إنقسامات دولية بعد زحف حفتر نحو طرابلس
العالم الآن – دعت قطر يوم الثلاثاء إلى وقف إمدادات الأسلحة إلى خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) الذي تسبب حملته للسيطرة على العاصمة طرابلس شقاقا في أنحاء الخليج وأوروبا.
وبعد مرور ما يقرب من أسبوعين على بدء هجوم الجيش الوطني الليبي على طرابلس، لا تزال قواته عالقة في ضواحيها الجنوبية حيث تواجه جماعات مسلحة موالية لحكومة طرابلس المعترف بها دوليا.
ويبدو أن سكان طرابلس، البالغ عددهم نحو 2.5 مليون نسمة، يمارسون حياتهم حتى الآن بصورة شبه طبيعية رغم دوي طلقات المدافع من حين لآخر بأنحاء المدينة.
وقال محمد طه (23 عاما)، الذي كان موجودا في شارع يكتظ الطلاب في مدرسة قريبة منه، ”لا نزال جميعا نواصل حياتنا الحمد لله. ما الذي يمكننا أن نفعله سوى ذلك؟“. ولا تزال المقاهي والمتاجر مفتوحة وعامرة بالزبائن.
وتشعر قوى أجنبية بالقلق لكنها عاجزة عن تبني موقف موحد إزاء أحدث تجدد للفوضى السياسية والقتال الذي عم ليبيا بعد الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011.
وأسفر الصراع حتى الآن عن مقتل 174 شخصا وإصابة 756 آخرين ونزوح ما يصل إلى 20 ألفا وفق أحدث إحصاءات الأمم المتحدة، كما تسبب في إرجاء خطة سلام دولية.
ويهدد الصراع كذلك بتعطيل إمدادات النفط وزيادة أعداد المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا والسماح للمتشددين باستغلال الفوضى.
وقالت قطر إنه يتعين تشديد الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على إرسال الأسلحة إلى ليبيا لمنع حفتر (75 عاما) من استلام أسلحة.
ويحظى حفتر، الذي يتخذ من بنغازي مقرا له، بدعم مصر والإمارات والسعودية. وترى تلك الدول أنه قادر على إعادة الاستقرار في البلاد ومواجهة المتشددين الإسلاميين.
وقطعت الدول الثلاث علاقاتها مع قطر في عام 2017، متهمة إياها بدعم المتشددين وإيران.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري لصحفية لا ريبوبليكا الإيطالية اليومية إنه يتعين تحديد موعد آخر لمؤتمر الأمم المتحدة للسلام في ليبيا الذي تم تأجيله وإجبار قوات حفتر على الانسحاب.
وأضاف أنه يتعين تنفيذ حظر الأسلحة ”لمنع تلك البلدان التي تمد بالذخيرة وأحدث الأسلحة من مواصلة فعل ذلك“.
وأفادت تقارير سابقة للأمم المتحدة بأن الإمارات ومصر أمدتا حفتر بالأسلحة والطائرات مما منحه تفوقا جويا على مختلف الفصائل الليبية. وتقول سلطات شرق ليبيا إن قطر وتركيا تدعمان فصائل منافسة ذات توجه إسلامي في غرب ليبيا.
- الأمم المتحدة ربما تطلب وقف إطلاق النار
الانقسامات الدبلوماسية في الخليج تماثل انقسامات في أوروبا حيث تتخذ إيطاليا، الدولة المستعمرة لليبيا سابقا، موقفا مخالفا لفرنسا.
فقد قدمت فرنسا الدعم لحفتر في الماضي وراهنت على قدرته على إنهاء الفوضى التي عمت ليبيا منذ انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي لإنهاء حكم القذافي الذي استمر لأربعة عقود.
في حين تدعم إيطاليا، التي لها مصالح نفطية كبرى في ليبيا، حكومة طرابلس برئاسة رئيس الوزراء فائز السراج وعبرت عن غضبها من عدم رغبة فرنسا في مساندة قرار اتخذه الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة ويدعو حفتر لوقف زحفه إلى العاصمة.
لكن السراج نجح في كبح الجيش الوطني الليبي، ويعود الفضل في ذلك إلى حد بعيد إلى دعم جماعات مسلحة هبت لنصرته. وتنتمي تلك الجماعات لفصائل أخرى في غرب ليبيا.
وقال السراج في بيان يوم الثلاثاء ”الحرب تنتهي بانسحاب تلك القوات (الجيش الوطني الليبي) وعودتها من حيث أتت“.
ويدرس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مسودة قرار صاغتها بريطانيا تطالب بوقف إطلاق النار في ليبيا وتدعو كل الدول التي لها نفوذ على الأطراف المتحاربة لضمان الالتزام.
وقال دبلوماسيون إن المجلس المؤلف من 15 عضوا عبر عن قلقه لكنه لم يتمكن من إصدار بيان ذي طابع رسمي بصورة أكبر بسبب اعتراض روسيا على إشارة للجيش الوطني الليبي، في حين قالت الولايات المتحدة إنها لا يمكنها الموافقة على نص لا يشير إلى قوات حفتر.
ورغم أن حفتر يقدم نفسه على أنه محارب لما يصفه بالإرهاب، يرى فيه خصومه ديكتاتورا قادما على غرار القذافي. واحتج نحو 70 شخصا ضد حفتر في ميدان الجزائر بوسط طرابلس يوم الثلاثاء.
رويترز