثيرة جدا، وستكون في صدارة طاولة المباحثات بين السيسي وترامب، خاصة مع وجود تحفظات مصرية كبيرة عليها”.
ورأى أن “توقيت الزيارة مؤشر على أن الإدارة الأمريكية تتجه إلى إعلان صفقة القرن بعد إعلان فوز بنيامين نتنياهو (بالانتخابات الإسرائيلية) واستقرار الأوضاع في إسرائيل، عقب الانتخابات”.
ومضى قائلا إنه “يوجد تأكيد مصري على عدم التفريط في أي جزء من الأراضي المصرية”.
ويتهم الفلسطينيون ترامب بالانحياز التام لصالح إسرائيل، وترفض الرئاسة الفلسطينية التعامل مع الوساطة الأمريكية، منذ إعلان ترامب بشأن القدس المحتلة، ثم نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في 14 مايو/ أيار الماضي، الذي وافق ذكرى قيام دولة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة عام 1948.
” الأناضول”