مصر تبني مدينة للسياحة العلاجية باستثمارات 20 مليار جنيه
العالم الآن – أعلنت مصر عن بدء تنفيذ مدينة طبية للسياحة العلاجية بمدينة بدر، (شرقي القاهرة)، التي تعد أحد أقرب المدن المصرية للعاصمة الإدارية الجديدة التي يجري إنشاؤها حالياً، وأكدت الحكومة المصرية، أن المدينة الطبية الجديدة «ستكون أكبر مدينة للسياحة العلاجية في الشرق الأوسط وأفريقيا».
وقال عمار مندور، رئيس جهاز مدينة بدر، في مؤتمر صحافي للإعلان عن المشروع، إنه «يجري الإعداد لإنشاء المدينة الطبية باستثمارات تقدر بنحو 20 مليار جنيه، 90 في المائة منها مصرية»، مشيراً إلى أن «المعاينة الأولية لموقع المشروع تمت، ومن المقرر أن يتم تزويد المدينة الطبية الجديدة بأحدث التقنيات في عالم الطب».
وأوضح مندور أن «المدينة ستضم 13 معهداً متخصصاً في مختلف العلوم الطبية، تستوعب نحو 2000 سرير، إضافة إلى مهبط للإسعاف الطائر، ومستشفى تعليمي، وحدائق استشفاء طبيعية، ومشتل للنباتات الطبية»، مشيراً إلى أن «المدينة العلاجية تعد أحد المشاريع القومية الكبرى التي ستوفر الكثير من فرص العمل للشباب».
وقال الأمين العام لجامعة بدر والمدينة الطبية، محمد سليمان، إن «المدينة ستعتمد على أحدث نظم الإدارة في العالم، حيث ستتم الاستعانة بأكبر الشركات والخبرات الأجنبية في الإدارة خلال السنوات الخمس الأولى، بالتعاون مع الخبرات المصرية، وستخصص 10 في المائة من أسرتها لعلاج غير القادرين من المصريين».
ويقام المشروع على مساحة 109 أفدنة، وسيبدأ توفير الخدمة الطبية في المرحلة الأولى للمشروع، بعد 30 شهراً من تاريخ البدء في التنفيذ، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من تنفيذ المشروع بعد 5 سنوات، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى بعد عامين من بدء التنفيذ.
وشكك السياحي محمد كارم، في إمكانية «مساهمة المدينة العلاجية المزمع إنشاؤها في تنشيط السياحة العلاجية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أي مدينة علاجية لا بد أن يراعى فيها توافر عوامل بيئية خالية من التلوث، وهذا غير متوافر في مدينة بدر التي تمتد من مدينة الشروق، وحتى مدينة الروبيكي على مشارف مدينة العاشر من رمضان الصناعية»، موضحاً أنه «تم نقل مدابغ الجلود من منطقة سور مجرى العيون بالقاهرة إلى مدينة بدر، فيما يعرف بمدينة الروبيكي، كما تضم المدينة منطقة صناعية كبيرة»، متسائلاً: «لماذا لم يتم إنشاء المدينة العلاجية في واحدة من المناطق المشهورة بإمكاناتها في السياحة العلاجية، مثل الواحات والغردقة وسفاجا».
لكن هشام الدميري، رئيس هيئة تنشيط السياحة السابق، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «اختيار مدينة بدر لإقامة المشروع اختيار موفق جداً؛ نظراً لوقوعها بجوار العاصمة الإدارية الجديدة»، مؤكداً أن «المشروع تمت دراسته بيئياً وصحياً، ولا يمكن لمشروع بهذا الحجم أن يتم دون مراعاة الاشتراطات الطبية والبيئية والصحية».
وتشتهر مصر بعدد من المواقع الطبيعية التي تستخدم في السياحة الاستشفائية، ومن بينها سيوة بمحافظة مرسى مطروح، (شمالي غرب القاهرة) التي تضم مجموعة من الآبار وعيون الماء الطبيعية، والرمال التي يقبل عليها مرضى العظام في فصل الصيف، بالإضافة إلى منطقة الواحات بمحافظة الوادي الجديد، (جنوبي شرق القاهرة)، وتحتوي على مجموعة من الآبار الطبيعية التي تستخدم في علاج الأمراض الروماتيزمية، والجلدية، وتحيط بها كثبان رملية ناعمة تستخدم في العلاج بالدفن في الرمال، وبعض المناطق في سيناء، وفي العين السخنة وسفاجا.
وأوضح الدميري، أنه «لا بد من التفرقة بين شيئين، السياحة العلاجية، والسياحة الاستشفائية، فالثانية تعتمد على المصادر الطبيعية من ينابيع مياه، وغيرها، والأولى تعتمد على توفير العلاج وأحدث التقنيات الطبية، والنوعان يكملان بعضهما بعضاً»، مشيراً إلى أن «مصر معروفة بمناطق السياحة الاستشفائية، وبدأت منذ عامين تقريباً الاهتمام بالسياحة العلاجية بعدما نجحت في توفير علاج لمرض الالتهاب الكبدي الوبائي سي، بتكلفة لا تتجاوز عشر تكلفته في العالم».
وقال الدميري إن «التسويق للسياحة العلاجية يحتاج إلى توافر بنية أساسية من خدمات طبية وتمريض، وفنادق بجوار المستشفيات، وبرامج علاجية وسياحية للمرضى الذين لا يستدعي علاجهم المكوث بالمستشفى مثل مرضى فيروس سي الذين يحصلون على الجرعة الثانية من العلاج بعد أسبوعين من الجرعة الأولى، وهي فترة يمكن استغلالها في أنشطة وجولات سياحية».
وأشار الدكتور حسن القلا، رئيس مجلس إدارة الشركة المنفذة للمشروع رئيس مجلس أمناء جامعة بدر، في تصريحات تلفزيونية، إلى أن «تصميم المستشفى اعتمد على مواصفات قياسية، ويضم أكبر مبنى للعيادات الخارجية بواقع 170 عيادة، وتم تصميم المشروع عبر مسابقة عالمية شاركت فيها مجموعة من أكبر المكاتب الاستشارية في مجال تصميم المنشآت الطبية، بعد دراسة الموقع وتحليل اتجاه الرياح والأتربة، ومراعاة حركة الشمس».
وقال القلا، إن «حجم السياحة العلاجية في العالم يصل إلى نحو 150 مليار دولار، نصيب مصر منهم قليل جداً رغم ما تملكه من إمكانات في هذا المجال، وتذهب معظم السياحة إلى آسيا بسبب مزايا تنافسية تتعلق بالبنية التحتية والتكنولوجيا المتقدمة وتكلفة الخدمة الصحية واللغة، وهي أمور نستطيع توفيرها في مصر بسهولة وتحقيق مزايا تنافسية أعلى، لتصبح مصر وجهة السياحة العلاجية لأفريقيا والشرق الأوسط».
وأكد هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء المصري، أنه «تم تخصيص الأرض للمشروع، وسيبدأ التنفيذ فوراً»، مشيراً إلى أن «المشروع سيرفع من شأن مدينة بدر ويوفر الكثير من فرص العمل، إضافة إلى الخدمة الطبية المتميزة التي يقدمها».
وبدأ إنشاء مدينة بدر عام 1982 ضمن مشروع لإنشاء عدد من المدن الجديدة حول القاهرة، على مساحة 18.5 ألف فدان، لكنها لم تحظ بالإقبال السكني المنشود نظراً لبعدها عن القاهرة، لكن المدينة شهدت حالة من الازدهار والنشاط مؤخراً مع بدء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تعد مدينة بدر أقرب المدن للعاصمة الجديدة؛ مما أدى إلى رفع أسعار الشقق والأراضي بها، وبدء مشروعات استثمارية بالمدينة التي من المتوقع أن يصل تعداد سكانها بحلول 2022 إلى نحو 450 ألف نسمة.
” الشرق الاوسط”