#كومستير… الطلاق… تحرر أم خراب – شادن صالح – الأردن
العالم الآن – ” أنت طالق” … لم تعد هذه الجملة خطاً أحمراً كما كنا نعتقد في الماضي، بل باتت كلمة سهلة بتلفظ بها المتزوجون عند أول إشكالية يمرون بها، حتى أن الزوجات أنفسهن لا تتردد في طلبها متغافلة عن العوائق والمخاطر التي قد تلحق بها وبالعائلة أكملها في حال حدوث الطلاق..
قبل الحديث اجتماعياً ونفسياً عن الطلاق دعونا نلقي نطرة سريعة على الأرقام الصادرة من دائرة قاضي القضاة والتي ورد فيها ما يلي:
حالات الطلاق المسجلة عام 2018 هي 20279 حالة طلاق منها ما يقارب 4690 حالة طلاق لم يدم الزواج فيها الا لأشهر عدة …
وخلال الخمس سنوات الأخيرة كان هناك 392359 حالة زواج قابلها بنفس الفترة 106439 حالة طلاق ..
وبعملية حسابية بسبطة نرى جلياً ارتفاع نسبة الطلاق وانخفاض يصل الى 14% في نسب الزواج….
أيضاً كانت أرقام العام الماضي تشير الى 3004 حالة طلاق قبل الدخول و1146 حالة بعد الدخول وحالات طلاق رجعي وبائن بينونة كبرى…
حسناً هناك أرقام وإحصائيات أخرى بحسب المناطق وبحسب الفئات العمرية وغيرها من التصنيفات لكن وبعيداً عن الدخول بتفاصيل هذه الإحصائيات سنخلص الى نتيجة واحدة وهي أن نسب الطلاق الآن والأرقام المسجلة هي أرقام مغزعة ومخيفة وتدل على خلل إجتماعي لا يمكن تجاهله على الإطلاق…
رغم النداءات الكثيرة التي تصدر من المنظمات المعنية بشؤون النساء وغيرها من دورات ومحاضرات التوعية بالأمور الأسرية للمتزوجين وللمقبلين على الزواج والتروي في إتخاذ قرار الطلاق إلا أن هذه الظاهرة في إزدياد عاماً بعد عام، حتى وصلت بعض الإحصائيات تشير إلى أن الأردن هو الأول عربياً وال 14 عالمياً من حيث عدد حالات الطلاق..
يعزو الكثير من الباحثين إلى أن إزدياد الطلاق تزامن مع ثورة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي الذي خلق مساحة لا بأس بها من تكوين علاقات تتعدى الصداقة العادية خارج إطار الزواج في أرقام تشير الى 4.1 مليون مشترك على منصة فيسبوك وحدها.وهذه المساحة تحديداً تتيح مجالاً واسعاً للتعرف والتعارف من كلا الجنسين دون رقابة أو حساب منا قد يدخلنا في دوامة كبيرة ومفتوحة على حياة الآخرين ومشوء علاقات بدون ضوابط.
وعلى الجانب الآخر والتقيض لذلك فأن أغلب مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات تتسم بالعشائرية ومجتمعات محافظة وما زالت نظرة المجتمع للمرأة المطلقة فيها من الدونية والتقليل لإنسانيتها الكثير وكأنها تحمل عاراً أينما حلت، ناهيك عن تقييد المرأة المطلقة ووضع الكثير من العوائق خلال رسمها لملامح حياتها المستقبلية، متغافلين تماماً عما إذا كانت هي السبب في الطلاق أم أنها ضحية لا أكثر.. ففي الحالتين – في نظر المجتمع – أصبحت مطلقة وانتهى الأمر
ولن أخوض هنا في تفاصيل حياة المرأة ما بعد الطلاق لأن ذلك يحتاج مقالاً مفصلاً ومنفصلاً تماماً لما له من حيثييات وتعقيدات أكثر تشابكاً من الطلاق نفسه.
الحياة الزوجية هي رباط مقدس وقلة من الشباب والفتيات اليوم يعون ذلك والطلاق الذي يأتي حلاً بنظرهم للمشكلات ما هو الا باباً جديداً لمشكلات أكبر وأعقد وتتجلى هذه المشكلات في الحالات التي يتوسطها الأولاد فمهما كان الزوج والزوجة متحملاً لخسائر هذا الطلاق لن يكون قيراطاً واحداً من الخسارات والمشكلات التفسية التي سيعاني منها الأولاد في حل إنفصال الأبوين فالأولاد هما الخاسر الأكبر للطلاق مما سيواجهونه من تفكك أسري وعدم الإهتمام ناهيك عما سينتج من خلافات بين الزوج والزوجة على حضانة الأطفال،،،
المشكلة الأخطر في نظري في حال وصول الحياة لطريق مسدود وإستحالة استمرارها واللجوء للحل الأخير هو عدم الإنفصال بالتراضي والتفاهم فيما بينهما بل على العكس سرعان ما يتحول الأزواج المحبين إلى أعداء يتراشقون الإتهامات والسباب في أروقة المحاكم الشرعية وخارجها وسرعان ما تتحول لمعركة كسر العظم على حساب أنفسهم وعدم الإكتراث ما قد يسببه ذلك من عقد نفسية ومشاكل اجتماعية وضياع لأطفالهم….
وكنت أنا شخصياً قد رأيت حالات كثيرة في أروقة المحاكم يندى لها الجبين فلا أحد يمسك بمعروف ولا أحد يسرح بإحسان ” إلا ما رحم ربي “…
أعي تماماً أن لكل حياة تفاصيلها وظروفها وقيودها وأسرارها أيضاً وكل منا يأخذ قراره تبعاً لذلك .. أنا شخصياً قد مررت بهذه التجربة ولست أشعر بالإنزعاج حتى مطلقاً فخروجي من شراكة اتضح فيما بعد أنها خاسرة منع من حصول المزيد من الخسائر، فالقليل من الرجال يستطيع استيعاب نموذج مختلف عن جدته وأمه وأخته وغالبية النساء. في مجتمعات تحكمها ثقافة العيب والحرام!
أعرف يقيناً أن هناك رجالاً يعشقون في الأنثى بريق اكتمالها، ولا تقبل عليهم رجولتهم أن يكونوا مع أشباه البشر من النساء اللاتي يقبلون بأي شيء ويتلونون بأي لون، ويعيشون الحياة بأقل احتمالاتها وأدنى آفاقها.
رجال يطمحون لامرأة زاهية الروح، جميلة النفس، امرأة اختارت أن تكون معه من رغبة في التكامل، وليس احتياجاً للاكتمال.
هناك رجل يدرك أن امرأة تحب ذاتها، ستجعله يحب ذاته، وأنها حين تؤمن بنفسها فإنها ستؤمن بذاته التي ارتبطت بها.
رجل يدرك أن امرأة تحب وتعيش ذاتها، ستجلب للحياة أطفالاً تنعكس صحتها الكينونية فيهم، ويكتسبون منها القوة النفسية والمناعة من أوبئة العالم.