كيف سأدافع عن النساء؟! سناء هلال – سوريا

1 644

العالم الآن – كنت اتمنى أن يستند دفاعي إلى أرضٍ صلبةٍ فيشمل كل النساء…
من الفجاجة و عدم الإنصاف وجود من ينكرون على النساء دورهنّ المبجّل في عملية الخلق و الأمومة بصفتها قيمة مُثلى و أنقى العواطف و أرقاها
لكن الإنجاب و الأمومة لا تكفيان و غير قادرتين على خلق صبغةٍ أنثويّةٍ شاهقةٍ و رافعةٍ للأنوثة و النّسوية بشكل عام
و إذا ما استسلمنا جدلاً إلى مقولاتٍ و قوالبَ من قبيل (الجنّة تحت أقدام الأمّهات) فليس كل الأمّهات مبشّراتٍ بالجنّة ، وقوفاً على ظاهرة الإسهال العاطفي الأمومي الذي يقود بشكل من الأشكال إلى الإفساد ما لم يُدعَّم بالمسؤوليّة الأخلاقيّة الكاملة في معترك التربية و يبقى قاصراً و معرّضاً لمئات المآزق و التحدّيات و ما نحصد نتائجه اليوم من حالات الضياع و اللاإنتماء و السقوط و الصفاقة و الإجرام و لهو الطامة الكبرى و الحقيقة التي لم نشأ الأعتراف بها يوما.
في استبطانٍ سريعٍ و مشاهداتٍ حيّةٍ لعيّناتٍ مجتمعيّةٍ يُلاحَظ أن غالبية النساء لم يبرحن دور الضحية و قد لاءمهن هذا الدور بما يحمله من تقاعسٍ و مواربةٍحتى يكاد يكون الأمر أقرب إلى شمّاعةٍ ترمين عليها سوء مصائرهنّ و بؤسهنّ و انتظار الخلاص بوصفةٍ سحريةٍ لن تأتي.
ليس هذا و حسب بل لا تتوانى فئةٌ كبيرةٌ منهنّ عن دحض أو طعن أو تسخيف كلّ دورٍ إيجابيٍّ و حقيقيٍّ و فاعلٍ تحقّقه قريناتهنّ ليتحوّلنّ إلى معوّقٍ أكبر في عملية النهوض ،
و لأكون أكثر دقة فإن الكثيرات منهن في هذه الحالة لسن بائساتٍ بل منسجماتٍ و غارقاتٍ من حيث لا يشعرن في رغوة الحداثة و الانفتاح و المغريات فأخذن منها جانباً برّاقاً و ضحلاً و ذهبن بكليّتهنّ إلى الحدّ الأقصى في تعزيز جانبهن الأنثوي في حالةٍ مقزّزةٍ و استهلاكيةٍٍ و عبثيّة من تزجية الوقت في اللّهو و الترف و اللاّمبالاة و المظاهر القشريّة الزائفة و الاستعراض الجسدي و (البريستيج) ، ممارسات أقلّ ما يمكن أن يقال عنها عدم انسجامها مع شخصيّاتهنّ و مشاربهنّ و ثقافتهنّ الشرقيّة و يؤخذ عليها انحرافها عن جادّة الأنوثة الفطريّة السليمة الممتلئة بالشفافيّة و المعتدّة بذاتها لا بمظهرها و جسدها فحسب، إذ وجدن في الهروب لهذه السلوكيات عزاءً لهنّ للتخفيف من إحساسهنّ بعدم التحقّق و بالتغيّيب و بفقدان الثقة بالنفس ليستطعن في لحظة خادعةٍ و مظلِّلةٍ خلق توازنٍ هشٍّ لما يعانين من استلابٍ و إقصاءٍ غالباً ما ينقلب هاجساً يقضّ حياتهنّ و يرميهنّ في دائرة الخواء و النمطيّة و اللهاث نحو اللاّشيء .
و هذا الأخطر على الإطلاق لأنهن من حيث لا يدرين كرّسن صفتي الاستهتار و السطحيّة الموجّهتين إليهن و ساهمن في تسليع المرأة و تشيّيئها ضمن بطانة الجسد و الغواية و عزّزن عدم جدواهنّ و فاعليتهنّ و وقوفهنّ بصلابةٍ في وجه تحديّات الحياة من عمل و زواج و بناء أسرة و و.
و ما يتعرّضن له اليوم من انتقاداتٍ بأنهن لسن صاحباتِ فكرٍ و حضورٍ حقيقيٍّ و مسؤوليةٍ خلّاقةٍ أمرٌ لا يخلو من الموضوعية إذا ابتعدنا عن مفهوم الجندرة و لم ننصت لأصوات المنظرين الذين يلعبون في الوقت بدل الضائع و يرفعون شعارات الحرية و المساواة علناً و يمارسون في الخفاء قبليّتهم و ما ملكت أيمانهم و لم تنضج عقولهم بما يكفي ليعتبرن النساء في درجةٍ متساويةٍ معهم في الإنسانيّة، و لا أجانب الحقيقة إذا قلت أنّ مطلقي هذه المزاعم و الذائدين عن حمى النسوية أقرب ما يكونون إلى حالةٍ من الفصام و الازدواجيّة في واقعنا العربي عموما ،آخذين بعين الاعتبار ما عانى و يعاني الرجال و أرباب الأسر في الغالب من كونهم صمّام الأمان لحياة الأسرة و الرافعة في تأمين متطلبات الحياة و قيادة دفّتها أو على الأقل تقع على كاهلهم فيما لم تكن المرأة عاملةً أو على قدرٍ من الوعي و المسؤولية و الحكمة خصوصاً في المجتمعات التي تصبح فيها لقمة العيش و الكفاف عسيران و دأباً يومياً و هاجساً مؤرقاً..
و ليس من العدل الذي ننشده أن نتغافل عمّ يكابده الرجال من احتكاكاتٍ يوميةٍ في أعمال تنأى النساء العربيات بأنفسهن عن الخوض في تفاصيلها بذريعة صون المراة و تفريغها للاهتمام بالمنزل و الأطفال حرصاً منهم على عدم ازعاجها بمواقف شتى تتعرض لها الكثيرات من تحرشاتٍ او ابتزازٍ او مضايقاتٍ مدفوعين لتحيّيدها إما من مخزونٍ دينيٍ أصمّ أو انطلاقاً من مروءةٍ و إحسانٍ و نبلٍ وفي كليهما تقديرٌ لطبيعتها الأنثوية
أنا لا أكيل للنساء و لا أبخسهن حقهن في المساواة و التحقق و بلوغ إنسانيتهن غير متناسية أن منظومةً كاملةً من العقائد و الموروثات و المنغصات ترمي بثقلها مجتمعةً على الإنسان العربي عموماً و على المرأة خصوصاً ، (و حرباً لا أخلاقيّةً محمومةً في سوريا الجريحة التي بلغ فيها السيل الزّبى )تعرقل إلى حدٍ كبيرٍ حضورهن و بروزهن في المشهد الحياتي و لكن إلى متى سيبقين على هذا القدر من الغوغائية و اللّامسؤولية فليس هكذا تؤكل الكتف و لا هكذا تتحرر النساء.
فأين تقفين أيتها المرأة اليوم من كل هذه التحديات؟

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة
تعليق 1
  1. ناديا رضوان يقول

    مقالة رائعة سيدتي
    أظن أن استقلال المرأة المادي هو اول الطريق إلى تحرر فكرها و جسدها كي تنصرف لاحقاً الى المطالبة بقوانين تضمن مساواتها بالحقوق مع الرجل.
    فما دامت تنتظر أن يحقق لها الرجل أحلامها و طموحها ستبقى سجينة نموذج المرأة الضعيفة الغاوية اللعوب . هي فقط ستحقق حريتها .. هي فقط ستفرض الاحترام و المعاملة التي تستحق ..و لن أقول أن تتساوى مع الرجل إذ لو انها تدرك كم يتوق الرجل أن يصل إلى مكانتها الحقيقية .

اترك رد