مدن عائمة في مواجهة تهديد تغيير المناخ
العالم الآن – تعمل شركة «أوشيانيكس» على بناء نموذج تجريبي لجزيرة عائمة كحلّ قيد الاختبار للمدن الساحلية المكتظة التي تواجه تهديدات التغيّر المناخي. وجاء هذا الإعلان في تصريح للشركة أمام برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بداية هذا الشهر.
مدن عائمة
وكشفت مجموعة تضمّ عدداً من المهندسين المعماريين والمدنيين والمطورين الذين اجتمعوا في المقرّ الرئيسي للأمم المتحدة أنّ هذه الجزر العائمة ستتصل مع بعضها البعض لتتحوّل إلى مدن عائمة مكتفية ذاتياً ترتفع مع مستوى البحار بأبنية مقاومة للأعاصير. وقال مارك كولينز تشين، رجل أعمال وسياسي فرنسي – بولينيزي سابق، ومؤسس «أوشيانيكس» Oceanix إنّ النموذج التجريبي هو عبارة عن نسخة مصغرة ستصبح جاهزة خلال أشهر.
وقد تبدو الفكرة غريبة بعض الشيء، ولكنّ سواحل المدن تفقد أراضيها تدريجياً وتزداد انكشافاً أمام خطر ارتفاع مستوى البحر، الذي من المرجّح أن يصل إلى سبع بوصات (15 سم تقريبا) بحلول عام 2030.
وتواجه 90 في المائة من أكبر المدن العالمية مخاطر التغيّر المناخي، بحسب ما أفاد فيكتور كيسوب، نائب رئيس برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. من جهتها، تعمل بعض المدن الساحلية الكبرى كسنغافورة على ردم المحيطات بالرمال لمواجهة تقلّص خطوطها الساحلية، ولكنّ هذا الأمر يؤدي إلى شحّ في الثروة الرملية.
وكشف بجاركي إنجلز، من مجموعة «بجاركي إنجلز»، الشركة المعمارية الشريكة لـ«أوشيانيكس» والمسؤولة عن تجديد تصميم حرم معهد سميثسونيان، أنّ المنصات العائمة التي تمتدّ على مساحة 4.5 أكرة (الأكرة تساوي 4047 مترا مربعا) مصنوعة من الخشب والبامبو، وأنّها ستشكّل «الوحدة الأساسية لنظام مدني مشترك».
منصات سكنية
تتسع كلّ منصة عائمة لـ300 شخص وتضمّ أسواقا ومزارع وشققا منخفضة الارتفاع وألواح شمسية ستبنى على الأسطح. تشير المخططات إلى أنّ هذه المنصات ستتوسع بنمط كسوري على الشكل التالي: كلّ ستّ منصات ستتصل ببعضها على شكل مسدّس قرص العسل لتكوّن قرية، على أنّ تؤّلف ست من هذه القرى بلدة يقطنها 10000 نسمة وتغطّي 185 أكرة.
لا تختلف خطط «أوشيانيكس» كثيراً عن مجمعات بشرية قائمة حالياً كمنازل السفن التي تجتمع في سوساليتو – كاليفورنيا، ومجمعات الشقق السكنية العائمة في هولندا، وأجيال صيادي التانكا الذين يعيشون مع عوائلهم في الممرات المائية جنوبي الصين، والجزر القصبية الصناعية في بحيرة «تيتيكاكا» في البيرو التي تسكنها قبيلة «أوروس». ولكنّ بعض هذه المجتمعات الساحلية، كـ«التانكا»، بدأت تتضاءل نتيجة توافد الناس إلى اليابسة للبحث عن فرص العمل.
ولكنّ وجه الاختلاف الذي يميّز مدينة «أوشيانيكس» هو «رؤيتها المتكاملة» بحسب توصيف كولينز تشين، نظراً لقدرة هذه الجزر على تزويد نفسها بالطاقة وإشباع حاجات سكانها الغذائية. إذ ستعمل التوربينات الهوائية الموجودة على أسطح هذه المنصات، والمياه في أسفلها، والألواح الشمسية المنتشرة فيها على توليد الطاقة. أمّا الطعام، فسيتمّ تحصيله من الدفيئات الزراعية والحقول الهوائية (التي تتعلق جذور مزروعاتها في الهواء وتتزود بالأغذية والأسمدة عن طريق البخار) والحدائق المائية. من جهتها، ستعمل بنى «مورينجز أوف بيوروك» المشحونة كهربائياً على جذب المعادن والشعب المرجانية لتثبيت الجزر في مكانها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أولى المجتمعات العائمة ستتأسس على سواحل دافئة كتلك الموجودة في جنوب آسيا.
وعلى الرغم من زعم المهندسين المعماريين أنّ المنصات قادرة على الصمود في وجه أعاصير الفئة الخامسة، قال مهندسو المحيطات إنّ المدن الأولى يجب أن تبنى في خلجان هادئة بعيداً عن الأعاصير والأمواج العنيفة. وقال نيكولاس ماكريس، مدير مركز هندسة المحيطات في معهد ماساتشوستس للتقنية لوسائل إعلام أميركية، إنّ «الخطوات يجب أن تكون صغيرة. إنّ إنجاح عمل معيّن، يتطلّب العمل في منطقة محمية».
وأخيراً، يجب ألّا ننسى أنّ جمع استهلاك الطاقة وإنتاج الغذاء والسكن والبيئة البحرية في مكان واحد يمثّل وحده تحدياً كبيراً.
” الشرق الاوسط”