مجسات أردنية لبنانية – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – ها قد وصلنا إلى مرحلة الشروع بتنفيذ خطة السلام الأمريكية ، أو ما تعرف بـ “صفقة القرن”، فيما يتعلق بجزئية إغلاق ملف حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وبالذات الذين يحملون الجنسية الأردنية ، من خلال تنفيذ برنامج المواطنة ، إضافة الى تهجير اللاجئين والنازحين والمقيمين الفلسطينيين في لبنان .
في الأردن ، و لغايات تنفيذ البرنامج السياسي(المواطنة) القائم على المحاصصة بين الأردنيين، والأردني من أصول فلسطينية، ولغاية تقدير الحال ، أطلق الأردن ” مَجسًّا ” لمعرفة ردود الأفعال حول البرنامج ، حيث عقد الأسبوع الماضي وزير الداخلية سلامة حماد سلسلة اجتماعات مع اللجنة القانونية في مجلس الأمة لمناقشة التعديلات المقترحة على قانون الأسلحة والذخائر ، ليصار إلى سحب قطع السلاح ( الفردي ) غير المرخص من الأردنيين ، وحظر حمل واقتناء جميع أنواع الأسلحة بما في ذلك المرخصة ، وإعطاء المواطنين مهلة ستة أشهر لتسليم أي سلاح رشاش بحوزتهم، والتي قدرت الحكومة عددها بـ 10 ملايين قطعة سلاح ، بعد أن ضاعفت الاحداث في سوريا أعدادها .
وأظهر هذا ” المجس الأردني ” أن قرار سحب السلاح – الذي هو في الواقع قرار مواطنة – قوبل بالرفض والمعارضة من قبل العشائر الأردنية ، مما أعطى دلائل ومؤشرات إلى التخوف من زعزعة الاستقرار في الأردن في حال التعنت في تطبيقه، ودعا الحكومة الى الطلب من شخصيات ذات وزن وثقل سياسي على مستوى رئيس ديوان ملكي ، ووزراء سابقين لمعارضة القرار ورفضه ، الى جانب الاستعانة بعدد من الكتاب والصحفيين ” لتمييع” الرفض العشائري الشعبي للقرار .
وفي لبنان ، وبالتوقيت ذاته، بادرت الحكومة هناك بنشر مجساتها لقياس قوة الوجود الفلسطيني في لبنان ، حيث كان آخر عهد لهم اطلاعوا فيه على قوة الفلسطينيين هو الحرب الاهلية التي شهدتها لبنان في عام 1974 ، وحتى تتمكن الحكومة اللبنانية من إيجاد بيئة سياسية غير معارضة على “الصفقة”، كان عليها اللجوء إلى نزع سلاح المقاومة (اللبناني ، والفلسطيني) ، وإخراجه من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، حتى لا يبقى مصدر قلق للكيان الإسرائيلي ، فجاءت الخطوة الأولى لقياس قوة الوجود الفلسطيني
في لبنان ، اطلق وزير العمل اللبناني كميل ابو سليمان “مجسًّ ” إقفال محال التجار الفلسطينيين ومنعهم من العمل ، والحظر على أرباب العمل تشغيل اللاجئين الفلسطينيين دون الحصول على تصريح ، إلى جانب إغلاق مؤسسات ومنشآت فلسطينية لا تتوافر لديها التصاريح اللازمة للعمل .
إلا أن المجس اللبناني ، حاله حال الأردني ، حمل مفاجأة في معرفة أن فلسطينيي لبنان لا يشكلون قوة فقط ، إنما هم منظمون أيضا ، وظهر ذلك من خلال ردود فعل التجمع الفلسطيني القاضي بسحب مليار دولار من البنوك اللبنانية ، ليضغطوا على الحكومة اللبنانية التي تحاول من هذا القرار التضييق على الفلسطينيين لإجبارهم على مغادرة الاراضي اللبنانية ، وتسهيل هجرتهم وتفكيك المخيمات ، من خلال توفير ممرات أمنة لهم إلى بلدان اوروبية ، اعلنت استعدادها لاستقبال اعداد كبيرة منهم بهدف اغلاق ملف حق العودة ، وبالتالي طي هذا الملف نهائيا،بحيث لا يطالب أحد بالعودة الى الأراضي المحتلة..
في النتيجة ، مجسات الاردن ولبنان أظهرت معارضة في التنفيذ ، الأمر الذي قد يدفع هاتين الدولتين اللجوء إلى القوة لفرض القرار ، وبالتالي سيحدث ما تخشاه من مواجهات بين المواطنين والحكومات ،الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة الامن واستقرار في الدولتين.
ويبقى الأمل ، بافشال “صفقة القرن” ، لأنها ليست قدرا محتوما علينا ، لوجود قوى ( أردنية- لبنانية – سورية ) رافضة للصفقة والتوطين ، مرتكزة على الوعي ( العربي – المسلم –المسيحي ) ، والأهم من كل ذلك التمسك الفلسطيني بالحقوق كاملة دون أي نقصان.