كل هذا الفساد – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – فجأة ، ودون أي مقدمات ، اكتشفنا أننا بلد يغرق في الفساد ، الذي أصبح يحيطنا من كل جانب ، وعلى مختلف المستويات من القاعدة ، إلى أعلى المستويات.
تحديدا ، ومنذ عام 2003 بدأ الفساد يتسع، ويتشكل في إطار مؤسسي من المحاكمة الشهيرة الأولى من نوعها ، إذ قُدم مدير جهاز المخابرات السابق الفريق سميح البطيخي إلى محاكمة عسكرية بتهمة تورطه في قضية التسهيلات البنكية ، التي تعرف ب ” الشمايلة غيت ” ، حيث أصدرت المحكمة قرارا بحبس البطيخي ثماني سنوات ، ثم خفض الحكم إلى أربع سنوات.
ويستمر مسلسل الفساد ، مرورا بـ ” قضية المصفاة ” ، المتعلقة بعطاء توسعة شركة مصفاة البترول، والحكم على رئيس مجلس إدارتها عادل القضاة، ومديرها التنفيذي أحمد الرفاعي ، والمستشار الاقتصادي في رئاسة الوزراء محمد الرواشدة ، ورجل الأعمال خالد شاهين ، وصولا إلى ” قضية الذهبي “، حيث أدانت المحكمة رئيس جهاز المخابرات الفريق محمد الذهبي ،بتهم الاختلاس وغسل الأموال ، واستثمار الوظيفة العامة.
واستكمالا لمسلسل الفساد ، شهدنا الأعمال غير الكاملة لـ” قضية الفوسفات “، وعدم جلب وليد الكردي المحكوم بقضايا استثمار الوظفية خلال عمله مديرا عاما لشركة مناجم الفوسفات الأردنية ، إلى أن شهدنا قضية خطيرة أثارت الرأي العام الأردني وهي “قضية الدخان”، التي كشفت جلساتها الاولى في المحكمة عن تفاصيل لافتة حيث وجهت التهم إلى 29 شخصية ، من أبرزهم المتهم الرئيس عوني مطيع الذي سلمته السلطات التركية للأردن ، بعد أن فر خارج البلاد، إضافة إلى مثول وزير المياه السابق منير عويس ،والجنرال المتقاعد/مدير عام الجمارك السابق وضاح الحمود، أمام محكمة أمن الدولة.
وفي هذه الايام ، نشهد الحلقات الأولى لـ ” قضية ضبط وإغلاق أحد مصانع التبغ والمعسل في المنطقة الحرة بالزرقاء ” ، بعد ورود معلومات للأجهزة المختصة عن وجود مصنع يقوم بالتهرب الجمركي والضريبي ، إلى جانب معلومات لم يتأكد من صحتها بمنع عدد من الشخصيات من العيار الثقيل من السفر ، والحجز على أموالهم.
والآن، وحسب المعطيات التي يتم تبادلها عبر تطبيق الـ “واتس اب” وصفحات “فيسبوك”، يدور الحديث حول الإعداد لمحاكمة جديدة ، أو فتح التحقيق بالتجاوزات والأخطاء الفادحة لبعض العناصر والأفراد ، تضمنت تسريبات للمعارضة الخارجية ، ويعتقد أن بطلها أحد الجنرالات الأكثر جدلا ، وكان أحيل اخيرا إلى التقاعد ضمن دفعة، ضمت العشرات من العناصر والضباط .
هذا غيض من فيض في ملف شائك وكبير ، حُصرت فيه أبرز قضايا الفساد التي شغلت الشارع الأردني ، الا أن عددها في الواقع يفوق هذا بكثير ، لكن لا مجال لذكرها جميعها هنا ، لكن مالا نجد له تفسيرا ، هل تتمحور هذه القضايا حول ” تصفية حسابات ” ، أو الهدف منها الزج بأسماء لشخصيات اعتبارية وسياسية ، أو استهداف مؤسسات بعينها ، أو الاطاحة برؤوس كبيرة تمردت وخالفت ، فاستحقت أن تلقن درسا قاسيا؟!..