الغرور القاتل وحدود إستخدام القوة !!! – د. غالب سعد – الأردن

0 305

العالم الآن – إذا كان من الخطأ الإستهانة بقوة الخصم، فمن الخطيئة الإغترار بالقوة الذاتية، واستخدامها بلا حدود، هذه خلاصة تجربة شعوب الشرق الأوسط، وربما تجربة كل الشعوب العالم وعلى مدى التاريخ، فقد شهد منطقتنا خلال العقد الماضي وما تزال، موجة مقلقة من الاستخدام المفرط للقوة، أحياناً من قبل جماعات المعارضة للضغط على حكوماتها، أو من قبل الحكومات لمواجهة الإحتجاجات والمطالب الداخلية، وفي حالات أخرى، منقوى ودول من خارج الحدود، تسعى للتأثير والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب الأخرى، وهو ما سنركز عليه اليوم.
لا حاجة لسرد الأمثلة، والنتائج الكارثية لسوء تقدير قوة الطرف الآخر، أو القوة الذاتية والإستخدام المفرط لها، فبداية من فلسطين وأحداث لبنان مروراً بحروب وأحداث العراق ومصر وليبيا وسوريا وحتى اليمن والسودان، والقائمة تطول، فأي كانت الدوافع والمبررات والظروف، التي يمكن الجدل في تفاصيلها ووجاهتها وشرعيتها، فليس من المقبول وطنياً وقومياً وانسانياً، هدور كل هذه الإمكانيات للهيمنة على الآخر والاضرار به، بدلاً من استثمارفائض القوة والموارد، في البناء والتنمية وخدمة السلام وخير الإنسانية.

في التقييم العام لنتائج هذه الموجة من العنف، تخرج كل الأطراف خاسرة، ونادراً ما يحقق أحدها نصراً حاسماً، أو حلاً جذرياً لمشكلته، وحتى في محاولات الهيمنة والتدخل المستمرة، بدأت تظهر علي العابثين علامات الإرهاق والفشل، بينما تبدي الجهات المستهدفة اسعداداً اكبر للصمود والمواجهة، دون أن تنسى أو تسامح، من تسبب لها بالدمار والشقاء، لقد شارفت قدراً تها على الصبر والمسايرة والإنحناء للعاصفة على النفاذ، وإذا كانت الدول تتأخر في الرد عادةً، لحكمة تراها قيادتها، أو لحالة التفكك والضعف أحياناً، فمن يأمن ردوداً شعبية ، من الأفرادً والمجموعات، التي طالها الضرر، وتشعر بمرارة الظلم والقهر.

لم يفت الوقت لتراجع الأطراف مواقفها، وتود للحكمة والتعقل، ليهتم كل طرف بشؤونه ويترك الآخرين يتدبرون أمورهم، فالرجوع الى الحق فضيلة، والقاعدة الذهبية تقول : كلما اتسعت دائرة الظلم، زادت إحتمالات الرد والإنتقام، فكل الظروف النفسية والسياسية واللوجستية متوفرة لذلك، وليس من الجهات المعتدية العابثة، من هي بدون خصوم يتربصون بها، خاصة اذا بلغت بها الحماقة والغرور وسوء التقدير، أن تتجاوز كل القوانين والتقاليد والأعراف، وإستثارت عداء كل من هب ودب، حتى أقرب الأهل والجيران والأشقاء والحلفاء، وكأنها تدفعهم متعمدة، الى طريق العنف وأحضان الخصوم، الذي ينتظرون، ويعرضون دعمهم وخدماتهم، وكما هو معروف فإن المنطقة أضحت ساحة كبرى مفتوحة للعنف، وبقايا مكونات الإرهاب، أسباباً وأفكاراً وأشخاصاً وأدوات، ومن بينها التقنيات الرخيصة المتطورة سهلة الإستعمال، للقتل والدمار عن بعد، وما أكثر الملاذات الآمنة على مقربة من الحدود، في مناطق مضطربة خارجة عن السيطرة.

هل يدرك من أنعم الله عليهم بالموارد وفرص التنمية والإستقرار، خطورة هذه اللعبة الجهنمية، وأين الحكمة في هدر مواردهم وتعريض أمنهم ومصالحم وإنجازاتهم التنموية للخطر، ألم يكن ما حصل من هجمات مؤسفة، على ناقلات النفط على السواحل الإماراتية، وعلى مواقع حساسة في السعودية، قد دق ناقوس الخطر، وأرسل عينات لسيناريوهات كارثية، لا يقبلها ولا يتمناها عاقل غيور، إن مصدر الرعب، ليس كثرة الأعداء وقوتهم فقط، بل هشاشة وانكشاف الوضع الداخلي والمواقع والمصالح الحيوية، التي لا يمكن حمايتها ولا تحتمل المغامرة، ولكن من يسمع صوت الحكمة التي لا أذكر إذا كانت شامية، شمال افريقية، أو يمنية ، من كان بيته من زجاج لا يرمي بيوت الناس بالحجارة، فيا ليت قومي يعقلون !!!
[email protected]

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد