ما بعد الأزمة – سهير جرادات – الأردن
العالم الآن – إن أخطر ما في الأزمة ، ما ينتظرنا بعد انتهائها، سواء أكانت أزمة حقيقية ، أم مفتعلة ، تم استحداثها وتغذيتها لتحقيق غايات معينة ، ولتحقيق هدف يراد الوصول إليه .
مثلا ، في أزمة المعلمين ، علينا أن ننتظر إلى ما بعد نهايتها لمعرفة الغاية منها ، أو من افتعلها ؟! ، ومعرفة إن كانت أزمة حقيقية ، أم أزمة أريد لها أن تصبح بحجم أزمة ؟!.�
بعد انقضاء الأزمة ، ستتضح الصورة ، ونتعرف إلى أسبابها والغايات منها ، بعد الاطلاع على النتائج التي ستخلص اليها ، وقتها سنتعرف إلى الجهات المستفيدة منها، والغاية من
افتعالها .
�لا ننكر أن حال المعلمين ، كحال جميع القطاعات ، سواء القطاع العسكري أو القطاع العام في ضعف وتراجع الوضع المالي ، وتردي الأحوال المعيشية في ظل انخفاض الدخل والأجور مقابل ارتفاع الأسعار ، ولا ننكر أن مطالب المعلمين مشروعة ، وهناك معلمون مرهونة مطالبهم بنية الإخلاص ، هدفهم ( الوحيد ) تحسين وضعهم المالي ، وما له من انعكاسات على أسرهم في مواجهة ظروف الحياة الصعبة ، لكن علينا أن لا ننسى أن هناك عوامل تحرك هذه الرغبات الحقيقية للمعلمين ، وتغذيها سواء من نقابة المعلمين ، أو من قبل جهات لها غاياتها الخاصة من هذا الدعم للمطالب النقابية لتحقيق غايات – في نفس يعقوب – قد تهدف مثلا إلى السير قدما نحو حل النقابة ، بعد ان هددت الحكومة بحلها ، حيث ان تأسيسها لم يكن مرغوبا به ، أو الى تقزيمها وتلقينها والنقابات الأخرى – التي قد تحذو حذوها – درسا بأن لا صوت يعلو على صوت الحكومة ، أو من يحرك الحكومة وينسبها.
وقد يقصد من هذه الأزمة الوصول إلى تنفيذ قرار تنظيم مهنة التعليم ، بعد أن اعترفت الحكومة من خلال تصريحاتها المتكررة حول ضعف التعليم والمخرجات التعليمية ، مما سيترتب على تنفيذ هذا القرار ايجاد أو التعاقد مع جهة منفذة لعمليات التطوير وتحسين الأداء التعليمي للمعلم ، الأمر الذي سيقودنا إلى معرفة الجهات المستفيدة من كل هذه ( الميمعة ) ،التي عشناها وما زلنا نعيشها سواء في شوارعنا ، (وما شهدته من فوضى مقصودة )، أو في مدارسنا التي أصبحت غرفها الصفية خاوية من العنصر الأساس، الطلبة الذين يحركون العملية التدريسية ، وبات الطلبة يرقبون متى سيعودون إلى مدارسهم ويلتقون أصدقاءهم ومعلميهم، ويجلسون على مقاعدهم ويتصفحون كتبهم ويتطلعون إلى مستقبلهم ،أو في منازلنا التي بعد أن تنفست الصعداء لعودة الأبناء للانتظام في الحياة المدرسية ، حتى باتت تعيش في كابوس القلق على مستقبل الطلبة التعليمي ، فيما بات المعلمون يتطلعون إلى اقرار العلاوة وصرفها، التي ستحقق لهم ولعائلاتهم ولو جزءا بسيطا من أحلامهم .
وبالعودة إلى الذاكرة ، ما زلنا نتذكر ،كيف تم تأسيس شركات أمن وحماية خاصة – تعود ملكيتها لشخصية أمنية عريقة – لغايات الاستعانة بها لحماية قطاع البنوك من السطو ، وذلك بعد ما شهده هذا القطاع من عمليات اعتداء وسطو مسلح ..
بعيدا عن التجييش الإعلامي ، والاستعانه بالأعوان من الزملاء ممن يتم التحكم بهم عن بعد ، والإملاء عليهم بتوجهات للتصريح بها ، لتحريك الأمور بالإتجاه المطلوب ، وبعيدا عن الخسارة التعليمية ، علينا أن ننتظر حتى تنتهي الأزمة ، لنحصي الغنائم والخسائر ، ولنتعرف من هو الخاسر ، ومن هو الرابح الأعظم من هذه الأزمة وإن كانت مفتعلة!