تهويد الأغوار – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – سعى مشروع الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفذ بمباركة وتأييد أمريكي إلى افقارنا كدولة وشعب ، وعزل المنطقة الحدودية مع الأردن تمهيدا لضمها ، وصولا إلى غايته بـ ” تهويد الأغوار ” ، بتطبيق إجراءات جديدة فيها، وطرح مشروع قانون خاص لضمها إلى إسرائيل ، الأمر الذي يمهد لتغيير خريطة الحدود التي تحاول إسرائيل رسمها لنفسها ، وبالتالي تحدث تأثيرا في دول الجوار، ومستقبل المنطقة .
هذا ما تم الإعلان عنه خلال ورشة المنامة الخاصة بالشق الاقتصادي من “صفقة القرن” ، والتي تتضمن اقتراحا بشأن غور الأردن ، حيث ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عدة تصريحات له ، عزمه إحياء مشروع قديم يُمَكن اسرائيل من ضم غور الأردن الواقع على الحدود بين الضفة الغربية والأردن ، ويبلغ أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية ، وتطمع إسرائيل – التي تعد الغور لا يوفر عمقا استراتيجيا لها – الى القضاء على أي تواصل على الأرض بين أجزائها مع محيطها الجغرافي والبشري ، لضمان أمن “إسرائيل”.
وبعد أن منح البيت الأبيض دولة الاحتلال الإسرائيلي حق توسيع أراضيها ، بتوقيع ترامب على مرسوم يمنح “سيادة” تل أبيب “على هضبة الجولان السورية ، يكون قد تحقق لها إغلاق وادي الأردن بالكامل علينا ، وعزلنا تماما عن الضفة الغربية ، وبالتالي ضمان السيطرة على الحدود والتحكم بالمشاريع التي يتم تنفيذها في الأردن من شق طرق ومد سكك حديد وتمديد أنابيب الغاز الاسرائيلي المقبل الينا بموجب اتفاقية الغاز ، وتجهيز مشاريع في منطقة صناعية مشتركة في وادي الأردن بين البلدين لصالح دولتهم المزعومة .
هذا الوضع سيؤدي إلى اغلاق الحركة الإقتصاد بين الضفتين: الغربية والشرقية ، بعد توسيع حدود “اسرائيل”، وبالتالي يصبح الأردن محاصرا ومغلق المنافذ من الجولان وحتى إيلات ، خاصة بعد فتح الضفة الغربية تجاه غزة التي ستشهد تننفيذا لمشاريع ضخمة، بحسب ما تم تسريبه من خطة السلام الجديدة في المنطقة.
وسعيا إلى ” تهويد الأغوار” بفرض إسرائيل سيطرتها على غور الأردن لمدة 40 عاما ، وتحويله الى منطقة استيطانية صناعية تخدم بالدرجة الأولى الاقتصاد الإسرائيلي، سيتم طرح عطاء لمشروع إنشاء جسر في منطقة غور الأردن الشمالي لخدمة مشروع صناعي إسرائيلي ــ أردني في المنطقة نفسها، يعرف بـ” المنطقة الصناعية الحرة “، وسيكون داخل منطقة صناعية مشتركة تعمل في مجالات الصناعة التحويلية والسياحة والصناعات الغذائية والطاقة والمياه، بمساحة تبلغ نحو 950 ألف متر مربع، الغالبية العظمى منها في الجانب الأردني والبالغة 700 دونم، والمؤهلة لإقامة 50 مصنعاً خلال الأعوام المقبلة ، وسيشمل أيضا منطقة صناعية وتشغيلية مشتركة ، ونقطة انطلاق لتحويل بضائع إلى الموانئ الإسرائيلية.
تهدف ” صفقة القرن ” ، وهي التسمية الجديدة لـ” خارطة الطريق ” إلى إعادة تشكيل المنطقة وتقسيمها بشكل مختلف بحيث تكون كلها بقيادة اسرائيلية ولصالحها ، وقد شهدنا في الأونه الأخيرة تغيرا لمراكز القوى في المنطقة إذ ظهرت السعودية والإمارات على شاشة المفاوضات ، الأمر الذي يفسر التحول نحو الخليج العربي ، كجسم فعال في المنطقة، وسبق ذلك تحييد بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق والعمل على اضعافهما ، وإلا ما كان بالإمكان ضم الجولان إلى إسرائيل ، أما نحن في الاردن فان المخطط الإسرائيلي يهدف إلى افقارنا ، ليكون الاردن جاهزا للقبول والتوقيع.
وفي السياق ذاته، وعند الحديث عن مشاركتنا في ورشة البحرين الاقتصادية وما سبقها ، لا نستطيع إلا أن نمر على موضوع عودة علاقاتنا مع قطر ، التي جرت على عجل وقبل عقد ورشة البحرين ، والتي تقف خلفها ” تغريدة ” حملت مضامين سياسية ، كلفتنا التقرب الناعم من قطر ، والإسراع بإعادة العلاقات على مستوى التمثيل الدبلوماسي.
السؤال الذي ما زال مطروحا بقوة ، وبرسم الإجابة : في حال نفذت المخططات الإسرائيلية ، وتم ” تهويد الأغوار ” : ماذا سيكون مستقبل الأردن والغور الأردني ؟.. وكيف سيكون مصير سلتنا الغذائية ، التي سيصار الى تحويلها إلى منطقة صناعية .. وما مصير ملكية غورنا الأردني ؟!
[email protected]