تعرف على الأسباب الحقيقية لحرائق الأمازون
العالم الآن – بعد ظهر يوم (الاثنين) 19 أغسطس (آب)، أظلمت السماء بشكل غريب فوق ساو باولو، أكبر مدن البرازيل، واختلط الهواء بالرماد الناجم عن حرائق الغابات في الأمازون مُشكلاً غيوماً حجبت عن الناس أشعة الشمس، وبدأت صور السماء المظلمة تنتشر على موقع «تويتر» بسرعة، لينتبه العالم إلى حرائق الغابات التي تُسمى «رئة العالم».
ويلقي الكثيرون باللوم على توجه الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو باعتباره العامل الرئيسي في الأزمة، وتأتي بعد ذلك عوامل مثل خفض الميزانية الحكومية للأمور البيئية، وتقليص الدعم المقدم إلى مجتمعات الكفاف الأصلية والتقليدية، حسب ما نقلته مجلة «تايم» الأميركية.
فعلى سبيل المثال، قام الرئيس البرازيلي السابق ميشال تامر بتقليص الأموال المخصصة لحماية البيئة وخفض ميزانية الوزارة التي تدعم الأسر العاملة بالزراعة، وخفض ميزانية العلوم الفيدرالية وميزانية وكالة البيئة البرازيلية، ثم واصل الرئيس الحالي بولسونارو هذا الاتجاه، حيث خفض ميزانية وكالة البيئة في أبريل (نيسان) الماضي، ما ترك الأخيرة غير قادرة على تغطية تكاليفها الثابتة، وأصبحت بلا موارد للقيام بالدوريات والإنفاذ المكلفة به.
ويقول متحدث باسم وكالة البيئة، إنه رغم أن ميزانيتها قد أعيدت إلى ما كانت عليه قبل تخفيضات أبريل، فإنها لم تؤد دورها حتى الآن بالشكل المطلوب، وذلك نتيجة نقص التمويل ورغبة الإرادة السياسية، حيث قام الرئيس بولسونارو في وقت سابق من هذا العام بفصل أحد أعضاء الوكالة الذي كان غرّم بولسونارو منذ سنوات بسبب قضية «صيد غير قانوني».
وعلى المنوال نفسه، بعد أن أصدرت وكالة الفضاء البرازيلية بيانات جديدة عبر الأقمار الصناعية تُظهر زيادة بنسبة 278 في المائة في عمليات إزالة الغابات في يوليو (تموز) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، عزل بولسونارو رئيس الوكالة، قائلا إنه يريد بهذه البيانات تشويه صورة البلاد.
بدوره، زاد القطاع الزراعي من الضغوط في اتجاه إزالة الغابات. فقد وضعت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين البرازيل في موقع جيد لتحل محل الولايات المتحدة كرائد عالمي في صادرات فول الصويا، ولقد خلق الطلب على فول الصويا ضغطاً لإزالة الغابات بسرعة.
وفي الوقت نفسه، كان الرئيس يتحدى بانتظام الانتقادات بشأن السياسات البيئية لحكومته بطريقة يرى البعض أنها تتغاضى عن إزالة الغابات. ويقول رئيس إحدى المنظمات البيئية غير الحكومية إن مثل هذا الخطاب يحفز على إزالة الغابات بصورة غير قانونية لأنه «يمكن للمزارعين المضي قدماً في الحرائق غير القانونية، ولن يكون هناك أي نوع من أنواع المراقبة أو الغرامات».
وهناك دلائل أخرى تشير إلى أن هذه الحرائق الأخيرة قد تكون – جزئياً – نتيجة لنشاط المزارعين ومربي الماشية، حيث قاموا في العاشر من أغسطس (آب) بإشعال النار في الغابات لإخلاء الأرض، للرعي وللزراعة، وكان هدفهم بحسب صحيفة محلية برازيلية، أن يُظهروا لبولسونارو أنهم يريدون العمل.
وفي الوقت ذاته، قلصت إدارة بولسونارو من قوة الشرطة البيئية. فخلال السنوات القليلة الماضية، عندما كانت وكالة البيئة البرازيلية تقوم بدوريات في الريف بحثاً عن الانتهاكات، كانت ترافقهم الشرطة العسكرية لضمان سلامتهم، حيث تصنف البرازيل كواحدة من أخطر الدول في العالم بالنسبة لنشطاء البيئة.
ولكن هذا العام، بعد فترة وجيزة من مظاهرات للاحتجاج على إجراءات وكالة البيئة، تم إلغاء مرافقة الشرطة العسكرية لحملات حماية البيئة، وهو ما جعل عملاء وكالة البيئة معرضون لخطر أكبر، كما أنه تصرف فُهم كـ«إذن ضمني لخرق القانون».
وهناك دلائل قوية على أن بولسونارو سوف يستمر في دعمه لتوسيع عمليات التعدين والزراعة على نطاق كبير في منطقة غابات الأمازون، وهو أمر مدمر بالنسبة للسكان الأصليين، وأيضاً كارثة محتملة للبيئة. فوفقاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخراً، فإن غابات الأمازون تمثل حصناً ضد تغير المناخ العالمي.
” الشرق الاوسط”