#كومستير… “بتوع” تنمية بشرية – شادن صالح – الأردن
العالم الآن – أكاد أجزم بأن مصائب الحياة ونائباتها قد تودي بنا الى تهلكة وموت محتم إن لم نكن نملك ما يكفي من القوة لمواجهتها، هذه الجملة البسيطة التي تحمل من المثاليات الكثير ومن التطبيق الفعلي القليل لسبب بمنتهى البساطة ألا وهو أننا بشر، لدينا من الأعصاب والمشاعر والشعور بالخزن والخيبة والخذلان والفقد ما قد تهدم كل جبروتنا وحياتنا في آن،
ولأحل ذلك يختلف كل منا بطريقة تعاطيه لكل ظروف الحياة بحسب قدرتنا على قوة التحمل النفسي لدينا، ومن هذا المنطلق اهتم علماء النفس وعلماء الاجتماع بالفرد في المجتمعات الحديثة ودوره في النهوض بالمجتمع وتطويره، ومع تزايد الضغوط التي تدفع بالإنسان إلى الإصابة بمشكلات نفسية كبيرة كالقلق والاكتئاب المرضي، فإنّ دِراسة قوة الإنسان النفسية والعوامل المؤثرة فيها سلباً وإيجاباً يعدّ من أهم مجالات الدراسات النفسية الحديثة، إلى جانب اهتمام متخصصي التنمية البشرية بالقوّة النفسية للفرد لمُساعدته في تخطي هذه الضغوطات،
هنا تماماً نقف عند ما أسميه شخصياً ظاهرة وهي ” التنمية الشرية” … كنت يوماً من باب الفضول قد قمت بتلبية دعوة من أحد الأصدقاء الذين أطلقوا على أنفسهم لقب مدرب تنمية بشرية لأرى مدى فاعلية ما يقولونه في حياتنا العملية وقدرتنا على تخطي مشاكل الحياة وتحقيق النجاح وما لبثت أن انتهت هذه المحاضرة حتى وجدت نفسي أمام موجة استياء كبير تجاه ” بزنس ” جديد قائم على إعطاء جرعة وهم كبيرة تحت ما يسمى بالأمل والحماس وأنها بالمطلق لن تحدث أي فارق حقيقي يذكر
الخلط بين التوهم بإحداث إنجاز ما وبين الإنجاز الحقيقي يكمن بالضبط في أن العقل المهيأ لتقبل الكلام من شأنه تحفيز شئ ما موجود أساساً بداخلك وبالتالي سماعك لكللم محفز او مشاهدة فيديو ما أو فيلماً يروي قصة نجاح عظيمة بعد معاناة سيشكل لديك الدافع الفعلي للتقدم والإنجاز .
بمعنى آخر …. افتراضنا لنجاح وتقدم نحققه بالحياة لم يكن بسبب الشعارات والتنظير في دورات التنمية البشرية وإنما هو شغف وإصرار موجود في دواخلنا نحن مسبقاً وما فعله مدربو التنمية البشرية هو استغلال لمل ما يحتاجه الشخص القيام به بالفعل رغم أن أي شخص او صديق بإمكانه اسداء النصيحة لنا وبكل تجرد وصدق ولكن أيماننا بأن المتخصص بهذا المجال هو الأعلم والأقدر على وضعنا بطريق النجاح ما يجعلنا نتأثر بما يقولونه
يقول الله تعالى ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” .. صدق الله العظيم
وجود الإنسان على الأرض هو للإعمار وتغيير العالم والتقدم وتحقيق انجازات الشعوب ما هو إلا بنيان متكامل من الأفراد …. وهنا أعني أن تغيير وتقدم الفرد الواحد يعني بالضرورة تغيير وتقدم المجتمعات بأكملها وليس العكس …
الإصرار على التقدم والنجاح وإتساع دائرة الفهم والإدراك هي داخلية تماماً وليس من الخارج إن لم نملك هذا الدافع بدواخلنا فلن تستطيع أي قوة تذكر على تغييرنا …. قد نفقد شغفنا للحياة وتوصد الأبواب ووتكالب علينا مصائب الأيام لكن هذا استثناء هي مشاعر مرحلية ستنتهي بانتهاء الأحداث المرافقة لها، لكننا في بلاد الشرق تحديداً لا نملك رفاهية الحزن حتى فتطول مرحلة فقدان الشهية للحياة وهذه أخطر ما قد يتعرض له الإنسان والتي إن هاجمتنا في ظروف نعاني فبها من الخذلان وعدم نقبل المحيطين لوضعك وقلة من يمدون لك أيادي المساعدة لإخراج من هذا الخندق المظلم قد يكون موت محتم بالإنتظار، ولكن …. إذا ما عدت لمعنى الحياة الحقيقية لديك ستدرك أن هذا الوقت بكل مرارته سبمضي
أخيراً ..
يُحكى أنّه في إحدى الحظائر تمّ فصلُ الأبقار عن الثيران بسياجٍ من الأسلاك الشّائكة بغرض التلقيح في وقتٍ معيّن! فجاء أحدُ الثّيران وقد هاجتْ غريزته يسأل عن كيفية عبور السّياج الشّائك للوصول إلى المحبوبات! فدلّوه على ثورٍ كبيرٍ يجلسُ بعيداً اسمه الاستشاريّ، فذهبَ إليه مستنصحاً!
فقال له الاستشاريّ: ابتعدْ عن السّياج مسافةً لا تقلّ عن مئة متر، واركضْ بسرعةٍ لا تقلّ عن سبعين كلم/س، واقفزْ بزاويةٍ لا تقلّ عن ستين درجة! ثم اقضِ حاجتك وارجعْ بنفس الطريقة!
فقال له الثور الهائج: ماذا إن أخطأتُ في الحسابات، كالمسافة أو السّرعة أو القفز؟
قال له الاستشاري: سوف تخسر أعضاءك التناسلية في السّياج الشائك!
فقال له صاحبنا: وماذا أفعلُ بالحياة بعد ذلك؟!
فقال له: تصبحُ استشارياً!