حرية التعبير ليست جريمة – نور كاشور / الأردن
العالم الآن – في الوقت الذي يرفض به الأردن صفقة القرن، وموقف الحكومة الرسمي منها والذي يبدي رفضًا شديدًا، إلا أن منذ أكثر من شهر يقبع صهيب نصرالله، ومحمد أبوعجاج، ومالك الجيزاي في السجن على خلفية هتافات أطلقوها في المسيرة التي خرجت ب21 حزيران الماضي في العاصمة الأردنية عمان، المناهضة لما يعرف بصفقة القرن ومؤتمر البحرين، والتي دعت لها كافة القوى والأحزاب السياسية الأردنية.
حيث تم القاء القبض على الشبان الثلاثة يوم 26 حزيران الماضي، ومن ثم توقيفهم من قبل مدعي عام أمن الدولة باليوم التالي، أي 27 حزيران الماضي على ذمة التحقيق، بتهمة ” تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية ” ،وذلك حسب الفقرة (ب) من المادة الثالثة من قانون منع الإرهاب التي تعتبر أعمالًا إرهابية : “القيام بأعمال من شأنها تعريض المملكة لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية أو تعرض الأردنيين لخطر أعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم”.
لكن عندما يصبح النص القانوني مصيدة للمواطنين فهل ذلك يفقده المشروعية؟
تقول محامية الموقوفين نور الإمام : “بأن هذه التهمة ما هي إلا تهمة مغلّظة جدًا جدًا بحق أشخاص كل الذي قاموا به المشاركة بمسيرة كانت صوت المواطنين ونبض الشارع الأردني فيما يتعلق بصفقة القرن ومؤتمر البحرين، والجميع يعلم موقف الشارع الأردني الرافض لهذا الموضوع، وبنفس الوقت كان يتوائم مع الموقف الرسمي الأردني، وعلى إثر ذلك وجه إليهم مدعي عام أمن الدولة تهمة بالاستناد لأحكام قانون منع الإرهاب وهي المادة 3\ب من القانون والتي تتحدث عن تعريف الأعمال الإرهابية وتوصف في الفقرة (ب) منها أنه تعكير صفو علاقة المملكة الأردنية الهاشمية بدولة أجنبية”.
على الرغم من أن الأردن وقع على نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على أنه “لا يجوز أن يكون توقيف الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم في أي مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية ولكفالة تنفيذ الحكم”. هذا وأن القانون ينص على أن التوقيف ليس عقوبة، بالإضافة إلى حرص المشرّع على إيجاد بدائل للتوقيف من أجل تعزيز قيمة الحرية، إلا أن محكمة أمن الدولة ترفض تكفيل الموقوفين الثلاث، فبحسب الإمام تم رفض تكفيل الموقوفين الثلاث صهيب نصرالله، ومالك الجيزاوي، ومحمد أبو عجاج، للمرة الثالثة، وهذا يعتبر إضرار بحقهم، ويتنافى مع أحكام مادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تتحدث بمطلعها أن التوقيف ليس عقوبة ولكن بإستمرار التوقيف دون مبرر وبهذا الشكل هو أصبح عقوبة، بالإضافة إلى أن مكان موطن الشبان معروف، فبتالي إطلاق صراحهم لم يؤثر على الأدلة الخاصة بملف الدعوة ، وبإمكانهم تقديم كفالة، ومن بعدها يستطيعوا أن يحضروا جميع الجلسات، هذا وأشارت الإمام أنه عندما عدّل المشرّع الأردني نص المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أوجد بدائل التوقيف وذلك للاستعاضة عن التوقيف بمراكز الإصلاح لتعزيز قيمة الحرية، ولكن للأسف لم تأخذ به محكمة أمن الدولة ورفضت تكفيل هؤلاء الشبان.
وبالنهاية رفض الظلم والقهر يشكل جزءًا كبيرًا من الفطرة البشرية، والتي تولد مع الإنسان، فلا يستطيع أن يغلق فمه أو يقطع لسانه ويبقيه في حلقه، فمن الطبيعي أن يتفاعل الفرد عندنا مع مجريات الأحداث سواء كان مجبرًا أو راغبًا في ظل الأحداث التي نعيشها والتطورات التي تعصف بالمنطقة العربية، والمشروع الأمريكي الهادف إلى تقسيم المنطقة إلى كانتونات لخلق شرق أوسط جديد، ولكن الذي لم أجد له تفسيرًا أو مبررًا هو محاسبة ومعاقبة أشخاص على “هتاف” أي كلام قيل في الفضاء والسماء والهواء الطلق.