العنصرية تقتحم الرياضة … فلسطين مثالا – منير حرب – الأردن ….
العالم الآن – بداية نقول أن العنصرية هي الاعتقاد بأن هناك فروقًا وعناصر موروثة بطبائع الناس و/أو قدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما – بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق – وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعيا وقانونيا.كما يستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء إلى التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية. وهي كل شعور بالتفوق أو سلوك أو ممارسة أو سياسة تقوم على الإقصاء و التهميش و التمييز بين البشر على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي.
وتُعد لعبة كرة القدم، الأكثر ممارسة وشعبية، اللعبة الأكثر محاكاة وتأثيراً في السياسات الداخلية والخارجية للدول الكبرى والصغرى، القوية والضعيفة.
ووسط السجالات الساخنة حول الفصل بين الرياضة والسياسة، وضرورة استبدال تسييس الرياضة بترويض السياسة، أي تعميم الروح الرياضية، تبرز أهمية مقاربة طبيعة الاختلافات بين الرياضة والسياسة، من خلال طرح رزمة من التساؤلات والإشكاليات، منها: هل تُصلح الرياضة ما تفسده السياسة؟ وهل يعد اقتراح الرئيس السابق لـ«فيفا»، جوزيف بلاتر مثلا ، لحل قضية فلسطين، برعاية مباراة سلام في كرة القدم بين منتخب الكيان الصهيوني ومنتخب فلسطين اقتراحاً عقلانياً ومفيداً؟ ثم كيف تستغل الدول كرة القدم في خدمة أغراضها وأجنداتها السياسية داخلياً وخارجياً؟ وما حجم تأثير كرة القدم على المستوى السياسي الداخلي والخارجي للدولة؟ وكيف يمكن لكرة القدم أن تساعد القيادة السياسية في تعزيز شرعيتها وتأمين التأييد للنظام القائم، والتحكم في السلوك السياسي للأفراد والجماعات؟
ساهم عدد من الباحثين والكتاب في الإجابة عن رزمة الأسئلة المُثارة، ودرسوا أثر الألعاب الرياضية على السياسة والعلاقات الدولية. فأثبت محمد مفتي، في كتابه «الدور السياسي للألعاب الرياضية»، العلاقة بين الألعاب الرياضية والسياسة الدولية. وأوضح محمد السيد سليم، في كتابه «تحليل السياسة الخارجية»، أن الدول توظف الألعاب الرياضية في تنفيذ سياستها الخارجية؛ ذلك لأن الألعاب الرياضية تمتاز بخصائص عدة، فهي أداة آمنة لتنفيذ السياسة الخارجية.
وتحدث أندريه ماركوفيتز ولارس رينسمان، عن قضية تحويل العالم إلى قرية صغيرة، وتوحيد ثقافة البشر، في كتاب how sports وقام المحرران روجر ليفرمور وأدريان باد، في كتاب «Sport And International Relations، بجمع الكثير من الدراسات التي كتبت حول موضوع العلاقة بين الرياضة والسياسة، وتركزت حول بناء الدولة والعلاقات بين الدول بمساعدة الألعاب الرياضية.
وأسس فلاسفة وعلماء اجتماع، تياراً أطلقوا عليه «النظرية الناقدة للرياضة»، وفي مقدمتهم جان ماري بروم.
يبين التاريخ السياسي لكرة القدم في الشرق الأوسط، محطات وأشكال التداخل والتأثر والتأثير المتبادل، سلباً وإيجاباً، بين هذه العلاقات الرياضية، على نحو حصري، وسياسات الحكومات، والاستغلال السياسي لها من قبل بعض الأنظمة السياسية.
وبما أن لكرة القدم جماهير غفيرة من الشباب، وهم القوة الأساسية في المجتمع، فإن النظام السياسي، يستفيد من انخراطهم في نوادٍ رياضية وانشغالهم بالتعصب الكروي بدلاً من انخراطهم في نشاطات سياسية. أو يستغل تلك النوادي جماهيرياً وسياسياً، ويقوم بتوجيهها إعلامياً، وبذل المال والامتيازات لقادتها وفرقها من الأموال العامة. فضلاً عن تسخير كرة القدم نفسها للتنفيس وتفريغ الضغوط والأزمات النفسية مؤقتاً، داخل الملاعب وأمام شاشات العرض في المقاهي والساحات العامة.
ويعتقد جيمس دورسي، صاحب المدونة «العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط»، أن ملاعب كرة القدم في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «أصبحت، على مدار السنوات الكثيرة الماضية، ميادين معارك للحقوق السياسية والجنسانية والعمالية، فضلاً عن قضايا الهوية الوطنية والآيديولوجية والعرقية. وأن فحص الدور الحديث والتاريخي لمشجعي كرة القدم المتشددين في مصر، والأردن، وإيران، وبلدان أخرى، يمكن أن يساعد في إلقاء الضوء على موقف كل مجتمع حيال هذه القضايا في الوقت الحاضر».
تتكثف علاقة معقدة بين السياسة والرياضة، وعلى نحو خاص رياضة كرة القدم والصراع العربي – الصهيوني في مستواه الفلسطيني – الإسرائيلي. فالقضية الفلسطينية تبدو أقرب إلى الكرة، وجغرافية فلسطين هي الملعب، وحدودها الانتدابية هي حدود الملعب، بينما حدود الاحتلال لعام 1967 هي حدود التماس، والقدس هي منطقة الجزاء، والمستوطنون والمتطرفون الإسرائيليون هم الهوليغانز، أو المشجعون المتعصبون. وتحل روح الكراهية والعنصرية محل الروح الرياضية. ويقوم رئيس الحكومة الإسرائيلية بدور المدرب وليبيرو الفريق الإسرائيلي، ويقابله الفريق الفلسطيني الذي يفتقد خطة لعب سياسي واضحة المعالم، في أشواط المفاوضات وركلاتها الترجيحية أو المباشرة.
تعود جذور الحركة الرياضية في فلسطين إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما بدأت بعض الإرساليات الأجنبية في تأسيس مدارس خاصة بها في الكثير من المدن الفلسطينية. وجرى تشكيل أول فريق لكرة القدم على مستوى مدرسي، في عام 1908 في مدرسة المطران St. George في القدس.
ويعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام 1928، من أوائل الاتحادات العربية والآسيوية التي شاركت، لمرتين متتاليتين، في تصفيات كأس العالم عام 1934 و1938، وهو أكثر الاتحادات نشاطاً وحيوية، ونجح رغم الصعوبات الكبيرة التي ما زالت تعترض طريقه، في تنظيم ست مسابقات لبطولتي الدوري والكأس لأندية الضفة الغربية وقطاع غزة.
وانضمت فلسطين رسمياً، للاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1929، وشاركت في تصفيات كأس العالم، الذي أقيم في إيطاليا سنة 1934، وكانت نتيجة مباراتي فلسطين أمام مصر، هما الفاصلتان في الوصول إلى نهائيات مونديال إيطاليا 1934. وقد خسرت فلسطين مباراتيها أمام مصر في القدس والقاهرة، وتأهلت مصر إلى النهائيات. وشاركت فلسطين في تصفيات كأس العالم 1938، وفي ضوء ذلك كان المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، أول منتخب عربي آسيوي يشارك في تصفيات كأس العالم.
وازدهرت الكرة الفلسطينية في بداية الثلاثينات والأربعينات، ونشأت فرق فلسطينية منها: نادي الدجاني والأرثوذكسي في القدس، ونادي إسلامي يافا وإسلامي حيفا، والنادي القومي وعكا الرياضي في عكا، ونادي غزة الرياضي والنادي العربي والنادي الأرثوذكسي في غزة. ومن أشهر اللاعبين الفلسطينيين في تلك الفترة، جبر الزرقة، جورج مارديني، ميشيل الطويل، عبد الرحمن الهباب وحيدر عبد الشافي.
وشهد قطاع غزة في ستينات القرن الماضي، تقدماً كروياً في ظل انتظام المسابقات الرسمية للدوري والكأس، حيث شاركت الفرق الفلسطينية في الضفة الغربية بمسابقات الدوري الأردني.
ومع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الوطن عام 1994، دخلت الكرة الفلسطينية عهداً جديداً بإعادة تشكيل وانتخاب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وإعادة عضويته في الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الآسيوي.
أدركت الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، أن عليها العمل مع القطاعات كافة، بما فيها الشباب. فعملت على صقل هوية الشاب اليهودي الجديد، الذي ارتبط بشكل كبير بالرياضة بشتى فروعها، وبدأت في تطبيق الفكرة عمليّاً منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897. وأسس في ألمانيا أول نادٍ يهودي للألعاب البدنية عام 1898، تحت اسم «بار كوخبا». وفي عام 1903، أقامت الحركة الصهيونية حركة النوادي الرياضية البدنية.
ومع بداية الهجرات الكبرى في أواسط العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، بدأت تتأسس النوادي والاتحادات المصبوغة آيديولوجيّاً. فتأسس اتحاد هبوعيل سنة 1927، التابع للتيار القومي، الذي يمثّله اليوم حزب العمل، واتحاد بيتار التابع للتيار اليميني غير الديني، والذي يمثّله اليوم حزب الليكود وحزب إسرائيل بيتنا، وكذلك نادي إليتسور ذو الصبغة اليمينية الدينية، وهو «اتحاد رياضي ديني، أقيم من قِبل حركات الصهيونية الدينية، ويمثّلها حزب البيت اليهودي حاليّاً، والاسم توراتي نسبة إلى زعيم قبيلة روبن في فترة تيه بني إسرائيل في سيناء».
ويعود إلى سنة 1928 تأسيس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، الذي نشط ضمن إطار ألعاب «فيفا». في سنة 1929 حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة في ألعاب المونديال الأولى، التي أُقيمت في الأوروغواي سنة 1930، لكن سلطات الانتداب البريطاني، التي سيطرت على البلاد، قاطعت، في ذلك الوقت، منظمة «فيفا» التي تأسست من قِبل فرنسا؛ لذلك لم يتمكن المنتخب من المشاركة في المونديال.
اعتمد اتحاد كرة القدم الإسرائيلي (إفا) IFA عضواً في «فيفا» منذ 1929. وهو أيضا عضو في «يويفا» (الاتحاد الأوروبي لكرة القدم). و«إفا» هي جمعية غير ربحية، بإجمالي إيرادات يقدر عام 2014، بـ85 مليون شيقل (23 مليون دولار)، معظمها من الحكومة الإسرائيلية (عن طريق اليانصيب العام)، ومبيعات التذاكر وحقوق البث والأموال المحولة من «فيفا» و«يويفا» لتنظيم مسابقات وتطوير البنية التحتية. أعلن «إفا» عام 2013، عن 1076 موظفاً يعملون لديه ويتلقون أجوراً.
وتتضمن نفقات «إفا»، بالإضافة إلى الرواتب، تكاليف دعم الأندية الإسرائيلية، وتنظيم المباريات، والتدريب، وأجور الحكّام، وصيانة «الملعب الوطني»، وتعزيز صناعة كرة القدم. ينظم «إفا» فعاليات لأندية كرة القدم الإسرائيلية، ويعزز أنشطتها ويكسب المال منها أيضاً، من خلال مبيعات التذاكر وحقوق بث المباريات.
وتأسس في شهر أبريل (نيسان) عام 1930، المنتخَب الأول لاتحاد كرة القدم، الذي نشط تحت رعاية الانتداب البريطاني، وتكون من ستة لاعبين يهود، ولاعب عربي واحد وتسعة لاعبين بريطانيين. ولعب المنتخَب ضد فرق محلية مصرية من القاهرة والإسكندرية.
ومقابل الرواية الفلسطينية، يُزعم أنه بتاريخ 16 مارس (آذار) عام 1934، أُقيمت، وكجزء من المباريات الأولى لمونديال 1934، مباراة بين المنتخب الإسرائيلي المكوّن من لاعبين يهود فقط، وبين المنتخب المصري، الذي لعب بقيادة النجم محمد مختار من فريق آرسنال، وقد فاز فيها المصريون.
ويعتبر منتخب إسرائيل لكرة القدم الممثل الرسمي لدولة إسرائيل في رياضة كرة القدم، ويشرف عليه اتحاد إسرائيل لكرة القدم الذي أسس عام 1928، وهو عضو حالياً، في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم منذ عام 1991.
عندما أسس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم كأس آسيا الأول عام 1956 في هونغ كونغ، انتصر منتخب إسرائيل في 1 سبتمبر (أيلول) 1956 على حساب هونغ كونغ 3:2 ليضمن المركز الثاني. وفي 1960 وصل أيضاً إلى النهائي مع كوريا الجنوبية وفيتنام الجنوبية وتايوان، حيث حصل على مركز الوصيف أيضاً. وفي عام 1964، استضافت إسرائيل البطولة وفازت بها، بعد فوزها على الهند وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ. وفي إيران في 19 مايو (أيار) 1968، لعبت إسرائيل ضد إيران لتخسر 2:1 وتأخذ الموقع الرابع في البطولة، وبورما، وتايوان، وهونغ كونغ.
وشارك عدد من فلسطينيي 1948 حاملي الجنسية الإسرائيلية، في تركيب المنتخب الإسرائيلي، ومنهم: علي عثمان ابن قرية بيت صفافا، أول عربي يرتدي زي المنتخب الإسرائيلي. ومن ثم جاء كثيرون ومميّزون بعده، وكان من بينهم زاهي أرملي من شفاعمرو، ووليد بدير من كفر قاسم، الذي سجل هدفاً ضد فرنسا في تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2006 في ألمانيا. وكذلك، رفعت ترك من يافا، ولعب مع المنتخب في أولمبياد 1976، وعباس صوان الذي أحرز هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة، في مباراة المنتخب مع آيرلندا في الدور التمهيدي لمونديال عام 2006، وسليم طعمة ابن مدينة اللد.
أثارت مشاركة أولئك اللاعبين التوترات لدى الفلسطينيين، الذين قالوا إنه يجب مقاطعة المنتخب الوطني الإسرائيلي، وبين الإسرائيليين على حدِّ سواء. وعانوا من مواقف عنصرية من الجمهور الإسرائيلي.
من أبرز الأندية الإسرائيلية، الأندية التابعة لهبوعيل ومكابي. ففي الدرجة الممتازة في كرة القدم، يلعب أربعة عشر فريقاً، منها فريق عربي واحد، هو فريق أبناء سخنين، وست فرق تابعة لهبوعيل، وثلاثة لمكابي.
واستطاع فريق أبناء سخنين، الذي يضم لاعبين يهوداً أيضاً، الوصول إلى الدرجة الممتازة في كرة القدم عام 2003.
ولم تموّل الحكومة الإسرائيلية بناء وتجهيز أي ملعب للفرق العربية. وقد ربطت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريجف، بين الحصول على الدعم وبين قبول يهودية الدولة. وطالبت فريق أبناء سخنين بإلغاء كل المظاهر العربية ورفْع العلم الإسرائيلي فوق أسوار النادي، من أجل الحصول على الدعم، علماً بأن كل الاتحادات الرياضية اليهودية، سواء المكابي أو البيتار أو هبوعيل، يُسمح لها بتأكيد الهوية الخاصة بها، والحفاظ عليها.
ومنذ ارتقاء فريق أبناء سخنين إلى الدرجة الأولى في إسرائيل، تحولت اللقاءات مع بيتار القدس إلى لقاءات مشحونة بالمنافسة والعداوة؛ إذ تتسم هذه اللقاءات بحضور أمني كبير، وبإبعاد الكثير من المشجعين عن الملاعب. وفي الجانب الآخر، تحولت اللقاءات إلى واحدة من أفضل الأحداث الرياضية في إسرائيل لأجل الخصومة بين الطرفين.
ويسود الإحساس أثناء هذه اللقاءات، بأن اللعبة تتحول إلى حرب عابرة للرياضة، وتلبس قالباً سياسياً ووطنياً، وتصبح مباراة بين إسرائيل وفلسطين. فيمتلئ الملعب بأعلام إسرائيل من جهة، وأعلام فلسطين من جهة أخرى؛ ما يشعل مشاعر الطرفين.
هناك أندية لكرة القدم أعضاء في «إفا»، تقيم ملاعبها الرسمية في مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية، وهي: مكابي آرييل لكرة قدم الصالات؛ نادي آرييل البلدي لكرة القدم؛ بيتار غفعات زئيف شابي؛ بيتار معاليه أدوميم؛ هبوعل أورانيت، وفريق هبوعيل وادي الأردن، الذي يلعب مبارياته في مستوطنة تومر بالضفة الغربية، ويتدرب في إينات داخل إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، هناك نادي هبوعيل قطمون أورشليم، ولديه ملعبان رسميان في القدس الغربية، كما يلعب بعض المباريات «على أرضه» في مستوطنة معاليه أدوميم.
وبسبب التمييز المتأصل في المستوطنات الإسرائيلية، ليس للأندية خيار سوى تقديم هذه الخدمات بطريقة تمييزية. لا يسمح الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين بدخول المستوطنات، التي يعتبرها مناطق عسكرية مغلقة، باستثناء عمال حاصلين على إذن خاص. لهذا السبب؛ يمكن للاعبين الإسرائيليين، وليس الفلسطينيين من الضفة الغربية، دخول المستوطنات للتدرب والمنافسة. يمكن للمشاهد الإسرائيلي وليس الفلسطيني، حضور المباريات. يمكن للأطفال الإسرائيليين وليس الفلسطينيين، اللعب في بطولات الشباب أو الانضمام إلى معسكرات كرة القدم.
وتعاني كرة القدم الفلسطينية، من عدم القدرة على إقامة دوري متكامل؛ نتيجة تقطيع الاحتلال الإسرائيلي للضفة إلى نحو 64 منطقة، وعزل المناطق والمحافظات عن بعضها بعضاً، إضافة إلى تقطيع غزة إلى خمس مناطق.
وقد شملت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية ما يلي:
– البنية التحتية: منع سلطات الاحتلال وعرقلتها تشييد الملاعب، وكل ما له علاقة بالبنية التحتية الأخرى، وتدمر أحياناً، ما هو موجود منها. وتقييد حركة اللاعبين المحليين أو اللاعبين الزوار والإداريين، وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد والصحافيين داخل أراض السلطة الفلسطينية وخارجها. وتمنع كذلا، أو تؤخر أو تسلم الشحنات المرسلة من «فيفا» والاتحاد الآسيوي أو التبرعات، التي تبادر إليها الاتحادات القارية والهيئات الرياضية الأخرى. وتتدخل إسرائيل في تنظيم اللقاءات الكروية الودية بين فلسطين وغيرها من الاتحادات، وعادة ما تحول دون إقامة الكثير منها.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012؛ قصفت الطائرات الحربية من نوع «إف16» ملعب فلسطين في غزة؛ ما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة في بنيته التحتية. ولم يقتصر الأمر على الملعب؛ بل تعداه ليشمل لائحة طويلة من الأهداف، وهي: مبنى اللجنة الأولمبية الفلسطينية، واتحاد كرة القدم، وملعب اليرموك، وملعب رفح، ونادي اتحاد الشجاعية، ونادي الشمس، ونادي الشهداء، ونادي أهلي النصيرات، ونادي خدمات دير البلح، ونادي شباب جباليا، ونادي شباب رفح والمدينة الرياضية، ونادي الهلال.
ولم تقتصر ممارسة العنصرية ضد الرياضة الفلسطينية على حكومة إسرائيل، ممثلة بوزيرة الرياضة، وإنما تشمل أيضاً، الجمهور اليهودي المعادي للعرب، الذي تمادى في إطلاق الشعارات العنصرية ضد العرب، وضد وجودهم. وفيما يلي بعض هذه النماذج:
– عند فوزه ببطولة الكأس عام 2004، وقف لاعبو سخنين العرب واليهود، وقاموا بمصافحة وزيرة الرياضة، حينها، ليمور ليفنات، في حين رفض لاعبو وإداريو نادي بيتار في موقف مماثل عام 2009، مصافحة وزير الرياضة حينها غالب مجادلة، وهو عربي من حزب العمل.
– قيام اللاعب الإسرائيلي عميت بن شوشان، بالهتاف مع الكثير من لاعبي المنتخب الإسرائيلي، ضد زميلهم العربي المسيحي في المنتخب سليم طعمة، ووصفه بالمخرب، وهتافهم «الموت للعرب»، و«نحن نكره العرب».
– إطلاق هتافات عنصرية من فرق بيتار، وبخاصة بيتار القدس، الذي يُعتبر قائد موجة العنصرية، ووصف اللاعبين العرب بالقردة.
من يمارس «الإرهاب» الرياضي؟
زعم حاييم شاين، الكاتب في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أن جبريل الرجوب، رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، كان من الأسباب الأساسية لإلغاء مباراة منتخب الأرجنتين مع المنتخب الإسرائيلي في القدس. واقترح إحراق قمصان ميسي، ونظّم مظاهرات أمام ممثلية الأرجنتين في رام الله، وحوّل مباراة كرة قدم إلى حدث سياسي. ولا شك أنه نجح في إدخال الإرهاب إلى الرياضة. وتناسى شاين قصداً، السجل الكبير للانتهاكات وأشكال الإرهاب الإسرائيلي المتعدد الذي يصاحبه النفخ في أبواق الكراهية والحقد على العرب، وعلى نحو خاص الفلسطينيون منهم.