«الخضر» أكبر الرابحين في ألمانيا و«البديل» يفشل في تحقيق اختراق
العالم الآن – لم ينجح اليمين المتطرف في ألمانيا في تحقيق «الاختراق الكبير» الذي كان يأمل أن يحققه في الانتخابات الأوروبية. فبعد أن كان يعقد آمالاً على الحصول على15 في المائة إلى 20 في المائة من أصوات الناخبين، لم تتعد حصة حزب «البديل لألمانيا» 10 في المائة، في زيادة بثلاث نقاط عن الانتخابات الأوروبية الماضية عام 2014، وهي نسبة أقل من تلك التي حصل عليها في الانتخابات العامة عام2017.
وبدأ الرابح الأكبر في هذه الانتخابات حزب «الخضر» الذي جاء في المرتبة الثانية في البلاد للمرة الأولى، مستفيداً على ما يبدو من تراجع كبير في شعبية حزب «الاشتراكيين الديمقراطيين»، حزب اليسار الوسط والشريك في الائتلاف الحاكم. وتمكن حزب «الخضر» من مضاعفة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، لتزيد على 20 في المائة من أصوات الناخبين.
وبينما عكست النتائج خسائر مشتركة للائتلاف الحاكم، خسر فيها الحزب «المسيحي الديمقراطي» وشقيقه «البافاري» 7 نقاط، مقارنة بالانتخابات الماضية محققاً 28 في المائة من الأصوات (أي حل في الطليعة)، فإن الخاسر الأكبر كان الحزب «الاشتراكي الديمقراطي»، الذي لم ينجح في الحصول إلا على 15 في المائة من الأصوات، فيما كانت حصته في الانتخابات الماضية تزيد على 27 في المائة.
وأظهرت دراسات للنتائج أن جزءاً كبيراً من الشباب ما دون سن الـ30 صوتوا لحزب «الخضر»، ما شكل دفعة كبيرة لهذا الحزب، ما دفع «البديل لألمانيا» إلى وصفه بـ«غريمه الأول». وعلى عكس حزب «الخضر»، يرفض «البديل لألمانيا» إدخال برنامج بيئي في أجندته، وينتقد الناشطين في المجال البيئي من بينهم المراهقة السويدية غريتا ثونبيرغ.
ولم تكن الانتخابات الأوروبية الخسارة الوحيدة التي مني بها الحزب «الاشتراكي»؛ بل فقد أغلبيته كذلك في انتخابات محلية في ولاية بريمين، التي كان يحكمها منفرداً أو في ائتلاف منذ 73 عاماً. وحل حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» في المرتبة الأولى، بينما أعاد حزب «الخضر» تكرار السيناريو نفسه، بسحب كثير من الأصوات من اليساريين الوسطيين. ورغم تمسك مرشح «الاشتراكيين» في بريمين بتشكيل حكومة محلية، ودخول مفاوضات مع «الخضر» الذي بات «صانع الملك» هناك، فإن حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» بدا مصراً كذلك على تشكيل الحكومة الائتلافية في بريمين. وشكلت خسارة هذه الولاية صفعة كبيرة لهذا الحزب، الذي تزداد خسائره منذ الانتخابات العامة الماضية، وقراره دخول حكومة أنجيلا ميركل الائتلافية. وتحاول زعيمته أندريا ناهلس منذ تسلمها زعامة الحزب قبل عامين، تقليص خسائر الحزب دون جدوى. وتتعالى الأصوات الداخلية لمغادرة الحكومة، والجلوس في صفوف المعارضة، في محاولة لإنقاذ الحزب الذي يحكم في «الظلال» في حكومات ميركل المتعاقبة منذ 14 عاماً.
وأعادت خسائر الاشتراكيين الفادحة الحديث عن إمكانية سقوط الحكومة، ومغادرة مبكرة لميركل، التي تعهدت بالبقاء في منصبها حتى نهاية عهدها. ولكن المتحدث باسم ميركل أكد أمس أنه لن تحصل أي تغييرات في الحكومة، باستثناء استبدال وزيرة العدل كاتارينا بارلي (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) التي حصلت على مقعد في البرلمان الأوروبي.
إلا أن القرار بإسقاط الحكومة أصبح في يد «الاشتراكيين» الذين قد يعلنون الانسحاب منها، ما سيؤدي إلى سقوطها تلقائياً والدعوة إلى انتخابات مبكرة نهاية هذا العام.
هذه النتائج ستفتح الباب أيضاً لـ«مواجهة» جديدة بين ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول رئيس المفوضية الأوروبية الجديد الذي سيخلف جان كلود يونكر. ويرأس مانفرد فيبر من حزب «الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري» (الحزب الشقيق للاتحاد المسيحي الديمقراطي) أكبر كتلة برلمانية أوروبية، وهي كتلة الأحزاب اليمينية الوسطية. وعادة ينتخب رئيس أكبر كتلة ليكون رئيس المفوضية. إلا أن ماكرون أبدى اعتراضاً لانتخاب ألماني للمنصب، منذ ترشح فيبر مشيراً إلى تفضيله زعيم كتلة اليسار الوسط الهولندي فرانس تيمرمان، أو حتى انتخاب سيدة للمنصب للمرة الأولى.
وقد ثبتت نتائج الانتخابات موقف ماكرون الذي شكل كتلة وسطية جديدة في البرلمان الأوروبي، يزيد عدد نوابها على المائة، ستلعب من دون شك دوراً أساسياً في اتجاه تصويت البرلمان، بعد أن خسرت الكتلتان الرئيسيتان (اليمين الوسط واليسار الوسط) الأغلبية، وباتا بحاجة للتفاوض مع أحزاب أخرى.
” الشرق الاوسط”