التعصب الحزبي – فاروق عدنان – لبنان
العالم الآن – تنتشر ظاهرة التعصب الحزبي في مختلف المناطق اللبنانية وخصوصا عبر خطابات شد العصب الطائفي، التي تساهم في تجنيد العنصر الشاب تحت شعار الطائفة أو الدين. وتستمد هذه الظاهرة قوتها من خلال منظومة الفساد التي تنخرط بها القيادات الحزبية. التعصب الحزبي يأتي نتيجة المساعدات التي تقدمها التيارات السياسية للمواطن اللبناني وانما يقع جزء من اللوم على المواطن الذي لا يدرك أن تلك الهبات هي تقديمات من حقوقه اي واجب الدولة إقرار قوانينها والعمل بها، كالضمان الاجتماعي، الرعاية الصحية، الدراسة المجانية، الحد الأدنى للأجور وغيرها من شبه مساعدات تقدمها الأحزاب لعيش المواطن حياة كريمة.
“ينشئ التعصب الحزبي نتيجة السياسة التجوعيّة التي تهدف للتحكم بالمناصريين الحزبيين”
كثر في السنوات الاخيرة العديد من ظواهر التعصب الحزبي من رفع اعلام الاحزاب بألوانها المختلفة دون رفع العلم اللبناني، وتبعين الموظفين الحكوميين حسب اللون السياسي ، و ارتداء الملابس والقبعات التي تحمل شعارا حزبيا لزعيم ما كإثبات للهوية الحزبية لمرتدي هذه الملابس ، مما حذا بالكثير من التجار بإستغلال ظاهرة التعصب الحزبي والعمل على الترويج لها بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة من خلال تصميم السلاسل والقلادات التي يكتب عليها شعارات الاحزاب وصور قادتهم ، والتي ساهمت في تجسيد ظاهرة التعصب الحزبي من خلال ارتداء الشباب لها كتقليد أعمى في سن المراهقة في المدارس والجامعات اوتعاطفا مع الطوائف اللبنانية اونوعا من رد الجميل للمساعدات التي يقدمها قادة الاحزاب اللبنانية ، وإن كان الغالبية العظمى من هذه المجموعات الشبابية لا تنتمي لاي حزب سياسي ولكنها توهم من يشاهدها بأنها منتمية .. المنتمي للحزب السياسي ليس بحاجة لاظهار هويته السياسية للمارة بل من خلال النشاطات الحزبية ومن خلال النضال الحزبي كل في موقعة.
فالمواقف السياسية العدائية تستلزم وجود هالة من الحشود الشعبية الكبيرة للتعبير عن التضامن أو المطالبة بقضية معينة. فكيف إذا كان زعيم الحزب العطوف يقدم مساعدات و هبات مجانية لعناصر الحزب؟ هنا يقع المواطن في فخ الانتماء الحزبي فعليه الاختيار بين لقمة العيش ومناصرة الحزب أو عدم خوضه غمار الانتماء والعيش في فقر وعوز.
من يعزز التعصب الحزبي؟
التزمت بالدين يؤدي الى إرتفاع العصب الحزبي، فتحت ذريعة الحفاظ على البقاء، يظهر “مخلّص” الطائفة والفارس الجبار للدفاع عن حقوق أبناء الطائفة المضطهدة. مثال على الساحة اللبنانية وفي المجتمع الدرزي التقليدي التعصب لدار المختارة أو لدار المير، في هذه الأوقات العصيبة و ضمن سياسة التضييق على طائفة الموحدين الدروز يظهر النائب وليد جنبلاط أو النائب طلال ارسلان كالمخلص الوحيد في وجه سياسة التحجيم التي تتبعها باقي القوى للسيطرة على الساحة السياسية. المناصرين و حفاظا على المساعدات التي يقدمها الزعيم ليس لديهم الخيار الا التصفيق وقبول التناحرات الحزبية التي تصب دوما بمصلحة الزعيم.
بالعودة الى البداية يقع اللوم على الاهل الذين يصبغون انتماء ابنائهم حتى قبل الولادة, ففي المجتمع اللبناني التقليدي نجد الانتماء الجماعي الطائفي لحزب معين من اسس البيئة الاجتماعية التي يسيطر عليها التقسيم الديموغرافي.
فلا حق للاولاد او الشباب بالاختيار العقائدي وإلا اصبحو مغردين خارجين عن السرب, وهذا ما يتنافى مع اخلاقيات الابن الشرقي الصالح. دور الشباب اللبناني الحالي يقتضي بالتصفيق للزعماء الذين إختارهم آبائنا كالمثل اللبناني الشهير
“فالاباء يأكلون الحصرم والاولاد يضرسون”
بقلم فاروق عدنان