العالم الآن – اجتذب إرث الفنان الإيطالي العالمي ليوناردو دافنشي، زائري مكتبة الإسكندرية، (شمال مصر)، عبر تنظيم معرض فني يسرد جانباً مهماً من إسهاماته الفنية العالمية، بالتعاون مع السفارة الإيطالية والمعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة والمتحف الوطني للعلوم. بجانب لقاء فكري ضم باحثين من مصر وإيطاليا، بالتزامن مع فعاليات دولية أخرى تحتفل بالذكرى الـ500 لوفاته.
وركز المعرض على الإسهامات العلمية لدافنشي عبر إبراز أهم التصميمات الهندسية والمعمارية له، خصوصاً في مجال البناء، كالرافعة الدوارة، وتصميم المدينة المثالية من الناحية الهندسية، كما ضم المعرض نموذجاً مقلداً لمجلد يضم أبرز أعماله الهندسية بشكل عام.
وضم المعرض 18 لوحة من أعمال وتصميمات دافنشي الهندسية التي استوحى بعضها من الطبيعة مثل تخيله لشكل المروحية والتي استلهمها من الأشكال الحلزونية بالطبيعة وسلط المعرض الضوء على اهتمام دافنشي بالطيران فصمم آلة للطيران وأجنحة ومظلة هبوط وقارباً طائراً. إضافة إلى بدلة غوص جلدية تتكون من معطف وسروال وقناع بنظارات زجاجية، وكذلك صمم قفازاً جلدياً يشبه مخالب الطيور.
وقال الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، في افتتاح «الندوة الدولية لإحياء الذكرى الــ500 لرحيل ليوناردو دافنشي… إرث عالمي»، التي تنظمها مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع السفارة الإيطالية والمعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة والمتحف الوطني للعلوم والتكنولوجيا بإيطاليا. إن «ليوناردو دافنشي خلّف للبشرية جمعاء إرثاً إنسانياً عظيماً، ووصفه بحجز الزاوية في تاريخ الفن والعمارة». مؤكداً أنه «أعجب بشخصية ليوناردو دافنشي منذ صغره، فقد كان رمزاً للصبر والإخلاص والتفاني في العمل، وكرّس حياته من أجل مستقبل البشر جميعاً.
فيما عبر جيلدو سامبيري القنصل الفخري لدولة إيطاليا في الإسكندرية، عن سعادته بالحفل قائلاً إن «مكتبة الإسكندرية أعطت الفرصة لدافنشي بأن يعيش في منبع الثقافة والتاريخ بعد مرور 500 عام على رحيله.
وناقش الحضور الذي ضم مصريين وإيطاليين أسباب نجاح دافنشي الذي ترك إرثاً كبيراً في مجالات العمارة، والهندسة والابتكارات والفن، واستعرض الدكتور باولو ساباتيني، مدير المعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة، وأستاذ اللغة والأدب الإيطالي بجامعة عين شمس، أهم أعمال دافنشي، التي تجسد العديد من المعاني والمفاهيم في حياة البشر، أبرزها لوحة الموناليزا الشهيرة، والتي تحولت لأيقونة للجمال الغامض بعدما صور خلالها دافنشي الملامح الإنسانية بوضع مدهش.
وقال ساباتيني: «بالمثل كانت لوحة معاهدة فاوست مع الشيطان وتبدو في الخلفية ذكرى حبيبته والتي أصبحت تمثل كيف يفسد الشيطان حياة الإنسان ويغويه». وأبرز ساباتيني اهتمام دافنشي بالحضارات العالمية التي استلهم منها بعض تقنياته الفنية، وربط ساباتيني بين النقوش والرسومات الفرعونية الدقيقة التي صورت الحياة اليومية وأصبحت أيضاً رمزاً للخلود الأبدي، وقارن بين تمثالي نفرتيتي ولوحة الموناليزا والفرق بين ابتسامة كل منهما، فالأولى توحي بالصرامة والثانية بالغموض، لكن يجمعهما رمزية وجمال وشهرة العملين والقوة الخفية التي يمكن استشعارها بهما.
أما الفنان التشكيلي المصري الدكتور فريد فاضل، فسرد رحلته الطويلة التي دامت 12 عاماً بين أوروبا وأميركا لتتبع أثر ودراسة وأعمال دافنشي الأصلية. قائلاً: «خضت رحلة ثرية داخل عقل وقلب أحد أعظم الرجال في التاريخ، وتملكني خلالها الدهشة والانبهار».
وعدّد فاضل أهم المحاور التي ميزت عقلية دافنشي قائلاً: «الشمولية في التفكير والدمج بين العلم والفن، والفضول وحب المعرفة، أهم ما كان يميز أسلوب حياة وتفكير دافنشي، مما ساعده ليكون عملاق عصر النهضة».
ويرى فاضل أن دافنشي كان دقيقاً في رسوماته وحريصاً على مراعاة النسب، بعد دراسته للتشريح الداخلي والخارجي، إذ قدم تصميمات ونماذج لاختراعات هندسية ومعمارية مميزة، فقد كان يعرف نفسه كعالم وليس فناناً، ولفت إلى أنه كان مولعاً بجمال الطبيعة ويتميز بالإحساس القوي فعندما تغمض عينيك أمام لوحة لدافنشي لعدة ثوان وتعيد فتحها ترى بعداً آخر للوحة؛ وتشعر في بعض اللوحات أن بطلها هو من يختبرك وينظر إليك.
” الشرق الاوسط”