غارات على شمال غرب سوريا تودي بحياة 27 شخصاً
العالم الآن – قتل 27 شخصاً على الأقل في غارات روسية على سوق في شمال غرب سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلا أن موسكو نفت تنفيذ الغارات، في وقت تتعرض المنطقة لقصف مستمر منذ نحو ثلاثة أشهر.
وتشهد محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، تصعيداً في القصف السوري والروسي منذ نهاية نيسان/أبريل، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الإثنين عن شن طائرات روسية غارات عدة “استهدفت سوقاً لبيع الخضار بالجملة وأبنية في محيطه في مدينة معرة النعمان” في ريف إدلب الجنوبي.
وتسبّب القصف وفق المرصد، بمقتل 27 شخصاً على الأقل هم 25 مدنياً ضمنهم طفلان، و”اثنان مجهولا الهوية حتى الآن”. كما أصيب 45 آخرون بجروح، حالات بعضهم حرجة، بينما تستمر عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض.
وكانت حصيلة سابقة للمرصد افادت بمقتل 23 شخصاً.
وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) أن أحد متطوعيها في عداد القتلى.
ووصفت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته وكالة “تاس” الحكومية اتهامها بشن الغارات بـ”تصريحات كاذبة”. وشددت على أنّ “القوات الجوية الروسية لم تنفذ أي مهمات” في تلك المنطقة من سوريا.
في معرة النعمان، شاهد مصور متعاون مع فرانس برس مدنيين يساعدون رجال الإنقاذ على حمل جرحى غطت الدماء أجسادهم ونقلهم إلى سيارات الإسعاف.
ويساعد رجلان، على بنطال أحدهما بقعة دماء، رجلاً ثالثاً على السير وسط شارع مدمر، ويبدو أنه تم سحبه من تحت الأنقاض، إذ يكسو الغبار وجهه وثيابه. ويمشي خلفهم رجل آخر ملتح تغطي الدماء يده اليسرى.
ويظهر في إحدى الصور شاب يشير إلى جثة رجل على الأرض قرب دراجة نارية متفحمة، بينما يحمل رجل حافي القدمين طفلة صغيرة وتسير قربه سيدة ورجلان يحملان طفلين على الأقل ويبدو الدمار خلفهم.
وحصل القصف وفق ما أوضح رئيس المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان بلال ذكرى لوكالة فرانس برس عند “الساعة الثامنة صباحاً (05,00 ت غ)، في وقت يخرج فيه الناس لقضاء حاجاتهم وإلى أعمالهم”.
وتمسك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بزمام الأمور إدارياً وعسكرياً في محافظة إدلب ومحيطها، حيث تتواجد أيضاً فصائل إسلامية ومقاتلة أقل نفوذاً.
وترد الفصائل المقاتلة باستهداف مناطق تحت سيطرة قوات النظام. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” الإثنين عن مقتل “سبعة مدنيين بينهم طفلتان باعتداء ارهابي بقذيفة صاروخية” على قرية ناعور جورين في ريف حماة الشمالي.
– رسالة من الفاتيكان –
وجاءت حصيلة القتلى الإثنين غداة مقتل 17 مدنياً بقصف سوري، بالإضافة إلى مقتل مدني آخر بغارات روسية على مدينة خان شيخون، هو أنس الدياب (22 عاماً) المتطوع في منظمة الخوذ البيضاء ومصور فوتوغرافي ومصور فيديو تعاون مع وكالة فرانس برس.
ومنذ بدء التصعيد نهاية نيسان/أبريل، قتل أكثر من 650 مدني جراء القصف السوري والروسي، فيما قتل 53 مدنياً في قصف للفصائل المقاتلة والجهادية على مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، وفق المرصد السوري.
ودفع التصعيد أكثر من 330 ألف شخص الى النزوح من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة. وباتت مناطق بأكملها في ريف إدلب الجنوبي بينها مدينة خان شيخون شبه خالية من سكانها.
وأبلغ الفاتيكان الإثنين دمشق قلقه إزاء وضع المدنيين في إدلب. وأعلن في بيان مقتضب أن وزير الشؤون الاجتماعية الكاردينال بيتر تركسون التقى برفقة السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري الرئيس بشار الأسد صباح الإثنين. وسلماه رسالة من البابا فرنسيس أعرب فيها عن “قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني في سوريا، وبشكل خاص الظروف المأساوية للمدنيين في إدلب”.
ويأتي التصعيد الأخير رغم كون المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه.
وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ شباط/فبراير قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية اليها لاحقاً.
وحثّت الأمم المتحدة الإثنين أطراف النزاع كافة على “تهدئة الوضع في شمال غرب سوريا وإعادة الالتزام بوقف اطلاق النار”.
وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الإقليمي التابع للأمم المتحدة دايفيد سوانسون لفرانس برس إنّ المنطقة “باتت سريعاً واحدة من أخطر الأماكن في العالم حالياً بالنسبة إلى المدنيين والعاملين الإنسانيين”.
– سياسة “الضغط” –
ويتزامن القصف الكثيف مع “معارك كر وفر واستنزاف” بين قوات النظام والفصائل في ريف حماة الشمالي، من دون أن تتمكن دمشق من تحقيق أي تقدم استراتيجي وفق المرصد.
ويعرب الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر عن اعتقاده بأن “كل طرف يحاول الضغط على الطرف الآخر، إما عن طريق الشركاء السوريين على الأرض” عبر المعارك أو “بشكل مباشر في حال القصف الروسي على مناطق إدلب”.
ويقول هيلر لفرانس برس “على ما يبدو، كان قرار روسيا بدعم هجوم الجيش السوري على أطراف منطقة خفض التصعيد في ريف حماة الشمالي في بادئ الأمر محاولة لإبعاد مسلحي إدلب عن قاعدة حميميم وبعض المناطق المحاذية لإدلب” لكن الوضع بات اليوم عبارة عن “اشتباكات وهجمات متبادلة بين الطرفين”.
ومن المتوقّع، وفق هيلر، أن تستمر هذه الهجمات “حتى يتوصل الطرفان التركي والروسي إلى حل يهدئ الجبهات والقصف، ومن ثم إقناع شركائهما السوريين على الأرض بذلك”.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى الى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
” أ ف ب “