العالم الآن – على إيقاع موسيقي ثابت تبدأ المطربة الليبية فاطمة الطرابلسية المشهورة بـ(الحمصة) غناء تتر مسلسل «صالح بن مليود»، لتشيع أجواءً من البهجة مع بداية كل حلقة، وهي تُردد «انتخبوا صالح بن ميلود، كويس خلي يولي أخوه».
و«صالح بن ميلود» هو واحد من بين الأعمال التي تخوض السباق الرمضاني هذا العام، وتتناول في مجملها مسامرات عائلية، وحكايات أسرية عن الزواج والأوضاع المعيشية، والأبعاد الاقتصادية، بشكل يتماس مع السياسة وألاعيبها، وتتندر على المرحلة التي تعيشها البلاد منذ ثماني سنوات وأكثر.
غير أن عرض كثير من الأعمال الدرامية في ليبيا، صاحبه حالة من الغضب والانتقاد من المختصين والجمهور معاً، إذ يرى الناقد الفني الليبي، سليمان قشوط، أنه «رغم الميزانيات الضخمة المرصودة من قبل شركات الإنتاج، والتي كانت في أغلبها قنوات تلفزيونية ليبية خارج البلاد، إلا أن المُنتَج جاء من حيث الشكل التقني والمضمون النصي متواضعاً جداً، إن لم يكن متدنياً».
وتتنوع خريطة الأعمال الرمضانية في ليبيا، بين المسلسلات التي تتعاطى مع الأحداث السياسية في البلاد بشكل ساخر، أو من خلال قالب اجتماعي يتطرق للتفاصيل الحياتية للأسرة الليبية، يغلب على بعضها الخفة في التناول، وسطحية المضمون، باستثناء مسلسل «زنقة الريح» الذي بدأت أولى حلقات في العاشر من شهر رمضان لأسباب تتعلق بأحداث الحرب في طرابلس.
وتحفل الشاشة الليبية بأعمال من بينها «نقارش» و«أحويوه وآدم» و«القابينة» و«مسعودة وأفكارها السودا»، بجانب «صالح بن ميلود» الذي يعرض على فضائية «ليبيا الأحرار» من بطولة حاتم الكور ولطيفة إبراهيم وخالد كافور وصالح الشيخي وعماد قدارة وبسمة الأطرش، وتأليف سليمان دوغة وإخراج عبد الرحمن أشرف.
ولم تخل الشاشة الليبية من «ستاند أب ليبي» وهو عبارة عن حلقات كوميدية منفصلة، تتضمن مواقف كوميدية تستعرض ما يجري في الشارع لجميع أطياف المجتمع، ويعرض على قناة (218).
ومع منتصف شهر رمضان يبدأ عرض «معلش يا» وهو مسلسل اجتماعي مكون من 15 حلقة منفصلة، تأليف مجموعة من الكتاب الليبيين، ويتناول ظاهرة انتشار السلاح في البلاد، والعادات الاجتماعية في الزواج، بالإضافة إلى تناول موضوعات (السوشيال ميديا) وتأثيرها على المواطنين.
كما يُعرض مسلسل «ولاد الناس4» على ذات القناة، من بطولة أصيل بحير وأيمن الشعتاني وعلى الحصايدي وحازم الصالحين ورندة عبد اللطيف، سيناريو وإخراج أيمن الأمين الشعتاني، بجانب «مارد البراد» الذي كتب له السيناريو معاذ الأصفر، وأخرجه عبد الرؤوف الأمين، ومن تمثيل فرج عبد الكريم وخالد الفاضلي وعائشة العبيدي وشداد الخمسي وأبو بكر معيوف، ويعرض على قناة «ليبيا الأحرار».
واستهل مسلسل «رنقة الريح» الذي كان مقرراً عرضه مطلع رمضان، لكن تم تأجيله إلى العاشر من الشهر، أولى حلقاته، من خلال نخبة من الفنانين الليبيين والتونسيين، ويتناول حقبة الاحتلال الإيطالي والبريطاني للبلاد ويحكي معاناة الليبيين في هذه الفترة، ويستعرض التنوع الديني والتفاعل الثقافي، وكيف تعايش الليبيون من كل الأجناس التي توافدت على البلاد آنذاك، والمسلسل من تأليف عبد الرحمن حقيق، وإنتاج وليد اللافي، وإخراج أسامة رزق.
ويرى الناقد الفني الليبي، سليمان قشوط في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل الإبداعي الليبي لا يزال يعاني من المحتوى الفارغ غير الهادف، ممثلاً في النص والسيناريو غير المحترف والإخراج الكلاسيكي غير الأكاديمي الفاقد لأهم الأدوات اللازمة لإنجاح أي عمل».
وأضاف قشوط «أنه في ظل عدم رضا النقاد والمشاهدين على المعروض من أعمال، جاء (زنقة الريح) ليكون بمثابة الصدمة الإيجابية لكل المتابعين للحركة الإنتاجية في رمضان»، مشيراً إلى أن المسلسل كان باكورة الأعمال المعروضة على قناة سلام والتي اختارت أن تكون شارة انطلاقتها بهذا المسلسل الذي تدور أحداثه في عشرين حلقة متصلة في قالب درامي تاريخ تدور أحداثه في مدينة طرابلس القديمة نهاية العقد الرابع من القرن العشرين خلال فترة الوصاية الإنجليزية لإقليم طرابلس الغرب.
و«زنقة الريح» وهي زقاق سكني، يعد أحد أهم معالم طرابلس القديمة. وبدأ مع أولى حلقات المسلسل، حالة من الاحترافية في الإخراج من حيث التصوير والإضاءة والموسيقى التصويرية والمكياج والملابس، لتنقل المشاهدين لتلك الحقبة التاريخية بكل ملامحها التي كانت غائبة تماما عن الأعمال الفنية الليبية.
ويرى قشوط أن رزق نجح في انتقاء نخبة من نجوم الدراما الليبية، واستطاع أن يجعل منهم عنصراً إيجابياً لنجاح العمل من خلال تقديمهم لأداء تمثيلي محترف، «لم نشهده في باقي الأعمال الدرامية المعروضة منذ بدء الإنتاج الليبي في مطلع سبعينيات القرن الماضي».
وانتهى قشوط، إلى أن أهم ما يميز «زنقة الريح» هو الإنتاج الضخم.
” الشرق الاوسط”