هيومن رايتس تتهم قوات الأمن في سيناء بارتكاب “انتهاكات جسيمة” ومصر تنفي
العالم الآن – قالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الجيش والشرطة المصرية، في حملتها الأمنية المستمرة في شبه جزيرة سيناء شمال شرقي مصر، ترتكب انتهاكات ضد المدنيين يرقى بعضها إلى جرائم حرب، والمتحدث العسكري يصدر بيانا ينفي فيه ما ورد في التقرير، ويقول إنه جاء “مغايرا للحقيقة”.
وفي تقرير مطول عنوانه: “اللي خايف على عمره يسيب سينا: انتهاكات قوات الأمن المصرية ومسلحي داعش في شمال سيناء”، وثقت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، صورة تفصيلية للمشهد في سيناء والذي قالت إنه لا يحظى بتغطية إعلامية كافية، في ظل حظْر التقارير المستقلة من شمال سيناء وسجْن عدة صحفيين غطوا الأحداث هناك.
وتفرض السلطات المصرية قيودا تحول دون وصول وسائل الإعلام المستقلة إلى سيناء.
وتشهد سيناء تصاعدا في أعمال العنف منذ يوليو/تموز 2013، بعد إطاحة الجيش المصري بنظام جماعة الإخوان المسلمين بعد تظاهرات شعبية حاشدة. وقد أعلنت جماعة “أنصار بيت المقدس” في سيناء ولاءها لتنظيم الدولة الإسلامية، وتغيير اسمها إلى “ولاية سيناء”.
وقد نشْر الجيش المصري في المقابل أكثر من 40 ألف جندي من وحدات البحرية وسلاح الجو والمشاة. وأعلنت السلطات المصرية في التاسع من فبراير/ شباط 2018 بدء عملية شاملة في شمال ووسط سيناء، والظهير الصحراوي غرب وادي النيل، وذلك من أجل “القضاء على العناصر الإرهابية في سيناء”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الوضع في سيناء وصل إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي، وإن الأطراف المتحاربة انتهكت قوانين الحرب الدولية وكذلك قوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية.
ودعت المنظمة إلى وقف المساعدات الأمنية والعسكرية لمصر على الفور؛ كما دعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى تشكيل لجان مستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سيناء، متهمة السلطات المصرية بالتقاعس في هذا الصدد.
ورصد التقرير حالات اعتقال جماعية تعسفية وعمليات إخفاء قسري وظروف احتجاز بالغة السوء وحالات تعذيب وقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية.
وتحدث التقرير عن استهداف للمدنيين وعدم تمييز بينهم وبين المسلحين، وعن سحْق لحقوقهم الأساسية ونسْف أية مساحة للنشاط السياسي السلمي أو المعارض.
وحمّلت هيومن رايتس ووتش قوات الجيش والشرطة مسؤولية معظم الانتهاكات التي وثقها التقرير، وقالت إن المسلحين المتطرفين أيضا اقترفوا جرائم مروعة تضمنت اختطاف وتعذيب عشرات السيناويين المدنيين وقتل بعضهم، فضلا عن إعدام عناصر أمن محتجزين.
وقال التقرير إن المسلحين المتطرفين شنوا هجمات عشوائية مستخدمين عبوات ناسفة يدوية الصُنع في مناطق مأهولة بالسكان، مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين ونزوح السكان قسرا.
وقال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن قوات الأمن المصرية “أبدت ازدراء تاما لحياة السكان، بدلا من حمايتهم، وحولت حياتهم اليومية إلى كابوس مستمر من الانتهاكات”.
وقال بيج كذلك إن “تنظيم داعش في شمال سيناء يستحق الإدانة العالمية التي واجهها، لكن عمليات الجيش التي شابتها انتهاكات لا تقل خطورة … ولابد أن تواجه بالنقد الشديد لا بالإشادة”.
وتقول المنظمة إن التقرير استند إلى مقابلات مع 54 من سُكان شمال سيناء بين عامي 2016 و2018، ومقابلات مع عدد من النشطاء والصحفيين، فضلا عن ضابطين سابقين بالجيش وجندي ومسؤول حكومي مصري سابق، واستند كذلك إلى مقابلة مع مسؤول أمريكي سابق مختص بالأمن القومي كان مكلفا بمتابعة الشأن المصري.
واعتمدت هيومن رايتس ووتش أيضا في تقريرها على عشرات البيانات الرسمية وتقارير إعلامية وصور الأقمار الصناعية ومراكز اعتقال عسكرية سرية.
“ادعاءات ليس لها أساس من الصحة”
وتنفي السلطات المصرية دوما ارتكاب أي انتهاكات حقوقية في سيناء في إطار حملتها ضد المسلحين هناك، وتقول إن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية مسيسة، وتفتقر إلى المهنية، وتتعمد تشويه سمعة مصر.
وقال المتحدث العسكري في مصر إن ما ورد في تقرير هيومن رايتس ووتش “ادعاءات ليس لها أساس من الصحة”، وأكد في بيان للرد على هذا التقرير على عدة نقاط، وهي كما يأتي:
1 – قيام القوات المسلحة بإتخاذ كافة التدابير القانونية ومراعاة المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان .
2 -مراعاة القوات المسلحة لحياة المدنيين أثناء تنفيذ العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية وتنفيذ الضربات الجوية خارج نطاق التجمعات السكانية .
3 – تنفيذ المنطقة العازلة على الشريط الحدودى طبقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (1008) لعام 2015 وتعويض المتضرريين عن طريق محافظة شمال سيناء وتنفيذ مدينة رفح الجديدة بإجمالى (10016) وحدة سكنية .
4 – قيام القوات المسلحة بدعم جهود الدولة فى المشاريع التنموية فى سيناء بالإشراف على تنفيذ (312) مشروع فى كافة المجالات المختلفة وذلك للإرتقاء بالأوضاع الإجتماعية والمعيشية وتوفير فرص العمل لأهالى سيناء .
5 -نجاح القوات المسلحة فى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية وعودة الحياة إلى طبيعتها وتوفير الأمن والسلم الإجتماعى للمواطنين من مخاطر الإرهاب بشمال سيناء.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت شبه جزيرة سيناء نشاطا مكثفا لمسلحين يشنون هجمات على قوات الأمن والجيش.
وقُتل المئات من أفراد الجيش والشرطة والمدنيين، راح غالبيتهم ضحايا هجمات شنتها جماعة ولاية سيناء الموالية لتنظيم الدولة.
” bbc”