الأورومتوسطي: على السلطة الفلسطينية الاستجابة لحاجات الأشخاص التوحُديين دون تمييز أو تهميش

0 283

العالم  الان-  أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم عن أسفه البالغ، إزاء استمرار حالة الإهمال والتهميش في تأهيل ودعم علاج الأطفال الفلسطينيين المصابين بمرض التوحد.

وقال الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان بهذا الخصوص أنه رغم أن الحكومات الفلسطينية مثقلة بأولويات متعددة، إلا أن عليها الاستجابة لحاجات الأطفال المصابين بمرض التوحد وتوفير العلاج والرعاية المناسبة لهم كأولوية أساسية، وأن تعكف على تطوير خططها وبرامجها لمواجهة رقعة المرض الآخذة في الاتساع في الأراضي الفلسطينية.

ومرض التوحد هو اضطراب نمائي يتسم صاحبه بقصورٍ واضح في الإدراك ونزعة انطوائية شديدة تعزله عن الوسط الذي يعيش فيه، وهو يصيب الأطفال ويتم اكتشافه في أول ثلاث سنوات من عمر الطفل.

وأضاف المرصد الحقوقي الدولي إنّ إهمال وتهميش علاج مرضى التوحد يخالف اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، داعيا إلى التحقيق الجدي فيما أفادت به مواطنة في الضفة الغربية حول حادثة تسييس عملية علاج طفلها المصاب بمرض التوحد لما تمثله من خرق محتمل لتوصية الأمم المتحدة لسنة 2008، التي تهدف إلى محاربة كل أشكال الجهل والتهميش والتمييز ضد الأشخاص التوحُديين.
ووفق إفادة والدة الطفل إسلام اشتية، تعرّض إسلام (ستة أعوام) للتعنيف داخل جمعية لتأهيل الأطفال المصابين بمرض التوحد قبل بضعة أيام، ولم يخرج إلى المدرسة مع بدء العام الدراسي الجديد مثلما فعل أقرانه الصغار في الحي الذي يقطنه.

وتوجهت والدة إسلام عقب تعنيف طفلها إلى مديرية التنمية والشؤون الاجتماعية في نابلس وشرحت ما حصل بالجمعية، وأطلعتها على وضع أسرتها الاجتماعي والحالة الاقتصادية وأخبرتها بأنها تسكن في بيت مستأجر، وأنّ والد إسلام أسير لدى السلطات الإسرائيلية منذ عام ونصف”.
لكن السيدة الفلسطينية قالت إن المسؤول الحكومي الذي قابلته سألها عن الحزب الذي ينتمي زوجها له وطالبها بالتوجه للحزب من أجل مساعدة إسلام وتسجيله بمركز التأهيل ودفع الأقساط المالية اللازمة لعلاجه.

ووفق والدة إسلام فإنّ طفلها يتلقى العلاج مذ كان عمره سنة واحدة وحتى الآن، ويستطيع أن يتخلص من هذا المرض في حال استمر في العلاج، لكنّها لا تستطيع تحمّل تكاليف علاجه، إذ تبلغ حوالي ١٣ ألف شيقل سنويا (3500$) دون احتساب تكاليف المواصلات من منزلها إلى مقر مركز التأهيل.

من جانبها، أوضحت مديرية التنمية والشؤون الاجتماعية في نابلس في اتصال مع الأورومتوسطي أنّها شكّلت لجنة للوقوف على حيثيات الواقعة، وأنّها ستنشر قريبًا تقريرًا تستعرض فيه حقيقة ما حدث مع والدة الطفل إسلام اشتية.

ولا توجد أي إحصائيات دقيقة لعدد المصابين بمرض التوحد في الأراضي الفلسطينية، لكن تقديرات غير رسمية أشارت إلى أن أعدادهم وصلت إلى خمسة آلاف طفل، بينما بيّنت الأمم المتحدة في تقرير صدر نهاية العام الماضي، أن حوالي 1% من سكان العالم مصابون بمرض التوحد، أي حوالي 70 مليون شخص.

وحتى عملية علاج الأطفال المصابين بمرض التوحد وفق منهج علمي بمراكز متطورة في الأراضي الفلسطينية لا يزال محدوداً ويتطلب تكاليف مالية باهظة الثمن، وليست في مقدور الأسر الفقيرة والمتوسطة دفع تلك التكلفة، بالإضافة إلى أن الكوادر في البعض منها غير مؤهلة للتعامل مع أطفال التوحد، حيث إنهم قد يتلقون معاملة سيئة.

وفي قطاع غزة الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة يتردد الأطفال المصابون بمرض التوحد برفقة ذويهم على مراكز تأهيل خاصة، إذ قابل ممثل الأورومتوسطي ذوي سبع حالات خلال هذا الشهر، ومعظمهم اشتكوا ارتفاع تكاليف العلاج وعدم قدرتهم على مواصلة علاج أبنائهم في ظل غياب الدعم الحكومي لهذه الفئة من المرضى.

وقال والد طفلتين مصابتين بهذا المرض إنه واجه صعوبة بالوصول إلى المراكز المتخصصة بالتوحد في البداية، ورغم أنه يتردد على أحد المركز منذ ثلاث سنوات إلا أن آثار العلاج لا تزال ضئيلة.
ويدفع الرجل 400 شيقل شهرياً (115 $) نظير جلسات علاج طفلتيه، ورغم زيارته المتكررة لمراكز أهلية تتلقى دعماً دولياً إلا أنه لم يحصل على أي فرصة للالتحاق ببرنامج تأهيلي مجاني.

وقال آخرون إن إنكارهم للمرض نفسه في البداية نتيجة للعادات والتقاليد تسبب في تأخر علاج أطفالهم، إضافة إلى الظروف المالية الصعبة التي يعانونها وعدم توفر برامج حكومية صريحة لعلاج وتأهيل أطفالهم المرضى.

من جانبها، قالت منسقة الإعلام في الأورومتوسطي “ندى نبيل”: “كما يتأثر الأصحاء في الأراضي الفلسطينية بشكل خاص في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ أعوام، فإن أطفال التوحد وذويهم يواجهون أيضا تحديات خاصة عندما تصبح حياتهم مهددة بسبب عدم توفر التأهيل الصحيح والرعاية الطبية.

وأضافت أنه رغم أن الحكومة الفلسطينية تتحدث عن مشاغل مختلفة في ظل أزمتها الاقتصادية، إلا أن عليها ضمان توفير ودعم وعلاج أطفال التوحد، كما هو موضح في المادة 23 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفي أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدها قادة العالم في عام 2015، وخاصة الهدفين الخامس والسادس.

وأكدت “نبيل” أن حكومة السيد محمد اشتية مطالبة بشكل فوري بفتح تحقيق جدي حول مسألة تسييس علاج الطفل إسلام ومعاقبة المسؤول الحكومي حال إدانته وإعلان ذلك أمام الرأي العام.
ودعا الأورومتوسطي الحكومة الفلسطينية إلى تغيير المواقف السائدة تجاه مرضى التوحد والاعتراف بحقوقهم كمواطنين، أسوة بغيرهم، موضحاً أنه من المهم بعد التعرف على اضطراب طيف التوحد، أن تتاح للمصابين ولأسرهم المعلومات الوجيهة والخدمات والفرص، لإحالتهم إلى المرافق المختصة وتمكينهم من الدعم العملي حسب احتياجاتهم الفردية.

وبين المرصد الحقوقي الدولي أن الاحتياجات في مجال الرعاية الصحية تتسم بالتعقيد، وتستلزم مجموعة من الخدمات المتكاملة، تشمل تعزيز الصحة والرعاية وخدمات إعادة التأهيل والتعاون مع قطاعات أخرى، مثل قطاعات التعليم والعمل والرعاية الاجتماعية.

وشدد الأورومتوسطي على ضرورة تأكيد حكومة السيد اشتية التزامها بتعزيز المشاركة الكاملة لجميع الأشخاص المصابين بالتوحد، وضمان حصولهم على الدعم اللازم لتمكينهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية.

 

 

المرصد الاورومتوسطي

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد