سوء تفاهم أزلي – هيثم العجلوني – فلوريدا
العالم الآن – نحن بني عبس بيننا وبين التفاهم سوء تفاهم ازلي ، وبيننا وبين تجارب الماضي إنكار عبثي ! !عام 1954 سقطت في أوغندا طائره كان على متنها الروائي الامريكي إرنست همنغواي ، وقبل ان يعرف الملأ ان الكاتب كان قد نجا ، كانت مقالات الرثاء والعزاء والوداع قد ملأت صحف العالم ، وهكذا تسنّى للرجل الذي سوف يموت منتحراً بعد سبعة أعوام ان يقرأ تأبينه حيّاً ، وهي بلا شك فرصه نادره جداً ، ولما كان الشيء بالشيء يُذْكَر ، لقد اتيحت لزعماء ( للابد ) العرب فرصة نادره لقراءة مصائرهم على صفحات وجوه شعوبهم وجدران عواصمهم منذ مطلع هذا القرن ، ولكن كل واحد منهم كان يظن انه مُحصّن او مختلف عن الطغاة الاخرين الذين بدؤا يتساقطون تباعاً ، او لعله كان يظن انه طاغيه محبوب او الطريق اليه مستحيلٌ ومسدود ،، وذات قمّه عربيه قال القذافي مخاطباً الزعماء العرب ، بانه يخشى عليهم ان يواجهوا نفس مصير صدام حسين المشؤوم ، الذي تم إعدامه علنا ولم يخرج الى الشارع مُحتجّ واحد من بين الملايين الذين كانوا يهتفون بفدائه بالروح والدم ! واستطرد ملك ملوك افريقيا يحذرهم من مغبّة الفرقه وتجاهل رغبات الشعوب ، ينصحهم وكأنه كان حاكم سويسرا او كان قد ضمن لنفسه مصيراً افضل ، فكان مصيره هو الأسوأ وفي قلب الصحراء التي زعم يوماً بانه رسولها ، هذا ولم يستخلص لا الذين رحلوا ولا المتشبّثين بالزعامة لليوم العبر من الساقطين السبعة ، الذين مضوا بعد ان نجحوا في توزيع الكذب والفقر والظلم على البسطاء بالتساوي ، وفي توزيع الثروات بالافضليه والاولويه ، لقد مضوا غير مأسوفٍ عليهم بعد ان تَرَكُوا لنا ايضا سبعة ملاحم و ( ديارٌ كانت قديماً ديارا ) كل واحدة منها تصلح فيلماً سينمائياً او فكره لبرنامج الكميرا الخفيّه ،، يسرد لنا التاريخ بان هنالك زعماء ازدهرت بسقوطهم الدول ، واخرين فشلت الدول بقدومهم ، وهنالك دائماً شعوب تثور ولكن فقط عندما تقرر ان تكون حرّه مجيده ، فتلقى مؤازرة اوادم الارض الأحرار ،، سُئل الروائي الفذ نجيب محفوظ فيما اذا كان يدعم ثورات الشعوب او فيما اذا كان قد دعمها فعلاً في شبابه !؟ قال بالطبع ، بل منذ كنت طفلاً صغيزاً ، اذكر ان الشغّاله اصطحبتني الى المدرسه ذات صباح قارس ، وكان البرد قد تسلّل الى عظامي عبر ملابسي الخفيفه ، ولدى وصولنا المدرسه تفاجأنا بان ابوابها مغلقه ، ولما سألنا عن السبب قيل لنا بأن هنالك ثوره انطلقت توٌاً في مصر ! ويضيف ، لقد اسعدني جداً ذاك الخبر ، ودعوت الله يومها ان تدوم الثورة للابد !! نعم سيخرج العربي الى الشارع ويثور في وجه الظلم والفساد ، فهل بقي لديه ما يخسره ؟ سيخرج كما نراه اليوم وبالملايين ، قد يتلمّس العتم ليصل ولكنه لن يكتفي ان يعود فقط برغيفٍ او وعد ، فحتى وعود الجن لن تقنعه او تثنيه ، انه اليوم بصدد استعادة رأسماله ؛ كرامته وآمال أجياله ، والمكانة التي يستحق بين الامم ، وسيتحقق له ذلك حتى وان اختلفوا فيما بينهم على جلد الدب قبل اصطياده ، اذ لكل ثورة ظروفها ولكل مجتهد نصيب ، حتى الطيور تراها تغرد طوال الربيع ، واذا ما اتى فصل الصيف ونضجت الثمار ، راحت تلتقط منها ما شاءت ، ولا تترك على الأغصان احياناً الاّ النّوى دون حسيب !! قد تكون مشاغبه ، او لعلّها كما اظن انا انها فقط تُحصّل لنفسها اجرة التغريد ؟؟؟…….. 🦅🌴