وزير الخارجية الفنزويلي يدعو للحوار بعد فشل المحاولة الإنقلابية
العالم الآن – قال وزير الخارجية الفنزويلي، خورخي أرياسا، إن المحاولة الانقلابية التي أرادت الولايات المتحدة تنفيذها في بلاده، انهارت، وأن الوقت حان لتحلي المعارضة بالنضج، والجنوح للحوار.
جاء ذلك في حديث للأناضول، حول آخر المستجدات في فنزويلا، حيث يتواصل الاحتقان السياسي على خلفية اعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو نفسه “رئيسا مؤقتا” للبلاد، واعتراف الولايات المتحدة، ودول غربية وأمريكية لاتينية عدة به، بينما أيدت دول مثل تركيا وروسيا شرعية الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
كما تطرق الوزير إلى الأنشطة “الإنسانية” للصليب الأحمر، والوجود الروسي في بلاده، والعلاقات مع تركيا، ومواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي، وتهديدات الولايات المتحدة بالتدخل العسكري، وسجالات “الأزمة الانسانية”.
وقال أرياسا إن من يعتقدون بأن البلاد ستشهد انقلابا عسكريا، قد أخطأوا. مضيفا “يتوجب عدم دفع نقود للمؤسسات الفكرية بواشنطن”.
وأوضح أنهم على طاولة الحوار وينتظرون أن تفوض الولايات المتحدة، الجمعية الوطنية المعارضة (البرلمان) للحوار.
وأردف: “المحاولة الانقلابية ومسرحية المساعدات الانسانية على الحدود انهارت، ولذا ينبغي أن يكون هناك حوار بعد الآن”.
وأضاف: “أعتقد أنه حان الوقت لنرى مؤشرات على النضج في أوساط المعارضة، فنحن ندرك وجود طرف خيّر في المعارضة الفنزويلية لا يشاطر الولايات المتحدة استراتيجيتها، لكنهم منضوون في تحالف مصلحي”.
وأعرب عن أمله في أن تنصلح المعارضة، وتتحرك باستقلالية عن الولايات المتحدة، وتجلس إلى طاولة الحوار بأسرع وقت.
وتابع: “نحن جلسنا إلى طاولة الحوار، وننتظرهم للحديث، متى ماشاؤوا، فنحن أخوة ومواطنو بلد واحد، ويتعين علينا إيجاد حل يستند للدستور”.
** الخيار العسكري
وردا على سؤال، فيما إذا كانت الولايات المتحدة، قد تخلت عن الخيار العسكري، في ظل عدم حديث المعارضة عن ذلك في الآونة الأخيرة، رأى الوزير أن واشنطن لا تزال تضع هذا الخيار على الطاولة.
وأضاف ” المشرفون على تنفيذ المحاولة الانقلابية التي مازالت أصداؤها سارية في فنزويلا، يتم استقبالهم في البيت الأبيض، ووزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون، فلم تتم إزالة أي خيار عن الطاولة”.
ولفت إلى أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، كان في مجلس الأمن منذ مدة، وقال إن كافة الخيارات مطروحة في الشأن الفنزويلي، من منبر الأمم المتحدة، في انتهاكات لقواعدها وأعرافها.
واعتبر أن المعارضة الفنزويلية ليس لها دور سوى، القيام بدور المتحدث باسم الولايات المتحدة.
وعزا التغيير الذي طرأ على خطاب المعارضة في الآونة الأخيرة، إلى “بروز رفض الشعب للاحتلال العسكري، في الاستطلاعات”.
وتابع: “آمل أن لا يحدث أمر كهذا، لكن إذا اتخذت الولايات المتحدة قرارا بالتدخل العسكري، فإن المعارضة ستكون الطابور الخامس لها في فنزويلا وجزءا من جيش الاحتلال”.
** الصليب الأحمر
وردا عل سؤال فيما إذا كان دخول لجنة الصليب الأحمر الدولي إلى فنزويلا بتنسيق مع الحكومة، يعني اعترافا منها بوجود “أزمة إنسانية” في البلاد، قال إن الصليب الأحمر ينشط في البلاد منذ أكثر من 50 عاما، ويمتلك 8 مشافٍ.
وأفاد أن الحكومة هي من وجهت دعوة للجنة الصليب الأحمر الدولي، وأن السيطرة بيدها، وتتواصل مع مؤسسات الأمم المتحدة المعنية أيضا، للحيلولة دون وقوع “أزمة انسانية” في فنزويلا التي تتم محاصرتها بالعقوبات.
وحول العقوبات قال أرياسا: “لدينا 30 طفلا فنزويليا، ينتظرون زرع خلايا جذعية في إيطاليا حاليا، وهم على وشك الموت، لأننا لم نستطع دفع المبلغ، رغم أننا نمتلك المال”.
وأوضح أنهم لا يستطيعون ارسال المبلغ إلى المصارف في إيطاليا وبالتالي إلى المشافي والجهات المعنية.
وأفاد أن سياسة العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد بلاده، تصعب عليهم استيراد الأغذية وقطع الغيار والأدوية، لافتا إلى أنهم يحاولون إيجاد حلول، لكن الوضع صعب للغاية.
وأضاف “يريدون شل فنزويلا، فالسياسة المتبعة منذ يناير، هي التضييق على الشعب الفنزويلي”.
وتابع: “يسعون لافتعال أزمة انسانية، من خلال الهجمات على منظومة الكهرباء، وما شابه، ونحن بدورنا يتعين علينا منع الأزمة الانسانية من خلال الخطوات التي نقدم عليها بهذا الصدد”.
** ضباط وليسوا جنود
وعن سؤال حول ما إذا كان يعتبر دخول قوات روسية إلى البلاد قبل أسابيع على أنه “تدخل عسكري” كما تصفه المعارضة، أكد أرياسا أن الذين دخلوا ليسو جنودا وإنما ضباط جاؤوا بهدف التدريب على استخدام المعدات العسكرية.
وأشار إلى وجود علاقات عسكرية بين فنزويلا وروسيا، وأخرى في مجالات أخرى، مبينا أن القوات الروسية كانت تأتي إلى البلاد عبر طائرات تجارية بينما هذه المرة جاؤوا عبر طائرة عسكرية.
وشدد على أن مجيء العسكريين الروس هذه المرة عبر طائرة عسكرية مؤشر على “التعاون مع روسيا في الظروف الصعبة” التي تواجهها فنزويلا.
ونوه بأن القوانين الفنزويلية لا تسمح بإنشاء قوة أجنبية قاعدة عسكرية على أراضي البلاد أو التواجد فيها.
ولفت أرياسا إلى انضمام جارة بلاده كولومبيا باعتبارها “دولة ذات سيادة” إلى شراكة حلف شمال الأطلسي (ناتو) العالمية، معتبرا أن “فنزويلا أيضا هي دولة حرة في تأسيس شراكة مع روسيا أو الصين أو تركيا”.
** العلاقات مع تركيا
أرياسا أكد أن علاقات بلاده مع تركيا جيدة دائما، مبينا أن العلاقات بين البلدين بدأت تتطور بشكل أكثر بعد أن أعلن الرئيس نيكولاس مادورو وقوفه ضد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 تموز/ يوليو 2016.
ولفت إلى أن مادورو كان أول رئيس دولة من أمريكا اللاتينية يعلن موقفه الرافض لمحاولة الانقلاب.
وأشار إلى أن العلاقات بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفنزويلي هي علاقات أخوة أكثر من أن تكون علاقات تضامن، وأن ذلك انعكس إيجابا على علاقات أعضاء الحكومة في البلدين.
وتابع: “عندما يجري شخص من فنزويلا زيارة إلى تركيا يشعر وكأنه في منزله. الأتراك يحبون فنزويلا كثيرا، ويقلقون مما يجري فيها. نحن أيضا نشعر بالقلق عندما يحدث شيء ما في تركيا”.
وأردف أرياسا إن بلاده تخطط للتعاون مع تركيا في مجالات عدة ولا سيما في مجال الطاقة والتعدين والصناعة.
وأوضح أنه تباحث مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا كيفية تعزيز التعاون بين البلدين وسبل نقله إلى مستوى أوسع.
** الاتحاد الأوروبي
أفاد أرياسا بأن قرار ألمانيا في الاعتراف بممثل غوايدو بذريعة أن “الانتخابات المبكرة في فنزويلا لم تجر خلال 30 يوما” يؤكد أن أعضاء الاتحاد اقتنعوا بأنه سيحدث انقلاب عسكري في فنزويلا.
وفي السياق نفسه أكد أرياسا أن تصريحات وزير الخارجية الإسباني جوزيف بوريل في برنامج تلفزيوني حول أن “الولايات المتحدة التي تقف وراء العملية لم تضع في الحسبان أن مادورو سيصمد”، تدل على أن الدول الأوروبية تعترف بغوايدو انطلاقا من الفكرة نفسها.
ونوه بأنه “لم يحدث انقلاب سريع ولا بطيء في فنزويلا، بل فشل. والآن هؤلاء (المسؤولون الأرووبيون) وجها لوجه مع القانون.
وأوضح أن إحدى اللجان القضائية في ألمانيا أكدت على ضرورة عدم اعتراف برلين بحكومة لم تأت إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، مضيفا: “الأوروبيون فعلوا ذلك ولكنهم الآن لا يستطيعون تبرير ذلك لشعوبهم”.
وشدد على أن الاعتراف بغوايدو لا مثيل له في القوانين الدولية، بل مخالف لها.
وأشار أرياسا إلى أن مادورو تصرف بشكل مرن مع أعضاء الاتحاد الأوروبي، مبينا أن جميع سفراء دول الاتحاد، ما عدا السفير الألماني، يواصلون مهامهم في كاراكاس.
وقال في ذلك “فقط قمنا بطرد السفير الألماني إلى بلاده، لأنه كان يدس أنفه بشكل وقح في الشؤون الداخلية لفنزويلا”.
واستطرد بالقول: “نحن نرغب بمواصلة علاقات نظامية مع الاتحاد الأوروبي. يحزننا رؤية اتحاد أوروبي ينقاد وراء الولايات المتحدة الأمريكية، لأن روح تأسيس الاتحاد جاءت عقب الحرب العالمية الثانية لإبراز السلام والتفاهم واحترام القوانين الدولية، لكنهم يفعلون عكس ذلك تماما بالنسبة لفنزويلا”.
وختم قائلا: “آمل أن يرجعوا عن ذلك. نحن منفتحون على الحوار. سنكون منتظرين هنا من أجل مصافحة أي دولة داخل الاتحاد الأوروبي تريد تصحيح موقفها”.
” الاناضول”