سلطنة عُمان تعتزم فتح سفارة في الأراضي الفلسطينية
العالم الآن – أعلنت سلطنة عُمان التي لعبت دور الوسيط في العديد من النزاعات الاقليمية، عزمها على افتتاح سفارة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة تتزامن مع طرح إدارة الرئيس دونالد ترامب خطة سلام قد لا تنص على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
وعُمان هي أول دولة خليجية تقرّر فتح سفارة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ أكثر من خمسين عاما.
وقالت وزارة الخارجية العُمانية في تغريدة على تويتر “استمرارا لنهج السلطنة الداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، قرّرت السلطنة فتح بعثة دبلوماسية جديدة لها لدى دولة فلسطين على مستوى سفارة”.
وذكرت أنّ وفدا من الوزارة سيتوجّه إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، مقر السلطة الفلسطينية، لمباشرة الإجراءات.
وأعلنت الوزارة عن الخطوة بالتزامن مع انعقاد ورشة عمل برئاسة الولايات المتحدة في البحرين، في أول مؤتمر علني حول خطة سلام أميركية.
وركّزت الورشة التي افتتحت مساء الثلاثاء واختتمت الاربعاء، على الشق الاقتصادي فقط من الخطة، علما أن الجانب السياسي، الذي قد لا ينصّ على قيام دولة فلسطينية مستقلّة، قد لا يُكشف عنه قبل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ويقاطع الفلسطينيون هذا المؤتمر، رافضين الحديث في الاقتصاد قبل السياسة، في وقت يتجنّب المسؤولون الأميركيون المعنيون بخطة السلام تأكيد ما اذا كانت خطتهم تشمل دولة فلسطينية أم لا.
وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار غالبيتها لصالح الفلسطينيين، وإيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي، على أن يمتد تنفيذها على عشرة أعوام، بحسب البيت الأبيض.
ولم تؤكد سلطنة عمان مشاركتها في الورشة التي حضرها وزراء ومسؤولون من دول عربية وخليجية، ورجال أعمال وصحافيون إسرائيليون، رغم أن البحرين لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ورأى محلّلون أن ورشة العمل قد تشكّل فرصة لواشنطن لمحاولة تحقيق تقارب إضافي بين حلفائها الخليجيين وإسرائيل، في ظل التوتر المتصاعد مع إيران في منطقة الخليج.
– التحدّث مع الجميع –
وعمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي أجرت محادثات سياسية علنية مع إسرائيل في السنوات الأخيرة.
ففي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بزيارة رسمية هي الأولى له إلى عمان حيث استقبله السلطان قابوس بن سعيد، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية.
وأعلن نتانياهو في العاشر من كانون الاول/ديسمبر الماضي أنّ سلطنة عمان ستسمح لطائرات اسرائيلية بالتحليق في مجالها الجوي.
وكان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي زار المسجد الأقصى في شباط/فبراير 2018، في زيارة علنية نادرة لمسؤول عربي.
وفي رام الله، رحّبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي بقرار السلطنة، شرط أن لا يكون لهذه الخطوة أي علاقة بالاعتراف بدولة إسرائيل.
وقالت في مؤتمر صحافي في مقر المنظمة “نرحب بالدول التي تعترف بدولة فلسطين وتفتح سفارات لها في فلسطين”، مضيفة “نتوقع أن تعمل هذه السفارة فقط للفلسطينيين في عدة مجالات وأن تكون العلاقة مباشرة بيننا”.
وشددت عشراوي على أنّه “إذا كان لسلطنة عمان ارتباط أو علاقة بالاعتراف باسرائيل، سوف يكون هذا مرفوضا بشكل تام”، مؤكّدة أن “المبادرة العربية للسلام (الصادرة عام 2002) أعلنت وبشكل واضح جدا أن لا اعتراف ولا تطبيع مع إسرائيل حتى تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وتقيم إسرائيل حاليا علاقات دبلوماسية كاملة مع دولتين عربيتين فقط هما مصر والأردن.
وفي مسقط، اعتبر السفير الفلسطيني تيسير فرحات أن “الخطوة التي اتّخذتها عمان (…) قرار تاريخي”، مضيفا “إنها خطوة مهمّة ومعبّرة وتحمل مدلولات عميقة خاصة في هذا التوقيت بالذات، وذلك لما تمر به القضية الفلسطينية من مرحلة حرجة”.
وتابع لوكالة فرانس برس “هذه الخطوة تمثل دعما سياسيا ومعنويا”.
ولعبت سلطنة عمان دور الوسيط في العديد من النزاعات، بينها حرب اليمن بين المتمردين الحوثيين والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمفاوضات الأميركية الإيرانية حول الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في 2015.
وترى المحلّلة في مجموعة الأزمات الدولية إليزابيث ديكنسون أن “المساعي الحميدة للدبلوماسية العمانية لطالما تجنّبت أزمات إقليمية في السابق، وستحظى بترحيب في السياق الإسرائيلي-الفلسطيني”.
وأشارت ديكنسون إلى أن “مسقط واحدة من القوى الإقليمية القليلة المتبقّية التي بامكانها التحدث مع جميع الأطراف بالفعل، وهو دور مهم للغاية في وقت من التوتر الإقليمي المتزايد”.
وبحسب المحلّلة المقيمة في الامارات العربية المتحدة، فإن عمان ستملك الآن “حضورا مباشرا” في رام الله، مؤكّدة أن مسقط “لديها قدرة كبيرة على رؤية طريق وسط عندما يقوم الآخرون بالانحياز إلى طرف” معين.
” أ ف ب “