صفقة أسرى جديدة تلوح في الأفق… قد تنقذ نتنياهو وحماس
العالم الآن – لم يعد الحديث عن صفقة تبادل أسرى جديدة بين حركة حماس وإسرائيل يرِد بشكلٍ خجول، بل باتت الأوراق المستورة تتكشّف، والتسريبات التي تدور بين الأروقة تأخذ منحى جديداً، وتكشف عن إمكان قرب موعد الصفقة، التي قد تشكل فارقاً كبيراً في الأوضاع السياسية الإقليمية.
المعلومات المتوافرة لـ “اندبندنت عربية” تؤكد أنّ حديثاً جاداً جرى بوساطة دوليّة وعربيّة، مع القيادة السياسيّة لحركة حماس، حول ملف الجنود الإسرائيليين المعتقلين لديها في قطاع غزة، وأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على اطلاع بما يُناقش مع حماس. وكانت قناة إسرائيليّة قد تحدثت عن أن ألمانيا تسعى للتوسط في صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
إلا أنّ حماس تقول إن ملف الجنود الإسرائيليين خاص بالجناح العسكري لها، كتائب القسام، وهو مَن يُحدّد الوقت والشكل المناسبين لصفقةِ تبادلٍ مرتقبة، وفق شروطٍ مسبقة، قبل فتح ملف عملية التبادل، ومن بينها، الإفراج عن محرّري صفقة التبادل الأولى في الضفة الغربية، والتي عاودت إسرائيل اعتقالهم، ويقدر عددهم بحوالى 80، أفرجت عن 30 منهم.
وحول الحديث عن اقتراب أفق صفقة أسرى جديدة، وتدخل وساطات دوليّة في ذلك، يقول المتحدث باسم حماس في قطاع غزّة عبد اللطيف القانوع لـ “اندبندنت عربية”، إنّه لا يستطيع أن ينفي أو يؤكّد ذلك، ولكن معلومات ما تُشير إلى إمكانية حدوث ذلك بعد فشل الانتخابات الإسرائيلية، وأنّ أيّ صفقة مرتبطة بالمناخ السياسي.
انتخابات جديدة
فعلياً، فإنّ الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أعلن عن حلّ نفسه بالقراءات الثلاث، قبل تشكيل حكومة جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، بعد فشله في تشكيل ائتلافٍ حكومي، عقب فوزه في الانتخابات المبرمة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلن الكنيست عن عقد انتخابات جديدة في سبتمبر (أيلول) المقبل. ويعد ذلك سابقة في تاريخ إسرائيل، أن يجري حلّ الكنيست من دون تشكيل حكومة، وأن يفشل الفائز في الانتخابات (بنيامين نتنياهو) في تشكيل ائتلافٍ حكومي، ووفق قوانين الكنيست، فإنّ نتنياهو سيقود إسرائيل حتى الانتخابات المقبلة.
ووفق القناة الإسرائيلية، فإنّ قيادياً كبيراً في كتائب القسام، برفقة أربعة قياديين من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، كانوا موجودين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال جولة التصعيد الأخيرة بداية الشهر الجاري في قطاع غزّة. وبالتدقيق في تلك الفترة، فإنّ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، وقائد حركة حماس في غزّة يحيى السنوار، كانا في القاهرة ضمن زيارة رسمية لبحثِ ملفات عدة، المعلن منها وقف إطلاق النار بين غزّة وإسرائيل، ولكن معلومات “اندبندنت عربية” تؤكّد أنّ ملف الجنود الإسرائيليين كان على طاولة البحث.
مؤشرات ألمانية
وحول الوساطة الألمانية، ثمّة مؤشرات تؤكّد ذلك، الأوّل زيارة دبلوماسيين ألمان أمنيين إلى غزّة أخيراً، ضمن الوفود التي دخلت القطاع، عقب وقف إطلاق النار، وجلوسهم مع حركة حماس، والثاني أنّ برلين كان لها دور كبير في صفقة تبادل الأسير الجندي جلعاد شاليط 2011، والثالث موقف ألمانيا المتوازن الذي يدعم حلّ الدولتين.
وبالملاحظة، هناك تقارب كبير حصل أخيراً بين ألمانيا وإسرائيل، حين جرّمت الأولى حركات مقاطعة إسرائيل، ومن ناحية أخرى فإنّ موقف حماس المعلن من ألمانيا جيّد، وأنّها منفتحة على الدول الأوروبية لبناء علاقات استراتيجية.
صفقة قريبة
يرجح الباحث في الشأن الإسرائيلي عاهد فروانة أن يلجأ نتنياهو إلى الموافقة على إبرام صفقة تبادلٍ مع إسرائيل، على شرط أنّ تكون عادية، وليست بحجم الصفقة السابقة (صفقة شاليط 2011 بين إسرائيل وحماس)، حتى يكسب نقاطاً جديدة في الساحة السياسية الإسرائيلية. ويقول فروانة إنّ صفقة تبادلٍ قد تنقذ نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فهو يهدف إلى تجاوز 40 مقعداً داخل الكنيست، وما يساعده على ذلك إنجاز صفقة مناسبة له، ولن يستطيع أن يبادر في صفقة كبيرة حتى لا تؤثر في شعبيته.
وعادة ما يروّج رئيس الحكومة الإسرائيلية أنّ الأسرى لدى حماس في غزّة قتلى، وأنّهم من أصولٍ عربيّة، وأنّ عدداً منهم دخل القطاع بإرادته الشخصية وليس في نطاق حربٍ بريّة، ويهدف من ذلك لتقليل سعر صفقة التبادل المقبلة.
الجنود المحتجزون
والأسرى الجنود لدى حماس، هم آرون شاؤول الذي وقع في قبضة كتائب القسام، بعدما نزل من آلية عسكرية تعطّلت أثناء الاجتياح البري لغزّة في حرب العام 2014، واعتُقل من الميدان وفق الرواية الإسرائيلية. والأسير الجندي هدار جولدن الذي وقع في قبضة كتائب القسام، أثناء اجتياح مدينة رفح، جرى اعتقاله من ميدان القتال عام 2014، بحسب الرواية الإسرائيلية.
والإسرائيليان هشام السيد من أصول عربية، وأبراهام منغستو يهودي من أصول إثيوبية، دخلا غزّة، سيراً على الأقدام، في أوقات متفرقة، وهما جنديان في الجيش الإسرائيلي، وتفيد المعلومات المتوافرة لـ “اندبندنت عربية” بأنّهما أحياء.
بيئة سياسية مناسبة
ويقول الباحث السياسي حسام الدجني “باتت البيئة السياسية جاهزة لتحريك المياه الراكدة في ملف تبادل الأسرى الإسرائيليين، فالاستخبارات المصريّة، التي ترعى مباحثات بين حماس وإسرائيل، ترغب في ضبط الميدان وعدم حدوث تصعيد عسكري، ودفع عجلة التفاهمات، لذلك تسعى مصر لإنجاز صفقة تبادل جديدة. ويضيف “يرغب نتنياهو في كسب الرأي العام خلال أقل من خمسة أشهر لموعد عقد الانتخابات الإسرائيلية الجديدة، ويكون ذلك من خلال صفقة تبادل ترفع نسبة شعبيته وتؤكّد أنّ مساره في التعامل مع حماس وغزّة لصالح إسرائيل”.
ويتابع “كذلك المجتمع الدولي يريد أن يُمرر صفقة القرن، ومعني ببيئة جيدة، ويمكن أن يكون ذلك من خلال إنهاء ملف الجنود العالقين لدى حماس”، موضحاً أنّ القسام غير معني ببقاء الجنود لديه فترة أطول، ويريد تحقيق مكاسب عدّة من بينها الإفراج عن الأسرى، وأن تمضي التفاهمات وتخفيف الحصار.
” اندبندنت”