المعشر: المرحلة المقبلة تتطلب “ضبط المالية” و”هيكلة النفقات”
العالم الآن – استضاف منتدى الاستراتيجيات الأردني اليوم الأربعاء نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة الدكتور رجائي المعشر، ووزير المالية الدكتور عزالدين كناكرية في جلسة حوارية تحت عنوان: مستجدات السياسة المالية والاستثمارية: تحفيز النمو وإدامة الاستقرار، بحضور أعضاء المنتدى من القطاع الخاص وأصحاب العلاقة من الجهات الحكومية.
وبين الدكتور المعشر أن الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي يجب أن يكون “قضية وطنية” نظرا لأنه يمس المجتمع والقطاع الخاص، ويجب أن يتم إشراك جميع الأطراف في سن برامج الإصلاح الاقتصادي في الأردن.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب اتخاذ إجراءات لضبط المالية العامة من خلال إعادة هيكلة النفقات وتخفيضها، مثل ضبط الإعفاءات التي بلغ حجمها في العام 2018 نحو مليار دينار. ورفع كفاءة الانفاق العام لتعزيز الخدمات العامة.
وأكد أنه لا يمكن تعزيز إيرادات الدولة دون تحفيز النمو الاقتصادي وإزالة التحديات التي تواجه الاستثمار، وأن الحكومة تعمل بشكل جاد وحقيقي على تحديد معيقات الاستثمار وازالتها، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة على القطاع الخاص وسهولة الحصول على التمويل والنقل.
وأضاف الدكتور المعشر أنه لا بد من تفعيل دور السياسة النقدية في تحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار، مؤكدا أن السياسة النقدية في الأردن اثبتت فعاليتها في المحافظة على سعر الدينار ولا تفكر بإعادة النظر في ذلك، إلا أنه لا بد من تفعيل دورها أكثر في تحفيز الاستثمار.
وفيما يخص البطالة، قال الدكتور المعشر إن الحكومة تأخذ موضوع رفع كفاءة شبكات النقل بمحمل الجد، حيث ستعمل على تخفيض نفقات النقل على المواطنين وذلك لتحفيز المشاركة الاقتصادية للمواطنين، نظرا لان نفقات النقل تستنزف جزءا كبيرا من دخلهم.
وأقر الدكتور المعشر أن هناك معيقات للاستثمار والنمو تتمثل بارتفاع تكاليف الطاقة والنقل وتكلفة التمويل، ومعالجة هذه العوائق تعد أهم من الحوافز التي يتم منحها إلى العديد من القطاعات.
وأكد ضرورة ربط الحوافز بمعايير أداء مثل الصادرات والتشغيل، مشيراً إلى أن الحكومة ستطبق معايير مرنة للحوافز التي يمكن ان تساهم لتعزيز النمو وزيادة الإنتاجية.
من جهته، قال وزير المالية إن الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الإيرادات العامة، مبينا أن ثلثي نفقات الحكومة تتوزع على رواتب الموظفين والرواتب التقاعدية وخدمة الدين، “ولذلك تخطط الحكومة للوصول إلى مرحلة تغطي فيها الإيرادات العامة للدولة النفقات الجارية كافة”.
وأضاف الدكتور كناكرية أن الحكومة قامت بخطوات لتنشيط القطاع العقاري مثل إعفاء رسوم التخارج لنقل الملكية بين الورثة، وقرارات أخرى متعلقة بالإفراز ورسوم نقل الملكية وتخفيض سعر الأساس 20 بالمئة.
وبالنسبة للدين العام، قال: لا يمكن وقف الزيادة في الدين العام طالما كان استمر العجز في الموازنة العامة، إلا أن الحكومة تعمل من خلال استراتيجية إدارة الدين العام على تخفيض تكلفة الدين العام من خلال إعادة هيكلة الديون والاقتراض بأسعار فائدة منخفضة لسداد ديون مستحقة ذات أسعار فائدة أعلى.
وأشار كناكرية إلى أن التكنولوجيا وتغيرها أثرت على النمط الاستهلاكي للمواطنين، منها انخفاض الإيرادات من الضريبة العامة على السلع والخدمات بسبب السيجارة الالكترونية، كما أدى انتشار المركبات الكهربائية الجديدة على خفض نسبة الرسوم المحصلة وخفض استهلاك المحروقات، حيث أكد الوزير كناكرية ان هذا يقتضي ضرورة التكيف مع الواقع الجديد وتنظيمه بدلا من مقاومته.
واستعرض المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني الدكتور إبراهيم سيف في بداية الجلسة الحوارية تحليلا لأبرز المؤشرات المهمة والتوقعات الاقتصادية للأعوام المقبلة ورأي المنتدى وتوصياته لتحسين هذه المؤشرات.
وبين أنه خلال الـ 18 سنة الماضية ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 98ر29 مليار دينار في العام 2018 من نحو 6 مليار دينار في العام 2000 بزيادة 5 أضعاف تقريبا، ما يعني أن الاقتصاد الأردني حقق نموا رغم التحديات العديدة التي يواجهها، إلا أنه ومن جهة أخرى تشير توقعات صندوق النقد الدولي أن معدل النمو الاقتصادي في الأردن سيتراوح بين 4ر2 بالمئة و3 بالمئة خلال الأعوام 2020-2024، وهذه المعدلات متواضعة في ظل ارتفاع المعدلات للبطالة والزيادة السكانية.
وأوضح الدكتور سيف أنه ونظرا لارتفاع تكلفة خدمة الدين على الأردن، وارتفاع أعباء الرواتب على الحكومة وغيرها من المصاريف الجارية، انعكس ذلك سلبيا على زيادة الانفاق الرأسمالي لتحفيز النمو.
وأكد أن الأردن ما زال غير قادر على توفير إيرادات عامة كافية لتغطية كامل النفقات العامة، وبالتالي فإن هنالك حاجة لإعادة دراسة جانب النفقات وتخفيضها، بالإضافة إلى رفع كفاءة تحصيل الإيرادات.
واشار إلى أهمية التفكير بسياسة اقتصادية شاملة لتحسين أداء الاقتصاد الوطني بدلا من التركيز على السياسة المالية لوحدها، والعمل على تحفيز القطاعات الاقتصادية الواعدة التي ستساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف وبالتالي التأثير ايجابا على المالية العامة للدولة، إضافة إلى تقييم البرامج التي ينفذها الأردن مع صندوق النقد الدولي.
من جانبه، أعرب رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني عبدالإله الخطيب، عن أهمية انعقاد هذه الجلسة الحوارية للاستماع لأصحاب العلاقة من القطاعين العام والخاص، وتبادل وجهات النظر في ظل الحوار القائم حول برنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولي والإصلاحات المالية والإدارية التي أجرتها الحكومة أخيرا.
وأشار إلى أن العملية التنموية والإصلاحية لن تكون متكاملة دون وجود دور واضح ومحوري للقطاع الخاص ينهض بالأداء الاقتصادي في الأردن، فكل نجاح يحققه القطاع الخاص ينعكس إيجابا على القطاع العام والمالية العامة، ما يؤكد ضرورة الإسراع والجدية في تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
كما أشار الخطيب إلى ضرورة توحيد معايير تقديم الخدمات العامة ودراسة جدوى الكثير منها في قطاعات مثل الصحة والتعليم واتخاذ موقف واضح من جدوى تقديم بعض الخدمات والجهات التي يمكن ان تقدمها.
وتخلل الجلسة الحوارية أسئلة من أعضاء المنتدى حول السياسة المالية في الأردن والتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، كما أبدى الحضور بعض الملاحظات على القوانين والتشريعات التي تخص بيئة الأعمال والاستثمار في الأردن.
–(بترا)