مزاد البحرين وشرق أوسط جديد – نور كاشور – الأردن
العالم الآن – شرق أوسط جديد لدمج الإحتلال مع الدول العربية
يعد شمعون بيريس أول من نادى بمشروع شرق أوسط جديد. تقوم نظريته على أنه لايمكن للكيان الصهيوني أن يستمّر بالصراع طويلاً، فإنهاء الصراع يضمن بقاء دولة الكيان.
يستند في ذلك بيريس على انخراط ألمانيا بالاتحاد الأوروبي لتوحيد أوروبا بعد الحرب العالمية، فالإحتلال الذي قام على عصابات تقتل وتسرق كالهاجاناه ومن ثم دولة تعيش صراعات وحروب دامية وتعاني من عزلة سياسية في المنطقة، فكانت الخطوة الأولى لضمان بقاءها هي توسيع دائرة الدول العربية لتشمل وجود “إسرائيل” بينهم ومن هنا جاء مصطلح الشرق الأوسط بدلًا من مصطلح الدول العربية، ولكن كيف يكون إدراج ودمج الكيان الصهيوني بين الدول العربية؟
يقول بيريس في كتابه الشرق الأوسط الجديد : ” بالنسبة للشرق الأوسط، فإن الانتقال من اقتصاد صراع إلى اقتصاد سلام سوف يعني حصر المصادر لتطوير بنية تحتية تلائم هذا العصر الجديد من السلام، وأن بناء الطرق وتمديد خطوط السكك الحديدية وتحديد المسارات الجوية وربط شبكات النقل وتحديث وسائل الاتصالات وتوفير النفط والماء في كل مكان وإنتاج البضائع والخدمات عن طريق الكمبيوتر، سوف يفتح حياة جديدة في الشرق الأوسط.
فلو تمعنا بالأحداث الراهنة لعرفنا بأنها ماهي إلا لتفسيرًا لما كان يحدث خلف الكواليس وقد حان وقت التطبيق.
بعد الثورات العربية والحركات الاحتجاجية التي عمّت بعض من الدول في الوطن العربي، أصبحت الدول العظمى تتسارع إلى تطبيق واقع جديد يتماشى مع رؤيتها في الشرق الأوسط، وكأنها لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد لا يوجد قواعد تحكمها، القطع تتحرك وحدها وكل قوة تريد أن تثبت دورها في اللعبة.
ومع انشغال الدول العربية في حروبها الداخلية، وتراجع مصر كقوة إقليمية وانشغالها ببناء مؤسساتها العسكرية والمدنية، كان لابد من ظهور قوة صاعدة إقليمية تمثّلت من خلال منظومة الخليج، والتي أصبحت تتطلع إلى زعامة المنطقة، فلم يعد دورها تقليدي محصور على تصدير النفط وإنما إلى رسم السياسات بالمنطقة. التي تبلورت من خلال بناء علاقات وتحالف مع الولايات المتحدة لحمايتها وشراء الأسلحة المتطورة أميريكية الصنع مقابل الثورة النفطية التي تستغلها الولايات المتحدة بحروبها بالمنطقة بما يخدم مصالحها.
ومن هنا جاءت فكرة التطبيق العلني والتطبيع لبعض هذه الدول مع الكيان الصهيوني دون الحاجة إلى اتصالات سرّية بين الطرفين، بل وإدرج الملفات فوق الطاولة بدلًا من تحتها. ستقولون بأن الاتصال كان موجودًا قبل ذلك، نعم كان موجودًا ولكن ليس بشكله العلّني الحاصل حاليًا.
هذا التطبيق العلني أجمع بأن المصالح مشتركة بين التحالف الجديد بالشرق الأوسط سواء كانت سياسية أو اقتصادية، والعدو أيضًا مشترك، فقد أقحم الأمر لتلك الدول الدخول إلى ساحة القضاء على المد الإيراني، الذي ينهش جسد المنطقة منذ بداية الثورة الإيرانية عام 1979 والتصدي له، من خلال استخدام الخطاب الطائفي، لحشد العرب ضد إيران، والإبتعاد عن البوصلة والقضية الأولى فلسطين، وتحويل القضية من صراع سياسي إلى صراع اقتصادي وحلول تضمن الرخاء والعيش بسلام مع العدو الصهيوني والأهم من ذلك تفاعل الشعوب العربية بشكل إيجابي مع الإحتلال وتقبله بينهم من خلال مشاريع استثمارية واقتصادية بمليارات الدولارات، بالمقابل تصفير عداد الإحتلال وإنهاء القضية الفلسطينية.
وبحسب وثائق صفقة القرن فإن خطة إدارة دونالد ترامب بالشرق الأوسط تشمل على 179 مشروعًا للبنية التحتية، وتقترح إقامة ممرات وطرق تقدر بتكلفة 5 مليارات لربط الكيان الصهيوني بغزة والضفة الغربية، وغيره الكثير من الاستثمارات بقطاع الأعمال، والمقرر الإعلان عنها بمؤتمر البحرين الذي يعد الشق الاقتصادي للصفقة.
بالنهاية مع كل هذا يبقى الرهان على الشعوب فهي سيدة الموقف، والتاريخ كتب ويكتب وسيكتب بأن شعوب تقاوم.