صحف عربية: صفقة القرن بين “الرفض السلبي” وحل الدولتين”
العالم الآن – علّقت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية على ما يُعرف بـ “صفقة القرن” لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
وتراوحت تعليقات كُتّاب الرأي وافتتاحيات الصحف العربية بين التحذير من هذه الصفقة التي وصفها أحدهم بأنها “مشبوهة”، وبين من يحاول التخفيف من “المبالغات” المحيطة بها وأنها مجرد “مقترح”.
“صفقة مشبوهة”
يقول مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادة الوطنية الفلسطينية، في مقال له بجريدة “القدس” الفلسطينية إن “التفسير المنطقي هو أن ‘صفقة القرن’ ليست مشروعا للحل ولا مدخلا للتفاوض، بل هي وسيلة لتحقيق هدفين”.
الهدف الأول هو “تغيير المواقف الرسمية المعلنة للإدارة الأمريكية، والتي وإن كانت دوما منحازة لإسرائيل فإنها لم تتجرأ حتى الآن على خرق القانون الدولي السائد بالاعتراف بضم أراض محتلة بالقوة، أو تقديم الغطاء لإنشاء وضم مستعمرات استيطانية مخالفة لقرارات الأمم المتحدة”.
أما الهدف الثاني، بحسب الكاتب، فهو “استخدام هذه ‘الصفقة’ كغطاء لاستفحال عملية الضم والتهويد والاستعمار الاستيطاني الذي تمارسه الحركة الصهيونية وحكومة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني”.
وتحت عنوان “الصفقة المشبوهة والتوازن الوهمي”، تقول جريدة “الشرق” القطرية في افتتاحيتها “عبثا، تحاول الأطراف الإسرائيلية الأمريكية الترويج لما سمته بصفقة القرن، معتبرة أنها الخطة المثالية لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. غير أن أهم طرف معني بالصراع وهو الشعب الفلسطيني يرفض الصفقة التي تتضمن تنازلات غير مسبوقة تضاف إلى خسائر العرب التي لا تأبه بها الإدارة الأمريكية ونعني بها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان العربية”.
وتضيف الصحيفة أن “رفض الشارع العربي والإسلامي للصفقة المقترحة من شأنه أن يلقي بظلاله على العلاقات العربية الأمريكية وعلاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي بشكل عام، الذي يعتبر القدس قضيته الأولى، والتي يرفض التنازل عنها، وهذا ما أغفله واضع الخطة الذي رأى أنها من مصلحة أمريكا، بيد أن الرفض المتوقع للخطة سيؤثر بلا شك على مصالح أمريكا في المنطقة بانحيازها المطلق للكيان الإسرائيلي المحتل الذي يرفضه الفلسطينيون”.
أما فهد الخيطان فيرى في جريدة “الرأي” الأردنية أن “الغموض الذي أحاطت به إدارة ترامب مبادرتها المرتقبة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب تقارير صحفية وتسريبات وتحليلات سياسية، كلها مجتمعة صورت ‘صفقة القرن’ كما لو أنها نيزك قادم من السماء ليضرب منطقتنا تحديدا ويعيد تشكيل جغرافيتها من جديد”.
وفي مقال له بعنوان “مبالغات في صفقة القرن”، يقول الكاتب إنه “في أحدث تصريح لأبرز القائمين على الصفقة، جاريد كوشنر وصف فيه المبادرة الأمريكية بالمقترح، أي أنها مجموعة من الأفكار التي تحتمل القبول والرفض، وزاد على ذلك بالقول إن على طرفي النزاع أن يجلسا إلى الطاولة للتفاوض بشأنها بدلا من رفضها مسبقا. وهذا الكلام يعني أن المقترحات الأمريكية مطروحة للنقاش والتعديل بموافقة الطرفين”.
ويقول: “بمعنى آخر إن الإدارة الأمريكية لن تفرض مبادرتها ولن تفاوض على مقترحاتها، لكنها ستترك الأطراف المعنية للتفاوض، وإذا ما تم رفض المقترحات بعد ذلك فالمسؤولية تقع على عاتق الطرفين، والمرجح في هذه الحالة أن تسحب واشنطن يدها من العملية برمتها”.
ويؤكد الكاتب أن “أي خطة ملزمة للتسوية في الشرق الأوسط تتطلب إجماعا دوليا في مجلس الأمن ودعما كاملا من القوى الكبرى في العالم. وعلى مدار عقود من الصراع كان مطلب العرب الدائم هو ممارسة هذه القوى لدورها ونفوذها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية”.
أما سيد قاسم المصري، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، فيقول في جريدة “الشروق” المصرية: “لقد اقترب موعد الإعلان الرسمي عن الصفقة في منتصف مايو المقبل (في ذكرى النكبة) واقتراحي البسيط هو ألا نرفض الرفض السلبي المعتاد دون تقديم بديل”.
ويضيف: “يكون موقفنا هو: إذا كنتم ترون أن حل الدوليتين لا يحقق الأمن لإسرائيل وأن وجود قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية هو الضمانة الوحيدة لعدم تحول الدولة الفلسطينية إلى دولة معادية أو واقعة تحت سيطرة دولة معادية مثل إيران… فلنعد إلى حل الدولة الواحدة بشرط تمتع سكانها جميعا – عرب ويهود – بالحقوق المتساوية”.
في شأن آخر، يعلّق عبد الباري عطوان، رئيس تحرير “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية، على تقارير تفيد بوقوع اشتباكات بين قوات روسية وأخرى إيرانية في حلب ودير الزور السوريتين.
ويقول عطوان إن “النفي القاطع” الذي صدر عن المتحدث العسكري السوري “أمر متوقع وغير مفاجئ، لأن القيادة السورية تريد التقليل من أهمية أي صدامات بين قوات تابعة لحليفيها الإيراني والروسي”.
لكنه يرى أن هذا النفي “لا يعني عدم وجود توتر حقيقي بين الجانبين نتيجة حدوث ‘تغيير متزايد’ في الموقف الروسي يأخذ طابعا ‘إيجابيا’ تجاه إسرائيل، والتقارير الإخبارية تتزايد عن وجود تنسيق روسي إسرائيلي مسبق يكمن خلف الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية داخل سوريا، وأن هذه الغارات العدوانية تحظى بـ ‘مباركة روسية’ على أعلى المستويات”.
ويقول إن وكالة أنباء الأناضول التركية “هي الوحيدة التي تحدثت عن هذه الاشتباكات، وهي وكالة صديقة لروسيا وإيران معا، وقالت إن الأولى وقعت في دير الزور… أما الثانية فكان مسرحها مطار حلب”.
ويضيف: “لا نعتقد أن هذه الأنباء حول هذه الاشتباكات والتلاسنات بين الجانبين بلا دخان، فصمت القيادة الروسية، بشقيها السياسي والعسكري، على الغارات الإسرائيلية المتواصلة على أهداف إيرانية وسورية في العمق السوري أثار العديد من علامات الاستفهام، وأعطى إيحاءات بأن روسيا تُبارك هذه الغارات لأنها ‘غير راضية’ عن التواجد الإيراني على الأراضي السورية لاعتبارات روسية إسرائيلية مشتركة”.
“BBC l