إصحي يا قرية – شادن صالح – الأردن
العالم الآن -حين قرر الشعب الأردني بكافة أطيافه الخروج في إعتصامات الرابع ليعبر عن رأيه ويقول كلمته بصورة حضارية، كان بذلك يعكس الصورة الراقية المنفتحة لكافة شعوب العالم وكيف للتحضر أن يكون ميزة لشعب بأكمله على إختلاف توجهاته ومعتقداته، وما انفكت وسائل الإعلام الخارجية عن الإعتراف بهذه الحضارية في التعبير وشهد لنا العالم بذلك من أقصاه لإدناه.
كان ذلك أحدث شيء حصل مؤخراً يخبر للعالم من هم ” النشامى ” .
حسناً … ذلك يثلج صدر كل أردني في البلاد وفي الإغتراب وبكل فخر فهذا الشعب الذي تكلمت عنه والذي يخرج بهذه الحشود الهائلة بكل محبة ورقي ومسؤولية بعيد كل البعد عن أي صفة قد تنتقص من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين.. لذا استغرب وبشدة كيف تتحول منابر مواقع التواصل الإجتماعي لبث الكراهية والفتنة ، وهذه بعض الأمثلة مؤخراً ما تتدولناه لا الحصر … ما أن افتتحت قناة المملكة – رغم تحفظي على بعض الأشياء – حتى لاقت هجوماً مستعراً ولا تدري من أي صوب يأتيها النقد والسباب والإنتقاد والتحري عن الأخطاء … لماذا لا نعطي المجال لأي مؤسسة إعلامية كانت أو غيرها أن تقدم ما عندها ومن ثم ننتقد ونقول كلمتها ولماذا نسلب الآخر فرصته بإثبات وجوده من عدمه، بالأمس قامت الفنانة أحلام بدفع خمس الاف دولار من جيبها الخاص ثمن ساعة طيران استأجرتها للذهاب الى البتراء ووعدت بتصوير وثائقي عن واحدة من عجائب الدنيا التي نتغنى بها ولم تكلف دولتنا بشيء بل هي من تكلفت ودفعت .. ما أن عوفنا بذلك حتى بدأنا السب والشتم وكل عبر بطريقته المليئة بالكراهية وكأنه الغيور الوحيد على الأردن، رغم أن رحلة الفنانة أحلام ترويجاً سياحياً لو قمنا به نحن سنحتاج لالاف الدنانير لإنجازه كون هذه الفنانة تحظى بعدد مهوول من المتابعين على مواقع التواصل الإجتماعي، منذ متى نحن لا نكرم صيفنا … ونحن من عرف عنا الكرم …أصبحنا لا ننظر إلا ضمن مساحة لا تتعدى متراً واحداً ولا نفكر بأكثر من ذلك،
أذكر أن حين طالب الشعب بإسقاط الحكومة وكان له ذلك في اليوم التالي لتولي الدكتور عمر الرزاز رئاسة الوزراء كان البعض ينشرون على صفحاتهم كيفية التحضير لإعتصامات جديدة في حال خذلانهم …ونحن لم نصبر حتى لنرى ماذا سيفعل الرجل وبدل أن نكون بجانبه ومعه نقف له بالمرصاد وننتظر فقط أن يخطيء لنقوم بمهاجمته …كل هذه أمثلة فقط بأننا لانفكر بإيجابية الأشياء لما لا نحول كل ما حولنا لصالحنا بدل ان نخلق لأنفسنا من أنفسنا اعداءً
نتابع مذيعي تلفزيوننا الوطني او مؤسساتنا الأخرى لنرى كيف سيخطيء ثم نقوم بفضحه على السوشيال ميديا متناسين أنتا في النهاية بشر … وننتظر موقف لشاب او صبية في الشارع العام ونهرع لتصويره بهواتفنا حتى تضج صفحاتنا بصورهم وكأننا أصبحنا نتصيد الفضائح ونشهر بأنفسنا وننشر الكراهية كالنار في الهشيم، النقد والإنتقاد بل والفضح أيضاً حق لنا أمام الفاسدين آكلين قوت الشعب الذين يأكلون أموالنا وأنوال أولادنا .. الذين يضيقون فسحة الأمل أمام شبابنا وبناتنا هؤلاء الذين يجب تلفت كل أنظارنا تجاههم لنحاربهم ونتخلص من وباءهم المتفشي بيننا ،،
يا شعبي الكريم يا أيها النشامى، نحن الشعب الذي تبنى كنائسه بجانب مساجده. نحن من ينبض قلبه مرة لعماننا وأخرى لقدسنا، ومن يساعد الشرطي فيه صغيرنا قبل كبيرنا.،ويكرم أبناؤنا ضيفنا قبل أنفسنا.. فلتكن منصاتنا تعكس من نحن وما نحمل في قلوبنا وتظهر للعالم كيف لشعب أن يحتوي كل هذا ونعلم معنى الخوف والحب لبلادنا.. الأردن للجميع لي ولك وله وللصغير والكبير والضيف أيضاً … كونوا كما أردنا للعالم أن يرانا … شعب متحضر كريم مضياف نساعد بعضنا الآخر ليبقى الأردن لا منتقدين هجوميين ونصطاد في الماء العكر،
ما ينتظرنا في الأيام القادمة كبير وكثير وتحديات بحجم هذا الأقليم الملتهب المحيط بنا، فمسؤوليتنا كبيرة تتعدى كل تفاهات السوشيال ميديا والفضائح والأنتقاد والتشهير وغيرها، وكما دائماً سنكون على قدر هذه المسؤولية وسنصل بإردننا الى بر آمن.