حفل غنائي على ركام غزّة … رداً على يوروفيجن

0 357

العالم الآن – كومة الحجارة ما زالت تنتشر في كلّ أرجاء المنطقة، بصعوبة بالغة يكاد يصل الفنان محمد شعبان إلى مدخل عمارة أبو قمر التي نسفتها طائرات الجيش الإسرائيلي في جولة التصعيد الأخيرة 4 مايو (أيّار) الجاري على قطاع غزّة. ويقفز محمد عن ركام المبنى ليصل إلى بوابته، ويبدأ سريعاً في وضع الكراسي، ثم يفتح البيانو والطبلة وبعض أدوات مكبرات الصوت، الخلفية وراءهم، يافطة مكتوب عليها بالخط العريض Gaza Message دقائق وتبدأ الفرقة حفلها بالعزف والغناء باللغتين العربية والإنجليزية.

عزف وأغان

على أنقاض المبنى، عزف فنانون فلسطينيون أغاني متعدّدة، في رسالة للمشاركين في حفل يوروفيجن، يوضحون فيها رسائل المحبة والسلام من غزّة المدمّرة والمحاصرة، ويظهرون بوضوح جرائم إسرائيل بحق المدنيين في القطاع.

ويأتي حفل Gazavision أو Gaza Message بالتزامن مع الحفل الكبير يوروفيجن Eurovision، مع اختلاف مكان إقامته، فالأوّل على ركام منزلٍ دمّرته طائرات الجيش الإسرائيلي وكان يأوي الكثير من الأسر التي تشرّدت بعد قصفه، بينما الثاني يقام في مدينة تلّ أبيب التي احتلتها إسرائيل عام 1948، وشرّدت سكانها الأصليين.

حفل على ذكرى الوجع

ويُعدّ حفل الموسيقى الأوروبية يوروفيجن Eurovision، مسابقة غنائية ينظمها اتحاد البث الأوروبي منذ عام 1956. وتعد المسابقة أكبر حدث غير رياضي من حيث عدد المشاهدين، يتراوح عدد مشاهديه بين 100 إلى 600 مليون شخص حول العالم، هذه السنة تستضيف إسرائيل المسابقة بدورتها الـ 64 ويشارك فيها فنانون من 40 دولة، بتكلفة وصلت إلى 53 مليون دولار أميركي.

وتتزامن إقامة حفل يوروفيجن مع ذكرى النكبة الفلسطينية الـ 71، مع مرور السنة الأولى على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، بقرار من واشنطن، وقّع عليه ترمب نهاية عام 2017، ونُفّذ في ذكرى النكبة، التي تحتفل فيها إسرائيل كيوم وطني يصادف ذكرى إقامة دولتهم على الأراضي الفلسطينية. في هذا اليوم من العام الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزّة أكثر من 60 فلسطينياً، وأصيب حينها حوالي 3 آلاف مدني، أثناء مشاركتهم في مسيرة رافضة لقرار نقل السفارة، وإحياء لذكرى النكبة الفلسطينية.

إقناع بعدم المشاركة

على أنغام السلام الوطني الفلسطيني، وأغاني الثورة، عزف شبّان فلسطينيون من فرقٍ فنيّة مختلفة أغاني عدة، “هنا الدمار الحقيقي، هنا الحب تحت أنقاض ما دمره الاحتلال، هنا السلام المدفون تحت أنقاض المباني المدمرة بصواريخه”، طبقاً للفنان محمد شعبان المشارك في الحفل. وأشرفت على إقامة الحفل مجموعة جسور للتواصل الدولي، التي تواصلت مع عدد من الفنانين العالميين، لإقناعهم بعدم المشاركة في الحفل، وعرض الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبها الجيش بحق قطاع غزّة.

ويقول منسق مجموعة جسور للتواصل الدولي كامل مسلم، إنّ الموسيقى والغناء لغة المحبة والسلام التي يجمع عليها العالم، لكن إسرائيل تستخدم هذه الأدوات للتغطية على جرائمها ضد قطاع غزّة، من خلال عقدها لمهرجان يوروفيجن.

لا للتغطية على جرائم إسرائيل

ويوضح مسلم أنّ الرسالة التي يحملها حفل Gaza Message هي عدم المساهمة في التغطية على الجرائم الإسرائيلية، وتوضيحها للعالم الغربي في أوروبا، ودعوة إلى مقاطعة الاحتفال بكلّ نشاطاته، لأنّه يساهم في التغطية على الجرائم الإسرائيلية، وكان هذا السبب في إقامته على ركام المنازل المدمرة. وبيّن مسلم أنّهم في حملة التواصل الدولي نجحوا في إقناع عدد من الفنانين العالميين لمقاطعة اليوروفيجن، وفعلياً بدأوا في تغيير قناعات بعض الأشخاص من الدول الأوروبية في نظرتهم لإسرائيل.

وحضرت Gazavision أم رزان النجار أيقونة فلسطينية، شاهدة دماء ابنتها على وحشية إسرائيل، وهي والدة المسعفة التي اغتيلت قبل عام في شهر رمضان المبارك، برصاص جنود الجيش الإسرائيلي.

مشاركة جماعية

وشارك الفلسطينيون لمناهضة حفل يوروفيجن، ومنهم حملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، وفريق اهبد 194 الإلكتروني، وبالمتابعة نجحوا في تقليل عدد السائحين الذين زاروا إسرائيل للمشاركة في حفل الموسيقى الأوروبية.

توضيح جرائم إسرائيل

وفريق اهبد 194 هو مجموعة شبابية يشارك فيها عدد من المناصرين للقضية الفلسطينية في أوروبا والدول العربية إلى جانب الفلسطينيين أنفسهم، يقومون بحملات تغريد ومناصرة إلكترونية لتوضيح جرائم إسرائيل، ويتواصلون مع عدد من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتغيير معتقداتهم حول الفلسطينيين، فضلاً عن تواصلهم مع الفنانين الذين كانوا ينوون المشاركة في الحفل لإقناعهم بعدم المشاركة، بحسب ولاء جبريل إحدى أعضاء فريق اهبد 194.

وبيّنت جبريل أنّ الكثيرين من الأوروبيين تعاونوا معهم، ونجح فريق اهبد 194 في سحب آلاف التذاكر وإقناع العديد من النجوم والأشخاص بعدم المشاركة في حفل اليوروفيجن.

وبحسب بلدية تلّ أبيب، فإنّ عدد السائحين المشاركين في حفل يوروفيجن المقام في إسرائيل لا يتعدى حاجز 20 ألف مشارك، لكن بالمقارنة مع العام الماضي والحفل الذي أقيم على أرض العاصمة البرتغالية لشبونة فإنّ عدد الحضور يفوق 900 ألف، ما يعني أنّ فريق مقاطعة إسرائيل واهبد 194، إلى جانب جمعية جسور للتواصل الدولي، نجحوا في تقليل عدد المشاركين في مسابقة الغناء الأوروبية.

” اندبندنت عربية “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد