مليون مغترب أردني يشاركون فرحة العيد في دول الاغتراب
العالم الآن – تتعالى أصوات تكبيرات العيد في مساجد العالم، يلبي المسلمون النداء في صف واحد يجمعهم روح المحبة والإخاء وألسنتهم تلهج بالدعاء بأن يلم الله شمل الأمة. أردنيون في بلاد الاغتراب، سفراء للوطن في حلهم وترحالهم، في شيم الأصالة والعطاء يتشاركون فرحة العيد مع مسلمين من جنسيات مختلفة، يصنعون ما لذ وطاب من حلويات العيد، يطعمون الجار قبل أهل الدار في صورة تعكس التلاحم والتآخي.
احصائيات وزارة الخارجية تفيد بأن عدد المغتربين الاردنيين في دول الاغتراب يصل نحو مليون مغترب، بحسب الناطق الإعلامي في الوزارة سفيان القضاة.
في الولايات المتحدة الأميركية تعيش الآء أسامة النتشة مع عائلتها، تسعى إلى إيجاد أجواء العيد وبخاصة لأطفالها الثلاثة، وإشراكهم في أنشطة مخيم صيفي تعمل به كمعلمة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، فتعد أنشطة تعليمية وتربوية وترفيهية في ذلك المخيم، كما تحضر أنشطة متخصصة عن العيد قبيل مجيئه، لتهيئة نفوس الأطفال لاستقباله.
وتضيف النتشة أنه يتم صنع دمى خاروف العيد من المنسوجات الصوفية، اضافة الى بناء مجسم فني للكعبة، لتعليم الاطفال مناسك الحج وخاصة الطواف، وبناء مجسم رمزي لجبل يحاكي في شكله جبل عرفات، يصعد عليه الأطفال فرحين بالعيد مدركين لمناسكه وشعائره الدينية من خلال التطبيق والاستماع من أستاذ جامعي متخصص في الشريعة يروي لهم قصة عيد الأضحى المبارك، ثم توزع حلويات العيد عليهم، اضافة الى الهدايا وهي عبارة عن مجسمات فنية للكعبة وخاروف العيد .
وتستكمل حديثها:” في البيت، اقوم بتحضيرات العيد بطريقة متكاملة، فأعد المعمول بمشاركة نوعية من اطفالي ليشعروا ببهجة العيد، كما احرص على شراء ملابس العيد لهم”.
وللعيد نكهة خاصة، بحسب تعبيرها ، قائلة”أحرص على صلاة العيد في المسجد مع عائلتي، نستمع إلى تكبيرات العيد التي تصدح في المكان بجمال صوت المكبّرين ملبين النداء بين يدي الرحمن، وأشعر بين المصلين بأنني ضمن عائلة كبيرة يتألق كل منا بثوب العيد، نتبادل التهاني فيما بيننا، وتلهج ألسنتنا بالدعاء سائلين الله أن يجمع شمل المسلمين أينما كانوا”.
وتبين أن وقت الصلاة قد يطول، بحيث تشعر أنك في احتفالية تتمنى لو أن مراسمها لا تنتهي، وأنت ترى من حولك يوزعون الهدايا والألعاب للأطفال إدخالاً للبهجة وغرس معاني العيد المتجسدة في التلاحم والإخاء بين الناس، وتحفيزا للأطفال على صلاة العيد لما فيها من الثواب والأجر العظيم.
وتروي يومها الأول في العيد “نتناول طعام الافطار مع عائلات مقربة لنا تجمعنا بهم علاقة وطيدة، ويتم بعدها تقديم الهدايا للاطفال”.
وفي المساء “نخرج للترفيه ويلعب الأطفال وغالبا ما نأخذهم الى مدن الألعاب الترفيهية، إذ نحرص على تكثيف برنامجنا في اليوم الأول للعيد، بسبب بهجته ولظروف عمل زوجي التي لا تسمح له باجازة الا ليوم واحد، فأجتمع في اليوم الثاني للعيد مع عدد من السيدات ممن أعرفهن برفقة اطفالهن للتنزه في المتنزهات والحدائق العامة، مع اصطحاب كل واحدة منا لحلوياتها ووجبة الإفطار والشاي والقهوة” بحسب قولها .
وتقول بان رئيس البلدية في منطقتها حضر موقع صلاة العيد وألقى كلمة هنّأ فيها خمسة عشر ألف مصلٍ في المسجد بمناسبة عيد الاضحى المبارك.
أما الذهاب للمطاعم العربية في يوم العيد فله نكهة أخرى، بحسب قولها “إذ نشعر أننا بين أهلنا من خلال أجواء المكان من ديكور وأثاث يميل للصبغة التراثية العربية، والترحيب بالزوار بفنجان قهوة عربية يقدمها رجل بلباسه العربي والأغاني والأهازيج التراثية التي تصدح في ذلك المكان فيما الجميع يتبادل التهاني بالعيد “.
عبير الحموري المقيمة في ألمانيا مع عائلتها، تصنع هي الأخرى أجواء العيد، فتقوم بتحضير المأكولات والحلوى والمعمول، ويوزع أبناؤها الحلوى على عائلات وجاليات عربية، وأخرى أجنبية، تعزيزاً لروح المحبة والإخاء فيما بينهم، بحسب تعبيرها.
وتحرص قبل العيد على تزيين البيت بأجواء يسودها فرحة العيد بمشاركة أبنائها، وتقوم بشراء ملابس العيد والهدايا لابنائها ولأبناء جيرانها، كما يقومون بإعداد هدايا تذكارية للزائرين والمهنئين في العيد.
رشا اليعقوب، المقيمة مع عائلتها في ماليزيا لغايات استكمال دراسة الدكتوراه، تقول أن ما يميز ماليزيا بالرغم من التنوع الديني والعرقي فيها، بأن لكل عيد بهجته وتحضيراته الخاصة، فعيد الأضحى تطول إجازته مقارنة بالاعياد الأخرى، ما يتيح الفرصة للطلاب الدارسين فيها بالسفر إلى أوطانهم لقضاء عطلة العيد بين أهلهم وعائلاتهم.
وتحرص رشا على صنع بعض الحلويات الأردنية والقهوة العربية بالمنزل، وتبادل التهاني مع الاصدقاء والجيران، فاحتفالات العيد في ماليزيا لها طقوس خاصة، إذ يتم الاهتمام عادة بتزين الشوارع بالانوار واللافتات وكذلك الامر بالنسبة للمولات وطوال فترة العيد.
وما تلاحظه رشا في اليوم الأول للعيد توجه العائلات لأداء صلاة العيد مرتدين الزي الرسمي، وما يلفت الانتباه أكثر حرص الزوج والزوجة والأولاد على ارتداء ثوب العيد موحد اللون، وعادة ما يتم التقاط صور تذكارية بالمسجد ومن ثم الذهاب للاحتفال بالعيد مع الأهل وتناول الحلويات التقليدية.
وتشاطرها صديقتها الماليزية نورالهدى أبو بكر الحديث، فتقول “ان التنوع الثقافي والديني أتاح لي التعرف على الثقافات المختلفة، وتناول العديد من الأصناف والحلوى وبخاصة في الأعياد”.
وتشير إلى ان تناول معمول العيد والحلويات الأردنية له مذاق خاص، فيما يتشارك الأردنيون معنا الاحتفالات وتناول حلوياتنا المعروفة “بكويه لابيس” و”كويه كيتاياب”، في جو يسوده الوئام داخل بيوتنا المزينة ونتبادل الهدايا والعيديات والتهاني .
وتقول المهندسة ريم السكر المقيمة مع عائلتها في دبي، أنه بالرغم من تشابه الاحتفالات والتحضيرات للعيد في مختلف الدول العربية، إلا أنهم يصنعون حلوياتهم بطريقة مختلفة.
وتشير إلى أنه من العادات والتقاليد الاماراتية قبيل العيد، إعداد مائدة كبيرة بأصناف متعددة، والمعروفة بالفوالة، ومن ثم دعوة المهنئين بعد شرب القهوة العربية وتناول التمر، لتذوق تلك الأصناف والاستمتاع بها.
كما تقوم الفتيات برسم الحناء بأشكال وألوان مختلفة على ايديهن، وفي اليوم التالي يتم لبس ثوب العيد الجديد والتطيب بالبخور ذي الرائحة الفواحة والإنطلاق إلى المسجد لأداء صلاة العيد، ثم الاجتماع في بيت الجد الذي يسمى “بيت العود”، ومن ثم زيارة الأقارب والحصول على العيديات، ومن ثم الانطلاق الى مدن الألعاب الترفيهية للاستمتاع بالألعاب.
وتشير إلى أن القوة الشرائية قبيل العيد في الاسواق تكون مرتفعة جداً، فالأسواق والمحلات التجارية تحرص على تقديم الخصومات والعروض بمناسبة العيد، فيما يستعد أغلب الناس للسفر لقضاء إجازة العيد في الخارج، فترتفع حينها أسعار التذاكر والحجوزات بشكل كبير، نتيجة للإقبال المتزايد.
الخبير الاجتماعي الدكتور عبدالباسط العزام، بين أهمية المشاركة الثقافية وتبادل الثقافات بين الشعوب، بما يضمن التماسك الاجتماعي، والتقارب فيما بينهم.
وبين أنه في المجتمعات المنفتحة، يبقى التنوع الثقافي أكثر حضوراً وفاعلية، وتبرز قيمة التأثير المتبادل عبر الحوار وتبادل الثقافات والتي تعكسها المكونات المادية كالأطعمة، وغير المادية كالعادات والتقاليد.
وأضاف الدكتور العزام أن صورة المجتمعات تظهر مزيجا من الأجناس تنتمي لعدد من الثقافات وبيئات مختلفة، وهذا الخليط يشكل ثراء في مساحة الروافد الثقافية للمجتمعات، ويمنحها المزيد من الخصوصية والقوة والحيوية.
–(بترا)