ورشة البحرين، رُبَّ ضارة نافعة !!! – د.غالب سعد – الأردن
العالم الآن – إنتهت الورشة الإقتصادية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، دون نتائج تُذكر على مستوى المضمون، ولم تكن سوى حفلة لعرض أفكار تجارية معروفة مسبقاً، وحفظ ماء الوجه للوسيط الأمريكي، بعد أن تغيب الطرف الفلسطيني، المالك الحقيقي لقرار الرفض والقبول، بينما حضرالمشتري الإسرائيلي، والممولون العرب والأجانب، وبعض الشهود والمهتمين، ولكن تدني مستوى التمثيل وغياب الفلسطينيين، كان كافياً للدلالة على أن الأمور لا تسير على مايرام، وأن الصفقة مازالت تحتاج لبعض الجهد، وربما تغيير في التكتيك وعناصر التفاوض، وهو ما يعني أن المحاولات لن تتوقف عند هذا الحد، بل تنتظر إزالة العقبات بأي شكل، والمهم كيف ومتى؟؟.
كانت الورشة قد أثارت الكثير من الجدل قبل انعقادها، ولاحظ المراقبون خروج البعض عن السياق، بالتركيز على مبدأ المشاركة، الذي لا يجوز عزله عن الظروف العامة والمتداخلة في المنطقة ، أو بتركيز البعض الآخرعلى مسؤولية دولة البحرين، واستهدافها بسهام اللوم والإدانة، مع أنها مغلوبة على أمرها مثل كل العرب، وتقف في آخر طابور المخططين والمنفذين والمستفيدين من هذا المشروع، والآن بعد انتهاء الحفل، وبنظرة موضوعية، كم تبدو ورشة البحرين هامشية في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي، الذي تمت هندسته بعناية على مدى قرن من الزمن ويزيد، وتمت تهيئة ظروفنا الداخلية والخارجية حتى ينتهي بنا الأمر الى ما نحن فيه الآن، ولا ابالغ إذا قلت، أن الأخطر من عملية التهيئة، كان إقحام العرب والفلسطينيين، في حالة من الترهل والتناحر والضياع، والإستعداد لتقديم كل التنازلات أمام العدو، سواء عُقِدَت ورشة البحرين أم لم تعقد، وسواء نجحت أم لم تنجح.
الأن ليسأل العرب أنفسهم، من شاركوا في ورشة البحرين ومن قاطعوها، كم غيرت الورشة في مجريات الأحداث، وهل غيرت كل ورشات العمل ومواقف الإحتجاج والتنديد والإدانة، منذ عهد الإنتداب البريطاني، وقرار التقسيم، ولجان التحقيق، ومبادرات السلام، حتى الآن، أي شيء في مسار الأحداث، إذا كان الجواب الأكيد أنها لم تغير أي شيء، فهل يمكن إستخلاص الدروس والعبر من ورشة البحرين، وتنطبق عليها الحكمة، ” رُبَ ضارة نافعة ” وهل نجد فيها فرصة لمراجعة أوضاعنا وتحسس نقاط القوة والضعف في موقفنا، وهل سنعمل على سد الثغرات وتعظيم القدرات في منظومتنا الشاملة، علنا نصبح قادرين على الفعل والتأثير في الأمور التي تهمنا ؟؟ .
في بيئة خصبة قوامها قوانين الطبيعة الثابتة، تلتقي الدوافع والأهداف لتنتج كل ما يصدر عن البشر من أفعال وما يجري بينهم من تفاعلات، وفي رحم كل فعل أو تفاعل تنشأ روح المغالبة وتتطور من التنافس إلى الصراع، وفي النتيجة لن تكن الغلبة والإنتصار إلّا لمن إمتلك القدرة اللازمة وأخذ بالأسباب المناسبة، بعيداً عن الأوهام والمراوغات والتبريرات، وعليه ليس أمام العرب إلّا ترك خلافاتهم جانباً، والإتفاق على مواجهة التحديات المحيطة بهم، ولم يكن ذالك ممكناً الّا بتوحيد رؤاهم وجهودهم، والإقتراب من شعوبهم، واسترضائها وتعبئتها لتقف معهم، وتحميهم من الإبتزاز والضغوط، وهذا نهج الإصلاح والتنمية الشاملة، أما الفلسطينيين، وهم الهدف المباشر للمشروع الصهيوني الإستيطاني، فربما تعلموا من ندوة البحرين، أن الإمتناع عن المشاركة لم يكن كافياً، وليس لهم أن يفاخروا به، لأنه لا يستند إلى أساس متين، وأن وضعهم العام في غاية الإنكشاف، بعد أن اطمئن الإحتلال أنهم في حالة موت سريري، وتم تكبيلهم بالجوع والحصار الإقتصادي، وشل حركتهم بالإنقسام، وبالفساد وسوء الإدارة، وقمعهم بالإختراقات والتنسيق الأمني، فهل كشفت ورشة البحرين لهم عن عيوبهم وعلّمتهم ما هو المطلوب منهم، أو كما قال طارق بن زياد لجنوده على أبواب الأندلس، ” البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم الاّ الصدق والصبر ”
[email protected]