معركة طرابلس.. انكسار رأس حربة حفتر بعين زارة
العالم الآن – أهم ما ميّز المعارك في طرابلس اليوم التاسع عشر من هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود الجيش في الشرق، على العاصمة الليبية طرابلس، تمكن قوات حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا من إبعاد القوات المهاجمة كيلومترات أخرى عن وسط العاصمة.
ويشكل تراجع قوات حفتر عن منطقة عين زارة، انكسارا لقواته (اللواء التاسع ترهونة) المتقدمة كرأس حربة في المحور الأوسط، المتوجه صوب قلب العاصمة ومقراتها السيادية.
** السيطرة على طوق وادي الربيع – السواني
حيث أظهرت قناة “ليبيا الأحرار” (خاصة)، صور فيديو تؤكد سيطرة قوات الوفاق بشكل “كامل” على منطقة عين زارة، الضاحية الجنوبية للعاصمة، والتي لا تفصلها عن وسط طرابلس سوى نحو 11 كيلومترا.
وهذا يؤكد تصريحات قوات حكومة الوفاق، التي تحدثت عن التحام قواتها بعين زارة مع محور عين الربيع، جنوب شرقي العاصمة طرابلس (جنوب منطقة تاجوراء/ الضاحية الشرقية للعاصمة)، ومحاصرة موقعين اثنين لقوات حفتر في وادي الربيع، رغم أن المنطقة زراعية ومفتوحة ويصعب غلق كل منافذها.
ومن الناحية العسكرية، فإن هذا التقدم يعني أنه تم تأمين الطوق الممتد من وادي الربيع شرقا إلى غاية منطقة السواني (نحو 30 كلم جنوب غربي طرابلس)، مرورا بعين زارة، ومعسكر “اليرموك” بخلة الفرجان (أكبر ثكنة في طرابلس).
كما أن خطر اقتحام قوات حفتر، لأحياء وسط العاصمة المكتظة بالسكان، أصبح أبعد من ذي قبل، وهذا أعطى ثقة لقوات الوفاق للتقدم نحو طرد ما تبقى من القوات المهاجمة في خلة الفرجان (نحو 20 كلم جنوب طرابلس)، والمطار القديم (نحو 25 كلم جنوب طرابلس).
** معركة المطار لم تحسم بعد
لكن قوات حفتر لازالت تسيطر على بعض الجيوب في محور خلة الفرجان، رغم إخفاق عدة هجمات شنتها للسيطرة مجددا على معسكر اليرموك، بل تم إبعادها كيلومترات أخرى جنوب المعسكر.
وتُحكم قوات حفتر سيطرتها بصفة شبه كاملة على منطقة قصر بن غشير، جنوب عين زارة، وتمثل هذه المنطقة نقطة ارتكاز لهجماتها نحو محاور: المطار القديم، واليرموك، وعين زارة، ووادي الربيع.
كما تشكل قصر بن غشير، منطقة تحشيد للتعزيزات العسكرية والمؤن القادمة من مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، الداعمة لقوات حفتر.
أما مطار طرابلس الدولي، فيشهد أعنف الاشتباكات في الأيام الأخيرة، ويتبادل الطرفان السيطرة عليه، في معارك كر وفر، دون أن يتمكن الطرفان من تثبيت السيطرة عليه بشكل كامل ونهائي.
وتتقاسم قوات الطرفين السيطرة على المطار القديم، الذي يطل شرقا على قصر بن غشير، لكنه محاط من جميع الجهات بقوات حكومة الوفاق، والتي تمكنت، الإثنين، من استعادة السيطرة على الجزء الأكبر منه في هجوم من ثلاثة محاور، حسب تصريح سابق للمتحدث الإعلامي باسم عملية “بركان الغضب”، مصطفى المجعي، للأناضول.
ورغم أن المطار القديم خرج من الخدمة بعد معارك 2014، إلا أن قوات الوفاق تخشى أن تتمكن قوات حفتر من استغلال مدرجه، كنقطة انطلاق طائراتها خاصة العمودي لقصف طرابلس أو حتى دعم الجبهات المتقدمة بالسلاح والرجال بشكل أكثر فعالية.
ويسعى حفتر لإرسال مزيد من التعزيزات العسكرية إلى محاور القتال، بعد تراجع قواته في أكثر من محور خاصة بعين زارة ووادي الربيع، والسواني والزهراء والعزيزية، ناهيك عن إخفاقه في السيطرة على المطار القديم، وعجزه عن السيطرة على معسكر اليرموك والتقدم نحو محور صلاح الدين شمالا، باتجاه حي أبو سليم الشعبي.
** محور غريان.. “حفتر” يستعيد توازنه
التقدم الكبير الذي حققته قوات الوفاق، الخميس الماضي، بعد سيطرتها على حي السواني، ومنطقة ورشفانة (الزهراء والعزيزية والساعدية)، وزحفها نحو تخوم مدينة غريان (80 كلم جنوب طرابلس)، التي تعتبر القاعدة الخلفية لما يمكن تسميته بـ”القوس الغربي” لمعركة طرابلس، لم ينته كما كان متوقعا بسقوط المدينة في يد قوات الوفاق.
حيث تمكنت قوات حفتر، من وأد “ثورة” شباب غريان داخل المدينة، كما تصدت لقوات الوفاق الزاحفة من العزيزية (45 كلم جنوب طرابلس)، والتي سيطرت على منطقة القواسم (البوابة الشمالية لغريان)، قبل أن تتراجع أمام الضغط الناري لقوات حفتر، المتمركزة بالمدينة الواقعة على سفح جبل نفوسة (الجبل الغربي).
وبعد أن التقطت قوات حفتر أنفاسها، خاصة بعد استخدام مروحية قتالية في المعارك، قامت بهجوم مضاد ووصلت إلى غاية العزيزية، قبل أن يدخل الطرفان في معارك كر وفر.
لكن قوات الوفاق، قامت الثلاثاء، بالالتفاف على منطقة اسبيعة، وسيطرت على منطقة الهيرة (شمال غريان) وأعلنت قطع خط إمداد رئيسي لقوات حفتر إلى محاور القتال، وتراجع الأخيرة إلى مشارف غريان.
كما حاولت قوات الوفاق، الالتفاف على قوات حفتر من جهة منطقة الكسارات (جنوب غرب العزيزية)، مما أدى إلى فتح جبهة قتال جديدة بالمنطقة، خاصة وأن قوات حفتر دفعت بكتيبة “سبل السلام”، السلفية المدخلية والتي يقع مركزها في منطقة الكفرة (أقصى الجنوب الشرقي لليبيا).
وفي المحصلة، تمكنت قوات الوفاق من التقدم على مستوى الجناح الشرقي لمسرح العمليات (عين زارة ووادي الربيع)، وتعزيز تمركزاتها في محوري اليرموك والمطار القديم، لكن على مستوى الجناح الغربي استعادت قوات حفتر توازنها بعد انهيار سريع في محاور السواني والزهراء والعزيزية.
وخلال المرحلة المقبلة من المتوقع أن تسعى قوات الوفاق لحسم معركة غريان لغلق القوس الغربي (الممتد من مدينة الزاوية إلى غاية غريان)، والتركيز على طرد قوات حفتر من خلة الفرجان والمطار القديم، وقطع طرق الإمداد عن تمركزاتها في قصر بن غشير، عن طريق استهداف مناطق اسبيعة وسوق الخميس وسوق الأحد، والقادمة من ترهونة (القوس الشرقي).
بالنسبة لقوات حفتر، فستسعى للعودة إلى تمركزاتها السابقة في العزيزية والزهراء والسواني، والسيطرة على مطار طرابلس، وعلى معسكر اليرموك، والتقدم نحو صلاح الدين، وفتح جبهة عين زارة من جديد، وفك الحصار على مجموعاتها المسلحة المعزولة في وادي الربيع.
” الاناضول”