النساء على رأس بعثة الهند إلى القمر
العالم الآن – تتأهب الهند لإرسال أولى بعثاتها إلى القمر اليوم، بعدما قررت إلغاء إطلاق إحدى مركباتها الفضائية قبل فترة وجيزة من مغادرتها الأرض في رحلة إلى القمر، كان مقرراً لها تاريخ 15 يوليو (تموز) الحالي.
وقال كيه سيفان، رئيس وكالة الفضاء الهندية: «إن بعثة (تشاندرايان – 2) تعتبر من أكثر مشروعات الفضاء تعقيداً في البلاد حتى الآن، ولقد تأخر إطلاقها بسبب ملاحظة عطل فني في المركبة. ولقد اتخذ القرار لاعتبارات الأمان قبل ساعة واحدة من الإقلاع المخطط له».
وتعتبر بعثة «تشاندرايان – 2» (أو مهمة القمر) هي أول بعثة هندية روبوتية معقدة إلى الفضاء، وهي البعثة الفضائية الأولى التي ترأسها النساء بالكامل، كما أنها أول بعثة فضائية هندية تُجري هبوطاً هادئاً على منطقة القطب الجنوبي للقمر. وكانت المركبة المدارية، ومركبة الهبوط، والمركبة الطوافة قد صُممت وبُنيت بالكامل في الهند. وتسيطر وكالة الفضاء الهندية على المركبة المدارية التي تدور حول القمر لمدة عام كامل، على مدار يبلغ 100 كيلومتر من سطح القمر. وتحمل المركبة الفضائية كلاً من مركبة الهبوط والطوافة الآلية. وتتوقع الوكالة أن تعمل الطوافة الآلية على سطح القمر لمدة 14 يوماً كاملة، أي ما يوازي يوماً قمرياً واحداً.
– القيادات النسائية
للمرة الأولى في تاريخ الهند، سوف تُدرج أسماء اثنتين من علماء منظمة أبحاث الفضاء الهندية (وكالة الفضاء الوطنية) في التاريخ الهندي، بوصفهما الوحيدات اللائي يترأسن مهمة فضائية رفيعة المستوى في أي مكان حول العالم.
تقود العالمة موثايا فانيثا البعثة الهندية الثانية إلى القمر، ومن ناحية أخرى لدينا العالمة ريتو كاريدهال التي تشغل منصب مديرة البعثة. ولم يحدث من قبل في تاريخ البلاد أن تولت امرأة هندية مثل هذا العمل رفيع المستوى وبالغ الأهمية. والعالمتان في الأربعينات من العمر. ولقد كانتا جزءاً من عدة عمليات إطلاق فضائية سابقة، بالإضافة إلى العمل على تطوير أنظمة فرعية للأقمار الصناعية الوطنية. كما حازت السيدة فانيثا على جائزة أفضل عالمة هندية في عام 2006. وجرت الإشادة بالسيدة ريتو باعتبارها واحدة من عالمات الصواريخ الفضائية المعدودات في الهند، والتي لعبت دوراً حيوياً في بعثة المريخ الفضائية لعام 2013.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن نحو 30 في المائة من فريق العمل في هذه المهمة الفضائية يتألف من النساء، على نحو ما أفاد رئيس وكالة الفضاء الهندية (إيسرو).
– التكاليف المنخفضة
حازت وكالة الفضاء الهندية على سمعة عالمية مرموقة، إثر البعثات الفضائية المتقدمة التي نفذتها بجزء صغير من التكلفة التي تكبدتها بلدان أخرى في المجال نفسه. وليست بعثة القمر الراهنة استثناء من ذلك. فسوف تكلف نحو 145 مليون دولار فقط. وهو مبلغ يقل بكثير عما يجري إنفاقه في إنتاج أحد الأفلام السينمائية في هوليوود الأميركية.
وبالمقارنة، أنفقت الولايات المتحدة الأميركية، وهي الدولة الأولى والرائدة في مجال الهبوط البشري على سطح القمر، نحو 100 مليار دولار (بالأسعار الحالية) على بعثات «أبوللو» التي بلغت 15 بعثة فضائية في مجملها. كما أنفق الاتحاد السوفياتي، وكان أول دولة تطلق الأقمار الصناعية إلى الفضاء في عام 1957، وأول من أرسل مسباراً غير مأهول إلى الفضاء في عام 1966، أكثر من مليار دولار أميركي (بالأسعار الحالية) في فترة ستينات وسبعينات القرن الماضي. أما الصين، التي نجحت في إرسال مسبار فضائي على الجانب البعيد المظلم من القمر في يناير (كانون الثاني) الماضي، فقد أنفقت ما يقرب من 8.4 مليار دولار على برنامجها الفضائي في عام 2017.
– تفاصيل البعثة
تعتبر بعثة «تشاندرايان – 2» هي متابعة للبعثة الهندية الأولى باسم بعثة «تشاندرايان – 1» المدارية القمرية، والتي دخلت التاريخ من خلال الكشف عن الجزيئات الحاملة للماء في أقطاب القمر، مع أعلى التركيزات المكتشفة داخل الفوهات المظللة بشكل دائم في قطب القمر الجنوبي.
وبعد مرور ثمانية أعوام من فقدان أنباء البعثة الهندية الأولى، أعاد علماء وكالة «ناسا» الأميركية اكتشاف أن المسبار القمري الهندي لا يزال يطوف في مداره حول القمر، وذلك في عام 2017. ووجد العلماء أن «تشاندرايان – 1» يستخدم تقنية رادارية أرضية جديدة.
ومن المعروف عن المناطق القطبية في القمر أنها تضم كثيراً من الفوهات الكبيرة والحفر الصغيرة، التي تتراوح في أقطارها بين بضعة سنتيمترات وعدة آلاف من الكيلومترات. ومن شأن هذه الفوهات والحفر أن تجعل من عمليات الهبوط على سطح القمر أكثر مجازفة وخطورة. كما أن تلك المنطقة باردة للغاية، إذ تصل درجات الحرارة فيها إلى «- 200 درجة مئوية». وعلى العكس من كوكب الأرض، فإنه ليس للقمر ميل حول محوره. فهو يكاد يكون منتصباً، بسبب أن بعض المناطق القطبية في القمر لا تصلها أشعة الشمس. وبالتالي، فإن أي شيء يبلغ هذه المناطق يتجمد وإلى الأبد. ويعتقد العلماء أن الصخور الموجودة داخل الفوهات القمرية يمكن أن تكون لها سجلات أحفورية تكشف مزيداً من المعلومات عن المراحل المبكرة من تكون نظامنا الشمسي.
وفي كلمته إلى الأمة من أمام أسوار القلعة الحمراء، في ذكرى يوم الاستقلال الثانية والسبعين في أغسطس (آب) من عام 2018، أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن الهند اتخذت قراراً بإرسال مركبة فضائية مأهولة، بحلول عام 2021 – 2022.
وسوف تكون الهند هي الدولة الرابعة على العالم التي تنفذ هكذا مهمة. وحتى الآن، لم تتمكن دول، سوى الولايات المتحدة، وروسيا، والصين فقط، من إرسال البعثات الفضائية البشرية.
وتمكنت وكالة الفضاء الهندية من تطوير بعض التقنيات المهمة، مثل قدرات إعادة دخول البعثة، ونظام هروب طاقم البعثة، ووحدة ضبط وتهيئة الطاقم، ونظام الحماية الحرارية، ونظام التباطؤ والطفو، والنظم الفرعية المعنية بدعم الحياة، وما إلى ذلك مما هو مطلوب وضروري في برنامج الفضاء الهندي.
وتقول وكالة الفضاء الهندية، إن مهمة مركبة المدار سوف تستمر لمدة عام كامل، وتقوم بالتقاط الصور فائقة الدقة، ومسح سطح القمر بالرادار وأجهزة التصوير الطيفية، بحثاً عن إشارات وجود الجليد المائي هناك. وللمرة الأولى، يمكن لطوافة المركبة «تشاندرايان – 2» فحص المواد القديمة في قشرة سطح القمر التي خرجت بفعل التصادم الهائل، الذي أسفر عن تكون حوض القطب الجنوبي المعروف باسم «حوض آيتكين»، مما يوفر مزيداً من البيانات التي تشير إلى أدلة حول تاريخ الفوضى المبكرة للنظام الشمسي قبل استقراره.
” الشرق الاوسط”