حكاية رابينو اللاعبة المثلية التي رفضت مقابلة ترامب وقادت أمريكا للفوز بكأس العالم
العالم الآن – قادت ميغان رابينو الفريق الوطني الأمريكي لكرة القدم للسيدات للفوز بكأس العالم، وتوجت أيضا بلقب لاعبة الدورة وهدافتها، وسرقت الأضواء بجاذبية حديثها في الاحتفاء الذي أعقب ذلك وبصلابة موقفها، بيد أنها ظلت برغم ذلك شخصية خلافية تثير الاستقطاب بين محبيها ومن يشعرون بالغضب من مواقفها، فلماذا؟
أحرزت رابينو، البالغة من العمر 33 عاما، في البطولة الأخيرة التي أقيمت في فرنسا ستة أهداف وساعدت فريق بلادها على الاحتفاظ بلقبه بطلا للعالم.
وظلت رابينو محل اهتمام البرامج الحوارية وتحتل صورها أغلفة المجلات ويخرج الأطفال في أنحاء أمريكا، البنات والأولاد على السواء، ليلعبوا كرة القدم حالمين في أن يكونوا مثلها في المستقبل.
ولكن في اليوم التالي للفوز بالكأس في فرنسا وبينما كانت رابينو وزميلاتها يحتفلن تعرضت ملصقات عامة تحمل صورها للتخريب في الولايات المتحدة.
فقد كتب على تلك الملصقات عبارات معادية للمثلية، وقالت شرطة نيويورك إنها تحقق في جريمة كراهية محتملة.
وعلى الإنترنت أثار احتفالها بهدفها وحركاتها الراقصة حملة من الرسوم الكارتونية المبهجة، ولكن ظهرت في الوقت نفسه تعليقات تسيء إليها وإلى موقفها كناشطة، بل وشكك البعض في وطنيتها.
وقال براد بولمبو، وهو معلق محافظ، إنها قدوة سيئة للفتيات “إنهن ينظرن إليها فلا يرين فيها أيقونة رياضية ملتزمة ومحترمة، بل شخصية مشهورة مشاكسة لا تشعر بالامتنان للفرص التي أتيحت لها”.
وعلى الرغم من قول أغلب المنتقدين إن عدم إعجابهم بها ليس له علاقة بتوجهاتها الجنسية، إلا أنه من الواضح أن لهذا الأمر دور في ذلك، فهي بطلة أمريكية قوية وأنثى ومثلية.
“لا يعرف أحد ماذا يفعل مع ميغان”
وفي فيديو انتشر بشكل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي صورته زميلات رابينو، شوهدت وهي تصرخ في الكاميرا “أستحق ذلك” قبل أن تحتسي جرعة كبيرة من الشامبانيا وهي على متن الحافلة المكشوفة التي جابت منهاتن.
وتقول البروفيسور بوني موريس أستاذة التاريخ بجامعة بيركلي في كاليفورنيا: ” إن إبداء الثقة بهذا الشكل غير معتاد لدى النساء اللائي يتوقع منهن تقليديا وضع أنفسهن في مرتبة أدنى والتواضع”.
وتضيف قائلة: “إن النساء يحرصن ألا يبدين الكثير من الحزم والمعرفة حيث أن ينظر إلى ذلك على أنه نوع من الاكتفاء ومنعطف يقربهن من سلوك الرجال”.
وعلى الرغم من ذلك يبدو أن البطلة الرياضية رابينو، والتي أعلنت عن مثليتها، غير مشغولة بنظرة الرجال لها.
وعندما وقفت رابينو واثقة ومرفوعة الرأس للتصوير بعد إحرازها هدفا خلال مباريات كاس العالم، أشاد الكثيرون بثقتها في نفسها. لكن فريقا آخر، يتسم بالقسوة، وصفها بالغرور.
وتقول موريس: “لا أحد يعلم ماذا يفعل مع ميغان لأنها جذابة وذكية ورياضية رائعة، وانتزعت حقها في إظهار قدرتها، ولكن مازال الناس لا يريدونها أن تظهر كبرياءها، وهنا تظهر المعايير المزدوجة”.
وتضيف قائلة : “بينما يمكن للرياضيين الرجال الصراخ والضرب على صدورهم دون التعرض للانتقاد، لكن رابينو المثلية ذات الشعر الزهري تذهل الكثيرين من الذين لم يلتقوا بمثلها من قبل، عندما تتصدى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
رياضية وناشطة
ورابينو، التي تلعب في مركز الجناح وقناصة الأهداف، ليست فقط نجمة الفريق في الملعب بل إنها متحدثة مفوهة باسم الفريق خارجه أيضا.
فقد طالبت بأجر متساو للفريق النسائي مع الرجال، كما تتحدث في قضايا العدالة الاجتماعية وبعضها يمثل بؤر توتر ثقافي ينقسم حولها الرأي العام الأمريكي.
وكانت واحدة من الرياضيين البارزين في الولايات المتحدة الذين لم يقفوا خلال عزف النشيد الوطني، بل اختارت أن تجثو على ركبتها احتجاجا على وحشية الشرطة.
وفي فرنسا، وقفت خلال عزف النشيد الوطني قبل المباريات ولكنها رفضت وضع يدها على قلبها.
وخلال كأس العالم ظهر فيديو عمره 6 أشهر تظهر فيه رابينو وهي تقول إنها ترفض الذهاب إلى البيت الأبيض، في إشارة الى رفضها مقابلة الرئيس ترامب.
وغالبا ما تتم دعوة الفرق الرياضية الفائزة لزيارة البيت الأبيض، وكانت رابينو قد قبلت الدعوة عام 2015 بعد الفوز بكأس العالم، عندما كان الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض”.
وبعد يومين عندما أحرزت هدفين ضد فرنسا في المباراة التي انتهت بفوز أمريكا بهدفين مقابل هدف واحد، لم يكن ذلك كافيا لإقناع بعض المنتقدين.
فقد قال براد بولمبو في واشنطن إيكسامينر: ” إنها شخصية بشعة، لديها مهارات بالتأكيد، ولكنها غير وطنية
وكتب مارك ثيسن في نيويورك بوست يقول إنها لا يجب أن تحتج على العلم الأمريكي وهي ترتديه بنجومه وخطوطه، “إن ميغان رابينو عظيمة، ولكنها رياضية أنانية لسنا بحاجة لها”.
وحتى في لحظة الفوز بالكأس ركز بعض المحافظين في تويتر على عدم احترامها للعلم الأمريكي والطريقة التي تعاملت بها معه خلال الاحتفالات على أرض الملعب.
“حب أكثر، كراهية أقل”
عندما سألت رابينو عما يعنيه اللعب للفريق الوطني قالت : “أعتقد أنني أمريكية للغاية على نحو خاص وفريد، وإذا أردنا الحديث عن القيم التي نحملها، والنشيد، وما تأسسنا عليه، أعتقد أنني أمريكية متطرفة”.
واعترفت بأنها “ليست كاملة”، ولكنها قالت إن بلدها أيضا ليس كاملا. وأضافت: “نعم نحن بلد عظيم وهناك أشياء كثيرة رائعة وأشعر بأنني محظوظة بوجودي في هذا البلد، فليس بوسعي القيام بذلك في أماكن أخرى كثيرة، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس بوسعنا أن نكون أفضل، ولا يعني ألا نسعى للأفضل”.
وفي الأسبوع الماضي كررت رابينو هذه الدعوة في خطابها على سلم بلدية نيويورك.
ولم تكن تتحدث بعيدا عن محطة مترو الأنفاق التي تعرضت فيها 8 ملصقات تحمل صورها للتخريب في هذه المدينة التي شهدت أكبر مسيرة فخر للمثليين قبل أسبوعين، وتحقق الشرطة حاليا في جريمة كراهية محتملة ضد مجتمع المثليين.
وتقول البروفيسور موريس: ” إن الكثيرين كانوا يفضلون أن تحرز هدفا وتصمت، لأنهم لا يريدون التعامل مع بطلة فخورة بنفسها”.
وتضيف قائلة إن العالم قطع طريقا طويلا نحو قبول الأبطال من مجتمع المثليين خلال العقود الماضية، ولكن مازال هناك الكثير الذي يجب عمله على هذا الطريق.
ورغم بعض المشاعر المعادية للمثلية فإن شهرة رابينو تمثل للبعض لحظة عظيمة للـ “الرياضيات وللمجتمع المثلي ككل”.
وتقول البروفيسور موريس: “إن وجود بطلة مثلية ذكية تحقق الفوز لأمريكا يجعل الناس يعرفون أن رهاب المثلية مضيعة للموهبة والإنجاز”.
“BBC