سوسن الشناق ” سوسنة ” فن الجرافيك الأردني- حوار أيمن الخطيب
العالم الآن – حوار أيمن الخطيب – لأن الفن الجرافيكي يمثل ما يحدث في رأس الفنان وخياله ويجرّد الواقع من كل الحدود والضوابط
ويفتح باب المدى أكثر للتصور ،
ولأن المرأة أكثر من يجيد التعبير عن الجمال واكثر من
يمنحنا الجمال وأكثر من يهذب لنا الحياة
ولأن الأردن يزخر بالمبدعين والنادرين جدا
لأن كل هذا وأكثر
كان هذا الحوار الشيق والمفتوح مع الفنانة التشكيلية الأردنية وفنانة الجرافيك “سوسن الشناق” مع صحيفة العالم الآن / واشنطن
أجابت عن تساؤلاتنا وعن واقع الفن التشكيلي المحلي والعربي وعن قضايا المرأة وتطلعاتها.
بداية
– من هي سوسن ؟ وأين بدأت سوسن أولى خطواتها في عالم الفن الجرافيكي ؟
– سوسن شناق هي إبنة اليرموك خريجة فنون بصرية قسم فن الجرافيك. بدأت تجاربي الجرافيكيه داخل مرسم الجرافيك أثناء مرحلة البكالوريوس ابتداء بتجارب حفر بسيطه على اللينيليوم والخشب وصولا لتقنيات أصعب في مرحلة التخرج كالحفر الغائر على الزنك والطباعة بالشاشة الحرارية وتقنية المونوبرنت والديجيتال جرافيك.
– هل ساهمت البيئة المحيطة بك في دعم موهبتك
وتنميتها أم كان هناك مواجهات وصعوبات ؟
– في الحقيقة كون فن الجرافيك فن حديث العهد..
لم يكن تشجيعا ملحوظا بل يمكن أن نسميه إعجابا بقدراتي الفنية على الرسم.. أما بالنسبة للصعوبات فهي صعوبات تمر خلال دراسة اي طالب لا يمتلك مركبة خاصة للوصول إلى جامعته ولكن يمكن انني عانيت من ثقل وزن مواد الفنون احيانا اكثر من الطالب التي تتطلب دراسته حمل مجرد كتب او قلم.
ومن هم أكثر الشخصيات التي لعبت دورا في تشجيعك؟
– في المرحلة الجامعية (البكالوريوس) كان للدكتور بسام الردايده خاصة تأثيرا مهما في ترسيخ شغف فن الحفر والطباعة وتطويره من اهتمام إلى الاحتراف كونني كنت جزءا من اول دفعة في فن الجرافيك في المملكة الأردنية الهاشمية.. حيث كان للدكتور الردايده فضلا مهما في تأسيس هذا التخصص في جامعة اليرموك وخروجه في تدريسه عن اسلوب التلقين في اعطاء المعلومه لأسلوب التجريب والمقارنه لترسيخ المعلومه وبالتالي تلقينا تدريبا محترفا في فن الجرافيك واخلاقياته بمواصفات عالمية ترتقي الى مستوى جامعات امريكا وأوروبا.
في مرحلة الماجستير كان للأستاذ الدكتور خالد الحمزه.. بقامته العلمية الرفيعه وثقافته الفذه في تاريخ الفن والنقد الفني الأثر الكبير في خروج رسالة الماجستير في احسن صوره ومستوى علمي ما زلت فخورة بهذا الإنجاز حتى اليوم لما كان له الأثر الكبير في صقل شخصيتي الفنية.. حيث تعلمت منه تناول تاريخ الفن بأسلوب علم الجمال كفن مقارن والتدقيق على المصطلح الفني لتحقيق كتابة علمية محترفه سليمه.. فشكرا من قلبي لهما.
– على ماذا يستند الفنان الجرافيكي اثناء الرسم
هل تكفي المخيلة وحدها ؟ أم يحتاج الى قضية ورسالة انسانية او وطنية او غيرها ؟
– المخيله هي بداية وسيلة للوصول إلى التقنية والأسلوب الأنسب لإيصال اي رساله يريد الفنان تحقيقها من خلال عمله سواء انسانيه او وطنيه او غيرها، فهما مكملتان لبعضهما فالفنان بحاجة لمخيلته وقضيه معا اذا اراد الحصول على لوحة فنية تشكيلية ترتقي إلى مستوى يؤهلها ان توضع تحت مسمى الفن التشكيلي.
– بين الفن والبيزنس ؟
كيف تعرف سوسن الشناق الفن التشكيلي ؟
– الفن التشكيلي هو رساله يريد الفنان ايصالها سواء كانت جمالية او انسانية.. والفن هو موهبة ولغة استنثنائيّة تتيح للفرد التعبير عن ذاته، كترجمة الأحاسيس والصراعات التي تحدث في أعماقه الجوهريّة، ولا تعتبر نوعاً من التعبير عن متطلباته أو حاجاته في حياته العاديّة، على الرغم من اعتبار الباحثين والعلماء الفن عبارة عن ضرورة من ضروريّات الحياة للإنسان كحاجته للطعام والماء. يُعتبر الفنّ موهبةً وإبداعاً وهبها الله لجميع البشر لكن بدرجاتٍ متفاوتة من شخصٍ لآخر، ومن هنا لا نستطيع تَصنيف جميع البشر على أنّهم فنانين، إلا من امتلك القدرة الإبداعيّة في إنتاج أمورٍ تتضمّن قيماً جماليّة.
وهل ينتقص الجانب المادي والربحي من اسم الفنان ؟
– قد يكون في بعض الدول المتقدمة فنيا الجانب المادي جزءا من تصنيف حجم الفنان التشكيلي وأهميته.. لكن في مناطقنا وخاصة في الأردن لا نستطيع تطبيق ذلك لعدم وجود جهات مختصة لتسويق الفنان الأردني واعماله الفنية.. حيث يوجد هناك فنانين مستواهم الفني يفوق فناني الغرب التشكيليين المشهورين عالميا ولكنهم لجأوا بدلا من التفرغ للفن إلى مجال التدريس او الحرفة اليدوية فاغلب الفنانين في الأردن لا يجدون فرصة حقيقية في توظيف قدراتهم الفنية أو حتى مجرد بيع ممنهج للوحاتهم الفنية بما يتناسب مع مستواهم الفني.
– في ظل كل التحديات الراهنة
ما هو واقع الفن التشكيلي في الأردن
وماذا ينقص هذا النوع من الفن حتى يتم الانتباه له اكثر
وما هو دور الجهات الرسمية في دعم الفنانين التشكيليين وعلى رأسهم رابطة الفنانين التشكيليين ؟
– واقع الفن التشكيلي في الأردن هو واقع خفي على عامة الشعب.. ومعروف عند الصفوه.. والاهتمام به قد لا يتعدى الجامعات الرسمية او جهات حكومية أو خاصة قليلة داعمه.. ولكن هناك محاولات لرابطة الفنانين التشكيليين لصناعة دور اكبر للفنان التشكيلي في المجتمع والتأثير به وتوثيق مناسباته وقيمه التاريخية والاجتماعية.. فانا عضوة حديثة العهد في هذه الرابطة ولي أمل ان تنجح في تحقيق هذه الاهداف لمصلحة الفنان الاردني والاهتمام به.
وبالنسبة لفن الجرافيك تبذل الجهات الرسمية حاليا جهدا في فتح اقساما كقسم الجرافيك الحالي في معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة كمحاولة لتعريف الفنان التشكيلي الاردني الناشيء بهذا النوع من الفنون لما له أهمية وارتباط وثيق بمجالات الحياة المختلفة.. وما لهذا الفن من قدرة على الوصول لقيم فنية قد لا يستطيع الفنان من خلال فن الرسم الوصول إليها ليتذوق نوعا جديدا من الجماليات والقيم الفنية الخاصة بكل تقنية من تقنيات فن الجرافيك.
– في ظل مجتمع ذكوري لا يزال يحتفظ ببعض من تحفظاته على المرأة بشكل عام
ما هي المواقف التي تعرضت لها كامرأة وفنانة تشكيلية
وكيف واجهت هذا النمط من التفكير؟
صراحة لم أجد شخصيا صعوبات كوني امرأه في ممارسة فن الجرافيك ربما اكون محظوظة شخصيا بالأشخاص والفنانين الذين اشرفوا على دراستي وتدريبي الفني.. ولكن في رحلتي بالبحث عن فرصة عمل واجهت صعوبة في التوظيف والاضطرار إلى قطع مسافة كبيره للحصول على الخبره اللازمه.
دعني هنا اتطرق الى موضوع مهم جدا في إيجاد فرص العمل في الأردن لخريجي الدراسات العليا في الفن التشكيلي وهو موضوع توظيف جنسيات من دول شقيقه بدلا من ابن البلد.. مع احترامي للقدرات وثقافة زملائي من الدول المجاوره لكن لو كنت انا في بلد هذا الزميل هل ستضعني بلاده مكانه اذا ما توفرت فرصة عمل.. فهناك في الداخل قدرات فنية وثقافه تنافس اي خريج من جامعات خارجيه.. لحد هذا اليوم لم أفهم المغزى من استبدال القوى العامله المحليه وتعريضها للبطاله والعوز والتأثير بالتالي على حياة الفنان التشكيلي وإنتاجه الفني.
– ما هي اهم المحطات التي شاركت بها
سواء معارض جماعية او شخصية وكيف ساهمت هذه المحطات في اثراء معرفتك وموهبتك؟
– قمت بمعرض شخصي ومعرضين جماعيين داخل الاردن.. بالنسبه لتجربة المعرض هي نوع من المكافأه للفنان حيث يرى نتاج تعبه ليضاف إلى تاريخه الفني كترسيخ لمرحلة فكرية مر بها للوصول نهاية إلى شخصية فنية لها اسمها واسلوبها المتفرد
وحاليا أعمل على مجموعة فنية جرافيكية لأقامة معرضا شخصيا تزامنا مع عملي في التدريس فنقل تجربتي الخاصة في فن الجرافيك تسعدني فأنا ما زلت اتعلم حتى من خلال التدريس وأحيانا يكون طلابي الهاما لي أو يكونون طريقة لترسيخ المعلومة او الأسلوب الفني مرارا وتكرارا فتغنى تجربتي وتذوقي للتقنيات اكثر واكثر.. فوجودي بينهم يشعرني بانني في مكاني الصحيح لانتعش منه يوميا واحس بملامسة فن الجرافيك لروحي ووجداني لاستمد فخري بانني جزء من تعريف ونشر هذا الفن في وطني الاردن.
– ما هي أكثر اللوحات التي أثرت بك جيدا
وتعتبر من أقرب اللوحات الى قلبك؟
– أحب لوحة “stairy night” للفنان الهولندي فان جوخ.. هي حالمه وغنية باللون وتشبهني.. وربما طريقة فان جوخ في تحليل اللون قريبة من نتائج تقنيات فن الجرافيك.. ذلك الجو المتداخل الدقيق الذي يعكسه الثقل اللوني قد يجعلنا لوهله لا نشعر بأن اللوحة مسطحه.. وهذا هو أهم سبب دفعني للاتجاه لهذا النوع من الفن.. التجريب واحتمالات الصدفه والقيم الفنية اللامتناهية.. متعه تلامس وتشبع روحي اكثر من فن الرسم.
– كيف تستقبل الفنانة ” سوسن الشناق ” النقد الموجه الى اعمالها
– بكل صدر رحب.. فأنا ما زلت اتعلم والنقد جزء مهم من رحلتي في التعلم.
وهل كل النقد يكون نقدا بناءا ام هناك انتقادات تأتي من منطلق شخصي ؟
– قد تنبع بعض الانتقادات من منطلق شخصي.. لكن شخصيا لم أواجه انتقادا مس قدراتي في فن الجرافيك او اعمالي الفنية..واجهت نوعا من الانتقاد بسبب حداثتي في الساحة الفنية الاردنية لكن هذا سيزول مع مرور الوقت.. وتعبي واعمالي هي من ستقدمني اكثر ان شاء الله.
– ما هي رسالة ” سوسن الشناق ” التي تسعى لتقديمها وبثها الى العالم من خلال أعمالها
واين تجد سوسن نفسها في هذا المجال مستقبلا ؟
– رسالتي هي تعريف المجتمع الفني والمجتمع المحلي بهذا النوع من الفن.. فهو فن يلامس يومنا ويدخل في جميع تفاصيل حياتنا تقريبا.. واسعى دوما للوصول لتناغم بين يداي في الحفر وبين الموضوع الذي اريد توصيله تناغما يقارب حد التطابق.. اعكس من خلاله رؤياي للمتلقي فور وضع عينيه على عملي الفني…
– ما هي برامج العمل المستقبلي لديك
وهل من الممكن ان نشاهد سوسن في معارض فنية خارج الاردن ؟
– اكيد.. فالمشاركه الخارجية مرحلة مهمه في تسويق الفنان التشكيلي للانتقال من محليته لبقية العالم.. لنشر رسالته لجمهور ومتلقي اكبر.. وبالتالي يكون سفيرا حضاريا وعصريا مهما لبلده في محافل العالم الفنية دون التخلي عن اصالته.
حرر هذا الحوار في تاريخ
٥ تموز ٢٠١٩
العالم الآن