تركيا ترد على الإجراءات الأوروبية بإرسال سفينة رابعة لشرق البحر المتوسط
العالم الآن – صعدت تركيا من لهجتها تجاه أوروبا في تحد للتدابير التي أقرها وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي لحثها على سحب سفنها الثلاث التي أرسلتها قرب سواحل قبرص للتنقيب عن النفط والغاز.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده “ستزيد” من أنشطتها قبالة سواحل قبرص، متوعدا بإرسال سفينة تنقيب رابعة في أسرع وقت ممكن.
وكانت تركيا قد أرسلت في الأشهر الأخيرة ثلاث سفن، هي سفن بارباروس المسحية، وفاتح ويافوز التي تباشر عمليات الحفر والتنقيب بشرق البحر المتوسط، ترافقها فرقاطة حربية وسفن مسلحة وطائرات استطلاع.
وكان وزراء الخارجية الأوروبيون قد أقروا أمس سلسلة تدابير تشمل اقتطاع نحو 146 مليون يورو من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية كان من المفترض أن تُمنح لتركيا في عام 2020.
وجاءت الخطوة الأوروبية بعد أن تجاهلت أنقرة مرارا تحذيرات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بوقف أعمال التنقيب قبالة السواحل القبرصية
وقال تشاووش أوغلو في مؤتمر صحفي في سكوبي، عاصمة جمهورية مقدونيا الشمالية، موجها كلامه لأوروبا: “ما دمتم قد اتّخذتم هذا النوع من القرارات، فسنزيد من أنشطتنا”.
وأضاف تشاووش أوغلو “إن شاء الله سنرسل قريبا سفينة رابعة إلى شرق المتوسط”.
وكانت الخارجية التركية قد أصدرت بيانا، ردًا على قرارات صدرت عن اجتماع لمجلس العلاقات الخارجية الذي انعقد ببروكسل أمس بمشاركة وزراء خارجية دول الاتحاد، جاء فيه أن “القرارات التي تم اتخاذها في الاجتماع لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على عزمنا مواصلة أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية شرق المتوسط”.
وأضاف البيان أن “عدم تطرق هذه القرارات إلى القبارصة الأتراك الذين لهم حقوق متساوية في الموارد الطبيعية لجزيرة قبرص، والتعامل معهم كأنهم غير موجودين، هو أمر يوضح مدى انحياز الاتحاد الأوروبي وتحامله في تعاطيه مع أزمة الجزيرة”.
موقف المعارضة التركية
وفي تطور لافت، أعلنت المعارضة التركية موقفا بدا متناغما مع موقف الحكومة بخصوص رؤيتها بشأن حقوق القبارصة الأتراك في استغلال موارد الجزيرة الطبيعية.
وقال كمال قليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، في كلمة أمام كتلة حزبه البرلمانية “لدينا حقوق في شرق المتوسط وسندافع عنها حتى النهاية. الاتحاد الأوروبي ليس له أي اعتبار في المنطقة طالما لم يتخلَ عن اتباع سياسة ازدواجية المعايير. ونحن لا نقبل التدابير التي اتخذها ضد تركيا”.
وتتهم أنقرة كلا من اليونان وجمهورية قبرص بعرقلة أي فرص للتوصل إلى حلول لإنهاء الأزمة القبرصية وتوحيد شطري الجزيرة، فيما يرى مراقبون أن أزمة التنقيب عن الغاز قد تسرع الخطى نحو إعادة تحريك المفاوضات المتوقفة منذ سنوات بين طرفي النزاع.
وقال سمير صالحة، الكاتب والمحلل السياسي في إسطنبول، إن بريطانيا واليونان وتركيا هي الدول الثلاث الضامنة لمحادثات السلام بين شطري الجزيرة، ورغم تقدم إدارة قبرص الشمالية بمبادرة تنص على التوصل لتفاهم بين شطري الجزيرة بخصوص عمليات التنقيب إلا أن إدارة قبرص المعترف بها دوليا في جنوب الجزيرة لم تتعامل معها، وكذلك فعلت بتجميد محادثات السلام ورفض مبادرة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان.
واستبعد صالحة صدق التوقعات بأن تؤثر العقوبات الأوروبية على تركيا سياسيا أو اقتصاديا، قائلا إن تجميد الاجتماعات المتعلقة بالشراكة التركية الأوروبية ليس له أي تأثير في ظل استمرار المماطلة الأوروبية في دفع ملف انضمام تركيا للاتحاد منذ عدة سنوات.
وأضاف أن “اقتطاع مبلغ لا يزيد عن 150 مليون يورو من المساعدات السنوية لتركيا هو أمر من شأنه أن يعقد من ملفات تتعلق باستضافة اللاجئين في تركيا، وهذا يضر بأوروبا بقدر الضرر الذي سيلحقه بتركيا، وعليه فإن رسالة أوروبا تبدو تحذيرية وليست قاسية كما وصفها البعض. واعتقد أن كل ما يجري قد يكون سببا لعودة كل أطراف الملف مرة أخرى إلى مائدة المفاوضات في محاولة للتوصل إلى تفاهمات بخصوص نقاط الخلاف”.
إصرار تركي
ورغم معارضة قبرص اليونانية واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل للتنقيب التركي عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، فإن تركيا مصرّة على مواصلة التنقيب، مع ممارسة دبلوماسية سياسية لاستيعاب معارضة دول المنطقة وأوروبا.
وناشدت دول الاتحاد تركيا الابتعاد عن هذه الممارسات، وحسن الجوار مع جيرانها، والتصرف بما يناسب القوانين الدولية، باحترام سيادة جمهورية قبرص، واحترام حقوقها.
وبلغت الأزمة ذروتها مع مطالبات طرفي النزاع – تركيا وقبرص – بالسيادة على المياه الإقليمية منذ انقسام الجزيرة قبل 45 عاماً، ورفض أنقرة الاعتراف بالاتفاقيات التي توصلت إليها قبرص مع دول أخرى مطلّة على البحر المتوسط حول مناطق اقتصادية بحرية.
وقالت الخارجية التركية في بيان إن “أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية التي نقوم بها شرق المتوسط لها بعدان رئيسيان، هما حماية حقوقنا في جرفنا القاري، وحماية حقوق القبارصة الأتراك الأصحاب المشتركين للجزيرة، إذ لهم نفس الحقوق في الموارد الهيدركربونية بالجزيرة”.
” BBC “